والحق أنه لم يرو رجوعه في مسألة الشروع، بل هي على الخلاف، فإن أجلة الفقهاء منهم؛ صاحب ((الهداية))(1)، وشراحها: العيني(2)، والسغناقي، والبابرتي(3)، والمحبوبي(4)، وغيرهم، وصاحب ((المجمع))(5)، وشراحه، وصاحب ((البزازية))(1)، و((المحيط))(2)، و((الذخيرة))(3) وغيرهم ذكروا الرجوع في مسألة القراءة فقط، واكتفوا في مسألة الشروع بحكاية الخلاف، وقد تنبه لذلك الحصكفي بعدما تبع(4) العيني في ((خزائن الأسرار شرح تنوير الأبصار)) حيث قال في ((الدر المختار شرح تنوير الأبصار)): قلت: وجعل العيني الشروع كالقراءة، ولا سلف له فيه، ولا سند له يقويه، بل جعله في ((التاتارخانية))(5) كالتلبية، يجوز اتفاقا، فظاهره ك((المتن))(1)، رجوعهما إليه لا رجوعه إليهما(2)، فاحفظه فقد اشتبه على كثير من القاصرين حتى الشرنبلالي في كل كتبه. انتهى(3).
وكتب على هوامش نسخة العيني على ما نقله بعضهم: اعلم أيها الواقف على هذا الكلام أن رجوع الإمام إنما ثبت في القراءة بالفارسية فقط، ولم يثبت رجوعه في تكبيرة الافتتاح، بل هي كغيرها من الأذكار على الخلاف، كما حرره شراح ((المجمع))، وكتب الأصول، وعامة الكتب المعتبرة، وصريح هذا المتن يعني ((الكنز))(4) يفيده كعامة المتون، فلا عليك من العيني، وإن تبعه الشرنبلالي في عامة كتبه. انتهى.
وقال ابن عابدين في ((رد المحتار على الدر المختار)): قوله: ولا سند له يقويه: أي ليس له أصل يقوي مدعاه؛ لأن الإمام إنما رجع إلى قولهما في مسألة القراءة؛ لأن المأمور به قراءة القرآن، وهو اسم للنظم العربي المنظوم؛ لهذا النظم الخاص المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلا متواترا، والأعجمي إنما يسمى قرآنا مجازا؛ ولذا يصح نفي اسم القرآن عنه، فلقوة دليل قولهما رجع إليه.
Bogga 50