Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Baare
سامي مكي العاني
Daabacaha
عالم الكتب
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Goobta Daabacaadda
بيروت
وَإِلَى ابْنِ مَرْوَانَ الأَغَرِّ مُحَمَّدٍ ... مَا بَيْنَ أَشْتَرِهِمْ وَبَيْنَ الْمُصْعَبِ
نَفْسِي فِدَاؤُكَ يَوْمَ ذَلِكَ مِنْ فَتًى ... يَكْفِي بِمَشْهَدِهِ مَكَانَ الْغُيَّبِ
٣٥٤ - حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالشَّرْقِيِّ بْنِ الْقَطَامِيِّ، عَنْ أَبِي جَيَّانَ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ: " لَمَّا أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِقَتْلِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَضْرَبَ عَنْ ذِكْرِهِ أَيَّامًا، حَتَّى تَحَدَّثَ بِهِ إِمَاءُ مَكَّةَ فِي الطُّرُقِ، ثُمَّ صَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَجَلَسَ مَلِيًّا لا يَتَكَلَّمُ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا بُدُوُّ الْكَآبَةِ عَلَى وَجْهِهِ، وَإِذَا جَبِينُهُ يَرْشَحُ عَرَقًا.
فَقُلْتُ لِآخَرَ إِلَى جَنْبِي: مَا لهُ، أَتُرَاهُ يَهَابُ الْمَنْطِقَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ خَطِيبٌ أَرِيبٌ، وَإِنُّهُ لتَهُونُ عَلَيْهِ دُهَاةُ الرِّجَالِ عِنْدَ الْجِدَالِ وَالنِّزَالِ فَمَا يَهَابُ؟ قَالَ: أَرَاهُ يُرِيدُ ذِكْرَ مَقْتِلِ سَيِّدِ الْعَربِ الْمُصْعَبِ، فَهُوَ يُقْطَعُ بِذِكْرِهِ، وَغَيْرُ مَلُومٍ.
فَقَامَ فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وِالأَمْرُ، وَمُلْكُ الدُّنْيَا وَالَآخِرَةِ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يُشَاءُ، وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ، وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ.
أَلا وَإِنَّهُ يُذْلِلُ اللَّهُ ﷿ مَنْ كَانَ الْحَقُّ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ فَرْدًا لا نَاصِرَ لَهُ، وَلَمْ يُعْزِزِ اللَّهُ مَنْ كَانَ أَوْلَيَاءُ الشَّيْطَانِ مَعَهُ، وإِنْ كَانَ فِي الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ وَالْكَثْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَإِنْ كَانَ الأَنَامُ طُرًّا مَعَهُ.
إِنَّهُ أَتَانَا خَبَرٌ مِنَ الْعِرَاقِ، أَهْلِ الْغدرِ والشِّقاقِ، سَرَّنَا وَسَاءَنَا، أَتَانَا أَنَّ مُصْعَبًا قُتِلَ رَحَمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَغْفِرُتُهِ، فَأَمَّا الَّذِي أَحْزَنَنَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ لِفِرَاقِ الْحَمِيمِ لَذْعَةً، يَجِدُهَا حَمِيمُهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، ثُمَّ يَرْعَوِي مِنْ بَعْدُ ذُو الرَّأْيِ وَالدِّينِ إِلَى جَمِيلِ الصَّبْرِ، وَأَمَّا الَّذِي سَرَّنَا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّا قَدْ عِلِمْنَا أَنْ قَتْلَهُ شَهَادَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَاعِلٌ لَنَا وَلَهُ ذَلِكَ خَيْرَةً، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَسْلَمُوهُ وَبَاعُوهُ بِأَقَلِّ ثَمَنٍ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْهُ، وَأَخْبَثِهِ، أَسْلَمُوهُ إِسْلامَ النَّعَامِ الْمُخَطَّمِ فَقُتِلَ، وَلَئِنْ قُتِلَ لَقَدْ قُتِلَ أَبُوهُ وَعَمُّهُ وَأَخُوهُ، وَكَانُوا الْخِيَارَ الصَّالِحِينَ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا نَمُوتُ حَبْجًا، وَمَا نَمُوتُ إِلا قَتْلا قَتْلا، قَعْصًا قَعْصًا بَيْنَ قَصْدِ الرِّمَاحِ، وَتَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ، لَيْسَ كَمَا يَمُوتُ بَنُو مَرْوَانَ، وَاللَّهِ مَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ قَطُّ.
إِنَّمَا الدُّنْيَا عَارِيَةٌ مِنَ الْمَلِكِ الْقَهَّارِ، الَّذِي لا يَزُولُ سُلْطَانُهُ وَلا يَبِيدُ مُلْكُهُ، فَإِنْ تُقْبِلِ الدُّنْيَا عَلَيَّ لا آخُذْهَا أَخْذَ الأَشِرِ الْبَطِرِ، وَإِنْ تُدْبِرْ عَنِّي لا أَبْكِ عَلَيْهَا بُكَاءَ الْخَرِفِ الْمُهْتِرِ ".
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَدْوَانَ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، يِأْمُرهُ بِالصَّبْرِ وَالْجِدِّ فِي مُنَاهَضَةِ عَدُوِّهِ:
لَئِنْ مُصْعَبٌ خَلَّى عَلَيْكَ مَكَانَهُ ... لَقَدْ عَاشَ عِنْدَ النَّاسِ غَيْرَ مُلِيمِ
وَإِنْ مُصْعبٌ خَلاكَ وَالْحَرْبَ بَعْدَهُ ... فَأَنْتَ لَدَى الْهَيْجَاءِ غَيْرُ سَئُومِ
1 / 206