Akhbar Muwaffaqiyyat

Al-Zubayr Bin Bakkar d. 256 AH
152

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Baare

سامي مكي العاني

Daabacaha

عالم الكتب

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Goobta Daabacaadda

بيروت

قَالَ: وَيْحَكَ، وَكَيْفَ يَدْخُلُنِي الطَّمَعُ وَالصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ فِي قَبْضَتِي، وَالْحُلْوُ وَالْحَامِضُ فِي يَدِي! ! فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَلْ دَخَلَ أحدًا مِنَ الطَّمَعِ مَا دَخَلَكَ!؟ إِنَّ اللَّهَ ﵎، اسْتَرْعَاكَ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فَأَغْفَلْتَ أُمُورَهُمْ، وَاهْتَمَمْتَ بِجَمْعِ أَمْوَالِهِمْ، وَجَعَلْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ حِجَابًا مِنْ جَصٍّ وَآجُرٍّ، وَأَبْوَابًا مِنْ حَدِيدٍ، بَعْضُهَا عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ، وَحَجَبَةً عَلَيْهَا فِي أَيْدِيهِمُ السِّلاحُ، ثُمَّ سَجَنْتَ نَفْسَكَ فِيهَا، وَاحْتَجَبْتَ بِهَا عَنْهُمْ، وَبَعَثْتَ عُمَّالَكَ فِي جِبَايَةِ الأَمْوَالِ وَجَمْعِهَا وَحَشْرِهَا إِلَيْكَ، وَقَوَّيْتَهُمُ بِالرِّجَالِ وَالْكُرَاعِ، وَأَمَرْتَ بِأَلا يَدْخُلَ عَلَيْكَ مِنَ النَّاسِ إِلا فُلانًا وَفُلانًا، لِنَفَرٍ يَسِيرٍ، وَنَهَيْتَهُمْ أَنْ يُوصِلُوا إِلَيْكَ مَظْلُومًا أَوْ مَلْهُوفًا أَوْ جَائِعًا أَوْ عَارِيًا أَوْ فَقِيرًا، لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ الَّذِي قِبَلَكَ حَقٌّ، فَجَبَى عُمَّالُكَ الأَمْوَالَ وَجَمَعُوهَا وَحَشَرُوهَا إِلَيْكَ، فَأَوْدَعْتَهَا الْخَزَائِنَ بِمَدِينَتِكَ، وَلَمْ تُعْطِهَا أَهْلَهَا، فَلَمَّا رَآكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلاءِ النَّفَرُ الَّذِينَ اسْتَخْلَفْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَخَصَصَّتَهُمْ بِبِرِّكَ، وَآثَرْتَهُمْ عَلَى رَعِيَّتِكَ، تَجِمُّ الأَمْوَالَ وَتَجْمَعُهَا، وَتَسْتَأْثِرُ بِهَا، فَلا تُقَسِّمُهَا عَلَى أَهْلِهَا، وَتَمْنَعُهُمْ حُقُوقَهُمْ مِنْهَا، قَالُوا: هَذَا قَدْ خَانَ اللَّهَ فَمَالَنَا لا نَخُونُهُ، وَقَدْ سَجَنَ نَفْسَهُ، وَأَمْكَنَنَا مِنْهُ الْفُرْصَةَ، وَاطَّلَعْنَا مِنْهُ عَلَى الْعَوْرَةِ! فَتَوَازَرُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ لا يَصِلَ إِلَيْكَ مِنْ عِلْمِ خَبَرِ النَّاسِ إِلا مَا أَحَبُّوا، وَأنْ لا تَطَّلِعَ مِنْ أُمُورِهِمْ إِلا عَلَى مَا أَرَادُوا، وَأَنْ لا يَخْرُجَ لَكَ عَامِلٌ فَيُخَالِفَ أُمُورَهُمْ، وَيَطْرَحَ رَأْيَهُمْ، إِلا قَصَبُوهُ عِنْدَكَ، وَاغْتَابُوهُ، حَتَّى تَسْقُطَ مَنْزِلَتُهُ، وَيَتَّضِحَ أَمْرُهُ، فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ وَأَمْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَانْتَشَرَ لَهُمْ بِذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ مِنْ رَعِيَّتِكَ أَنَّهُمْ يَضُرُّونَ وَيَنْفَعُونِ عِنْدَكَ مَنْ شَاءُوا، وَأَنَّكَ تَقْبَلُ قَوْلَهُمْ، وَتَعْمَلُ بِرَأْيِهِمْ، فَأَعْظَمَهُمْ مَنْ وَرَاءِ بَابِكَ، وَخَافُوهُمْ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَانَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ وَدَارَاهُمْ عُمَّالُكَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بِالْهَدَايَا، لِيَقَوَوْا بِهَا عَلَى ظُلْمِ رَعِيَّتِكَ، فَامْتَلَأَتِ الأَرْضُ مِنْ طَمَعِكَ الْحَاجِزِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْحَقِّ، بَغْيًا وَفَسَادًا، وَصَارَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلاءِ النَّفَرُ الَّذِينَ سَجَنْتَ نَفْسَكَ لَهُمْ بِطَمَعِكَ شُرَكَاءَكَ فِي سُلْطَانِكَ، يَكْسِبُونَ لَكَ الْآثَامَ، وَيُطَوِّقُونَكَ الْخَطَايَا، وَيُحَمِّلُونَكَ الأَوْزَارَ، وَأَنْتَ غَافِلٌ أَوْ متُغَافِلٌ، كَأَنَّكَ لا تَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا ظَلَمَ أَحَدٌ مِنْ عُمَّالِكَ أَحَدًا مِنْ رَعِيَّتِكَ، أَوْ قَوِيٌّ مِنْ جُنْدِكَ غَصَبَ ضَعِيفًا مِنْ ذَوِي الْعَهْدِ، فَجَاءَكَ مُتَظَلِّمًا، أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْكَ قَضِيَّةً عِنْدَ ظُهُورِكَ، وَجَدَكَ قَدْ نَهَيْتَ عَنْ ذَلِكَ، وَوَقَّفْتَ لِلنَّاسِ رَجُلا يَنْظُرُ فِي مَظَالِمِهِمْ، فَإِنْ أَتَى ذَلِكَ الرَّجُلُ بِمَظْلَمَةٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهِدٍ، وَبلَغَ ذَلِكَ

1 / 152