لذا اهتم المؤرخون المسلمون بالكتابة عن تاريخ المدينة المنورة فظهرت في البداية روايات شفهية قبل ظهور المؤلفات المكتوبة، فكان من أهم وأشهر هذه الروايات الشفهية ما وصل إلينا من روايات عبد العزيز بن عمران الزهري، (ت197) الذي كانت له طائفة من الروايات حول تاريخ المدينة، نقلها عنه تلاميذه، وهم: ابنه سليمان، وعلى بن محمد المدائني (ت 225)، وأبو غسان محمد بن يحيى الكتاني، وأبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي (ت 259)، وإبراهيم بن المنذر الحزامي (ت 236)، وأبو مصعب الزهري (ت 242)، وقد أشار إليهم ابن حجر (1)، ويلاحظ أنهم جميعا ممن لهم عناية برواية أخبار المدينة، ورووا طائفة منها عن شيخهم عبد العزيز بن عمران.
وروى عنهم بعض من صنف في تاريخ المدينة، مثل: ابن شبة (2) الذي روى عن شيخه أبي غسان محمد بن يحيى الكتاني المدني في مواطن عديدة من كتابه تاريخ المدينة، وأبو غسان هذا من الثقات ولا نعرف له مصنفا في التاريخ سوى ما روى من أخبار حولها نقلها تلميذه ابن شبة، ويبدو من هذه النقولات أن أبا غسان كان يلتزم الدقة في تحديد المواقع ويذكر مساحتها.
وإلى جانب أبي غسان نجد إبراهيم بن المنذر الحزامي الأسدي القرشي المدني وأبي مصعب الزهري أحمد بن أبي بكر بن الحارث، وكلاهما من العلماء البارزين والرواة الثقات عند علماء الجرح والتعديل، ولهما روايات شفهية حول تاريخ المدينة نقلها عنهما تلميذهما الزبير بن بكار (ت256) الذي صنف في تاريخ المدينة.
ولا بد من الإشارة إلى أن شيخهما عبد العزيز بن عمران قد انتقد من علماء الجرح والتعديل وخاصة من تلميذه أبي حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي المدني (ت259ه) غير أنه كان ذا عناية واهتمام كبير بتاريخ المدينة (3).
كان ذلك عن أهم وأشهر من روى لنا روايات شفهية عن المدينة، أما بالنسبة إلى المؤلفات المكتوبة عن المدينة إبان القرنين الثاني والثالث الهجريين فكان من أشهرها:
Bogga 18