من كلامه أنهم على حق حيث إن المفتي جاراهم على ذلك، ومن هنا يتبين لك صدق كلامي في الديباجة بأن مثل هذا لا يتصدى للرد عليه، حيث إنه صحافي والصحافي يخلط في كلامه ويموه على السامعين، وأي تخليط وتمويه ارتكبه هذا المفتي مع هذا السائل مع أنه بسط الكلام وأتى بما لا جدوى فيه، بل هو كذب على الله تعالى لو كان مفتيا متقيا الله عالما بأحكام الفتوى لنهج نهج المفتين الحقيقيين، بأن يقول: حيث إن السائل مسلم غير طبيعي ﴿سبع سماوات طباقا﴾ أي أجراما بعضها فوق بعض ويستدل على كلامه بالأحاديث والآثار الواردة في ذلك، وبأن يرد على أهل الجغرافية قولهم، ويستدل على ذلك أيضا وبأن يقول: إن قول أهل الجغرافية ينافي الآيتين يقينا، ويستدل على ذلك بالأدلة الشرعية المؤيدة بالعقل في بعضها كما تقدم لنا.
(وبأن الأمطار تنزل من جهة السماء) والقول بأن السحاب له خراطيم تأخذ الماء من البحر ثم تعلو به فيعذب فيها بإن الله تعالى نقل غير معتبر عند علماء المسلمين، ولم نعثر على من يقول بهذا القول إلا على خالد بن يزيد، وقال: إن ما يكون من البحر لا ينبت شيئا، وإنما ينبت ما كان من جهة السماء ويختلفون في محله ومقره فراجع أقوالهم، أخرج أبو الشيخ عن خالد بن يزيد قال المطر منه من السماء ومنه ماء يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرعد والبرق، فأما ما كان من البحر فلا يكون له نبات، وأما النبات فما كان من السماء وبأن يقول: إن معتقد عدم جرمية السماوات يكفر لمصادمته نصوص القرآن وأما
1 / 54