106

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Baare

سامي مكي العاني

Daabacaha

عالم الكتب

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Goobta Daabacaadda

بيروت

خُرَاسَانَ، مُظْهِرًا بِهَا الْعَصَبِيَّةَ، مُتَحَامِلا عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ مُضَرَ، قَدْ أَتَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُيُونُهُ بِتَصْغِيرِهِ لَهُمْ، وَاحْتِقَارِهِ إِيَّاهُمْ، نَاسِيًا لِحَدِيثِ زَرْنَبٍ وقَصَصِ الْهَجْرِيِّينَ، كَيْفَ كَانَتْ فِي يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ، فَإِذَا خَلَوْتَ أَوْ تَوَسَّطْتَ مَلأَ فَاعْرِفْ نَفْسَكَ، وَاحْذَرْ رَوَاجِعَ الْبَغْيِ عَلَيْكَ، وَعاجِلاتِ الْعُقُوبَةِ، فَإِنَّ مَا بَعْدَ كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا أَفْسَدُ لَكَ، وَأَشَدُّ عَلَيْكَ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ تَأَنَّى فَيْئَكَ، وَأَمَّلَ رَجْعَتَكَ، وَاسْتَنْظَرَ تَوْبَتَكَ، وقِبَلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَلَفٌ كَثِيرٌ، فِي أَحْسَابِهِمْ وُبُيُوتَاتِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، وَفِيهِمْ عِوَضٌ مِنْكَ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَنَةَ تَسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ.
فَلَمَّا دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ كَتَبَ هِشَامٌ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عَامِلُ الْيَمَنِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ لَمَا بَلَغَهُ مِنْ شَهَامَتِهِ وَرُجْلَتِهِ وَخُبْثِهِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ أَهْلَ الْكُوفَةِ، فَأَرَسَلَ إِلَى طَارِقٍ فَحَبَسَهُ، وَكَانَ خَالِدٌ اسْتَخْلَفَ زِيَادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ، فَقَالَ يُوسُفُ لِزِيَادٍ: مَنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ لَهُ، فَقَالَ: النَّجْرَانِيُّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى خَالِدٍ وَهُوَ بِالْحَمَّةِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَحَبَسَهُ وَجَمِيعَ عُمَّالِهِ.
فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمَنْتُوفِ مَعَهُ أَخَوَهُ الَفَضْلُ، وَقَدْ كَانَ الْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ضَرَبَ الْجَرَّاحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ خَالِدًا، فَلَمْ يُعْدِهُ عَلَيْهِ، فَحَقَدُوا عَلَيْهِ، فَوَثَبَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْفَضْلُ عَلَى خَالِدٍ بِبَابِ يُوسُفَ فَشَتَمَاهُ، وَكادا يَطَآنِهِ بِأَرْجُلِهِمَا وَيَقُولانِ عَلَى مَا يُعَذَّبُ هَذَا أَلا يُؤتَى بِأُمِّهِ النَّصْرَانِيَّةِ، فَتُعَذَّبُ حَتَّى تُسْلَحَ عَلَى الصَّلِيبِ وُيُقْتَلُ هَذَا.
فَأَقْبَلَ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْحَرَسِ عَلَيْهِمَا، فَهَرَبَ الْفَضْلُ وَضُرِبَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنْتُوفُ، وَخُرِّقَتْ ثِيَابُهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ قَمِيصِهِ إِلا الزِّيقَ، مَكْشُوفَ الاسْتِ، مُسْتَقْبِلا فَتْقُ اسْتِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَدَعَا بِهِ، فَقَالَ: مَنْ ضَرَبَكَ؟ قَالَ: أَهْلُ الدُّنْيَا، مَا رَأَيْتُ إِلا ضَارِبًا.
قَالَ: لَكِنِّي أَدْرِي مَنْ ضَرَبَكَ، عَلَى مَنْ كَانَتِ النَّوْبَةُ؟ قِيلَ: عَلَى فُلانٍ وَفُلانٍ وَفُلانٍ، فَدَعَا بِهِمْ، فَضَرَبَهُمْ أَلْفًا أَلْفًا، وَأَغْزَاهُمُ الثُّغُورَ، وَعَذَّبَ يُوسُفُ خَالِدًا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبْلِغَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ كِتَابُ هِشَامٍ فِي اسْتِخْلاصِهِ إِلَى مَا قَبِلَهُ، فَوَجَّهَهُ إِلَيْهِ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَكَانَ مُقِيمًا بِالشَّامِ إِلَى أَنْ مَاتَ هِشَامٌ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَرَدَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى يُوسُفَ بِالْعِرَاقِ فَعَذَّبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ

1 / 106