Akhbar Muwaffaqiyyat

Al-Zubayr Bin Bakkar d. 256 AH
77

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Baare

سامي مكي العاني

Daabacaha

عالم الكتب

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Goobta Daabacaadda

بيروت

لَكِنِّي لَمْ أَبْرَحْ مَكَانِي حَتَّى قَضَى الصَّلاةَ، وَدَخَلَ، فَمَا هُوَ إِلا أَنْ دَخَلَ إِذْ خَرَجَ آذِنُهُ، فَقَالَ: أَيْنَ مَالُكُ بْنُ عُمَارَةَ اللَّخْمِيُّ؟ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي مَدَّ يَدَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: إِنَّكَ تَرَائَيْتَ لِي بِمَوْضِعٍ لَمْ يَجُزْ فِيهِ إِلا مَا رَأَيْتَ مِنَ الإِعْرَاضِ وَالانْقِبَاضِ، فَأَمَّا الْآنَ فَأَهْلا بِكَ وَمَرْحَبًا، كَيْفَ كُنْتَ بَعْدَنَا؟ وَكَيْفَ كَانَ مَسِيرُكَ؟ فَقُلْتُ: بِخَيرٍ وَعَلَى مَا يُحِبُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ، قَالَ: أَتَذْكُرُ مَا كُنْتُ قُلْتُ لَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَهُوَ الَّذِي أَعْمَلَنِي إِلَيْكَ. فَقَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمِيرَاثٍ ادَّعَيْنَاهُ، وَلا أَثَرٍ وَعَيْنَاهُ، وَلَكِنِّي أُحَدِّثُكَ عَنْ يَقِينِي بِخِصَالٍ سَمَتْ لَهَا نَفْسِي إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنَا فِيهِ، مَا لاحيْتُ ذَا وُدٍّ، وَلا ذَا قَرَابَةٍ، وَلا قَصَدْتُ لِكَبِيرةٍ مِنْ مَحَارِمَ اللَّهِ ﷿ وَاثِبًا عَلَيْهَا، وَلا مُتَلَذِّذًا بِهَا، وَكُنْتُ مِنْ قُرَيشٍ فِي بَيْتِهَا، وَمِنْ بَيْتِهَا فِي وَسَطِهِ، وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ مِنِّي وَقَدْ فَعَلَ. ثُمَّ قَالَ: يَا غُلامُ بَوِّئْهُ مَنْزِلا فِي الدَّارِ. فَأَخَذَ الْغُلامُ بِيَدِي، وَقَالَ: قُمْ إِلَى رَحْلِكَ إِذَا شِئْتَ، فَكُنْتُ فِي أَخْفَضَ حَالٍ، وَأَنْعَمَ بَالٍ، وَحَيْثُ أَسْمَعُ كَلامَهُ، وَيَسْمَعُ كَلامِي، حَتَّى إِذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ أَوْ عَشَاؤُهُ، أَوْ قَعَدَ لِبِطَانَتِهِ، أَتَانِي الْغُلامُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ صِرْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ جَالِسٌ. فَأَمْشِي إِلَيْهِ بِلا حِذَاءٍ وَلا رِدَاءٍ، فَيَرْفَعُ مَجْلِسِي، وَيَقْبَلُ مُحَادَثَتِي، وَيَسْأَلُنِي عَنِ الْعِرَاقِ مَرَّةً، وَعَنِ الْحِجَازِ أُخْرَى، حَتَّى إِذَا مَضَتْ لِي عِنْدَهُ عِشْرُونَ لَيْلَةً تَغَذَّيْتُ فِي آخِرِهَا يَوْمًا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قَامَ مَنْ حَضَرَهُ، وَنَهَضْتُ لِأَنْ أَقُومَ، قَالَ: عَلَى رِسْلِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، أَيُّ الأَمْرَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ الْمُقَامُ عِنْدَنَا، فَلَكَ النَّصَفَةَ فِي الْمُحَالَفَةِ وَالْعَشِيرَةِ مَعَ الْمُوَاسَاةِ، أَمِ الشُّخُوصُ فَلَكَ الْحِبَاءُ وَالْكَرَامَةُ. قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَارَقْتُ أَهْلِي عَلَى أَنِّي زَائِرٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ أَمَرَنِي بِالْمُقَامِ اخْتَرْتُ فِنَاءَهُ عَلَى الأَهْلِ وَالْوَلَدِ. قَالَ: لا، بَلْ أَرَى لَكَ الرُّجُوعَ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ مُتَطَلِّعُونَ إِلَى رُؤْيَتِكَ، فَتُحْدِثُ بِهِمْ عَهْدًا، أَوْ يُحْدِثُونَ بِكَ مِثْلَهُ، وَالْخَيارُ بَعْدُ فِي زِيَارَتِنَا أَوِ الْمُقَامِ فِيهِمْ إِلَيْكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَسَوْنَاكَ وَحَمَلْنَاكَ، أَتُرَانِي مَلَأتُ يَدَيْكَ أَبَا نَصْرٍ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَاكَ ذَاكِرًا لِمَا وَأَيْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ: أَجَلْ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَذْكُرُ إِذَا وَعَدَ، وَيَنْسَى إِذَا أَوْعَدَ. وَدِّعْ إِذَا شِئْتَ، صَحِبَتْكَ السَّلامَةُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ جَمِيعَ مَا أَمَرَ لِي بِهِ فِي يَوْمِي، ثُمَّ وَدَّعْتُهُ، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ

1 / 77