وقد ذكر المؤرخون سبب دخول أولئك المنافقين في هذا الباب وقالوا إنهم قبل وقوع التحكيم(2) كانوا مغلوبين لكثرة الشيعة الأولى في عسكر الأمير وتغلبهم، ولما وقع التحكيم وحصل اليأس من انتظام أمور الخلافة وكادت المدة المعينة للخلافة تتم وتنقرض وتخلفها نوبة العضوض رجعت الشيعة الأولى من دومة الجندل التي كانت محل التحكيم إلى أوطانهم لحصول اليأس من نصرة الدين وشرعوا بتأييده بترويج أحكام الشريعة والإرشاد ورواية الأحاديث وتفسير القرآن المجيد، كما أن أمير المؤمنين رضي الله عنه دخل الكوفة واشتغل بمثل هذه الأمور، ولم يبق في ركاب أمير المؤمنين إذ ذاك من الشيعة الأولى إلى القليل ممن كانت له دار في الكوفة.
فلما رأت هاتيك الفرقة الضالة المجال في إظهار ضلالتهم أظهروا ما كانوا يخفونه من إساءة الأدب في حق الأمير وأتباعه الأحياء منهم والأموات، ومع هذا كان لهم طمع في المناصب أيضا لأن العراق وخراسان وفارس والبلاد الأخرى الواقعة في تلك الأطراف كانت باقية بعد في تصرف الأمير وحكومته، والأمير رضي الله عنه عاملهم بما عاملوه.
ولما كانت الروايات من أهل السنة في هذا الباب غير معتد بها لمزيد عدواتهم لفرق الشيعة على حد زعمهم، وجب النقل من كتب الشيعة المعتبرة مما صنفه الإمامية.
ولما نعى الأمير بخبر قتل محمد بن أبي بكر في مصر كتب كتابا إلى عبد الله بن عباس، فإنه كان حينئذ عامل البصرة، وهو مذكور في كتاب "نهج البلاغة" الذي هو عند الشيعة أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى:
Bogga 41