Akbaar Makka Al-Musharrafah

al-Azraqi d. 249 AH
90

Akbaar Makka Al-Musharrafah

أخبار مكة المشرفة

Baare

رشدي الصالح ملحس

Daabacaha

دار الأندلس للنشر

Goobta Daabacaadda

بيروت

سَبْعٌ، يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ مَقَامَهُ أَجْمَعَ، ثُمَّ كَسَا الْبَيْتَ كِسْوَةً كَامِلَةً، كَسَاهُ الْعَصْبَ، وَجَعَلَ لَهُ بَابًا يُغْلَقُ بِضَبَّةٍ فَارِسِيَّةٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ تُبَّعٌ أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ كِسْوَةً كَامِلَةً، أُرِيَ فِي الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوَهَا فَكَسَاهَا الْأَنْطَاعَ، ثُمَّ أُرِيَ أَنْ يَكْسُوَهَا فَكَسَاهَا الْوَصَائِلَ ثِيَابَ حِبَرَةٍ مِنْ عَصْبِ الْيَمَنِ، وَجَعَلَ لَهَا بَابًا يُغْلَقُ، وَلَمْ يَكُنْ يُغْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ تُبَّعٌ فِي ذَلِكَ وَفِي مَسِيرِهِ شِعْرًا: [البحر الخفيف] وَكَسَوْنَا الْبَيْتَ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ ... مُلَاءً مُعْصَبًا وَبُرُودَا وَأَقَمْنَا بِهِ مِنَ الشَّهْرِ عَشْرًا ... وَجَعَلْنَا لِبَابِهِ إِقْلِيدَا وَخَرَجْنَا مِنْهُ نَؤُمُّ سُهَيْلًا ... قَدْ رَفَعْنَا لِوَاءَنَا مَعْقُودَا "
ذِكْرُ مُبْتَدَإِ حَدِيثِ الْفِيلِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ الْفِيلِ فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مَنْ لَقِيَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَكَانَ جُلُّ الْحَدِيثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ يُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ ذُو نُوَاسٍ، وَكَانَ قَدْ تَهَوَّدَ وَاسْتَجْمَعَتْ مَعَهُ حِمْيَرُ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَهُمْ مِنْ أَشْلَاءِ سَبَإٍ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ، عَلَى أَصْلِ حُكْمِ الْإِنْجِيلِ وَبَقَايَا مِنْ دِينِ الْحَوَارِيِّينَ، وَلَهُمْ رَأْسٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَامِرٍ، فَدَعَاهُمْ ⦗١٣٥⦘ ذُو نُوَاسٍ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَأَبَوْا، فَخَيَّرَهُمْ، فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ، فَخَدَّ لَهُمْ أُخْدُودًا، وَصَنَّفَ لَهُمُ الْقَتْلَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ صَبْرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْقَدَ لَهُ النَّارَ فِي الْأُخْدُودِ فَأَلْقَاهُ فِي النَّارِ، إِلَّا رَجُلًا مِنْ سَبَإٍ يُقَالُ لَهُ دَوْسُ بْنُ ذِي ثُعْلَبَانَ، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يَرْكُضُ حَتَّى أَعْجَزَهُمْ فِي الرَّمَلِ، فَأَتَى قَيْصَرَ، فَذَكَرَ لَهُ مَا بَلَغَ مِنْهُمْ وَاسْتَنْصَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: بَعُدَتْ بِلَادُكَ عَنَّا، وَلَكِنْ سَأَكْتُبُ لَكَ إِلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ، فَإِنَّهُ عَلَى دِينِنَا، فَيَنْصُرُكَ. فَكَتَبَ لَهُ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَأْمُرُهُ بِنَصْرِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ بَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهُ أَرْيَاطُ، وَقَالَ: إِنْ دَخَلْتَ الْيَمَنَ فَاقْتُلْ ثُلُثَ رِجَالِهَا، وَأَخْرِبْ ثُلُثَ بِلَادِهَا. فَلَمَّا دَخَلُوا أَرْضَ الْيَمَنِ تَنَاوَشُوا شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَرْيَاطُ، وَخَرَجَ زُرْعَةُ ذُو نُوَاسٍ عَلَى فَرَسِهِ فَاسْتَعْرَضَ بِهِ الْبَحْرَ حَتَّى لَجَّجَ بِهِ، فَمَاتَ فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ، فَدَخَلَهَا أَرْيَاطُ، فَعَمِلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي ذَلِكَ مَثَلًا يَضْرِبُهُ: لَا كَدَوْسٍ وَلَا كَأَغْلَاقِ رَحْلِهِ. وَقَالَ ذُو جَدَنٍ فِيمَا أَصَابَ أَهْلَ الْيَمَنِ وَمَا نَزَلَ بِهِمْ: [البحر الوافر] دَعِينِي لَا أَبَا لَكِ لَنْ تُطِيقِي ... لَحَاكِ اللَّهُ قَدْ أَنْزَفْتِ رِيقِي لَدَى عَزْفِ الْقِيَانِ إِذَا انْتَشَيْنَا ... وَإِذْ نُسْقَى مِنَ الْخَمْرِ الرَّحِيقِي وَشُرْبُ الْخَمْرِ لَيْسَ عَلَيَّ عَارًا ... إِذَا لَمْ يَشْكُنِي فِيهَا رَفِيقِي وَغُمْدَانُ الَّذِي نُبِّئْتُ عَنْهُ ... بَنَوْهُ مُسَمَّكًا فِي رَأْسِ نِيقِ مَصَابِيحُ السَّلِيطِ يَلُحْنَ فِيهِ ... إِذَا يُمْسِي كَتُومَاضِ الْبُرُوقِ ⦗١٣٦⦘ فَأَصْبَحَ بَعْدَ جُدَّتِهِ رَمَادًا ... وَغَيَّرَ حُسْنَهُ لَهَبُ الْحَرِيقِ وَأَسْلَمَ ذُو نُوَاسٍ مُسْتَمِيتًا ... وَحَذَّرَ قَوْمَهُ ضَنْكَ الْمَضِيقِ " وَقَالَ ذُو جَدَنٍ أَيْضًا: [البحر البسيط] هَوِّنْكُمَا لَنْ يَرُدَّ الدَّمْعُ مَا فَاتَا ... لَا تَهْلِكِي أَسَفًا فِي إِثْرِ مَنْ مَاتَا أَبَعْدَ بَيْنُونَ لَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ ... وَبَعْدَ سَلْحَيْنَ يَبْنِي النَّاسُ أَبْيَاتَا

1 / 134