183

Aimmat Yaman Bi Qarn Rabic Cashr

أئمة اليمن الاحتياط

Noocyada

كان عبد الحميد من الحسد حيث يحسد خصيانه، وأشق ما يبلغه أن في أحد أطراف مملكته عالما ينفع الناس بعلمه، فيحتال عليه ليأتي به إلى الاستانة، ويجعله إلى الخمول بعد الشهرة، فإن لم يستطع ذلك، فلا أيسر من التقول عليه للحط من كرامته. ويلذه جدا أن يشهد الشقاق بين حاشيته، ويلقى بينهم العداوة والبغضاء. ولذلك كان بعضهم عيونا على بعض. ينال الواحد من رفيقه في حضرته وغيبته حتى يتقربوا من حب سلطانهم الذي يحب الملق ويهش الدهان والتزلف.

ذكر الثقات أن آل عثمان لما أجلتهم جمهورية تركيا من بلادهم في صيف سنة 1342 اثنتين وأربعين وثلاثمائة ألف كان مع بعض سرارى السلطان عقود من الماس والجوهر عرضوها في مصر للبيع، فعجز الأغنياء عن أداء قيمتها، ثم جعلتها بعض المصارف عندها رهنا على ما أسلفته.

فكم كان يا ترى من أمثال هذه الحلى المدهشة عند نساء آل عثمان، والأمة تهلك، وعمالها لا يقبضون رواتبهم، وأصبح عبد الحميد يملك ألوفا من المزارع والقرى، ويحمل جانبا من أمواله يضعها في المصارف الأجنبية يعدها لطارئ يطرأ عليه، فلما سقط لم تنفعه، فاستولى عليها الاتحاديون كما استولوا على خزائن يلدز ومجوهراته وأعلاقه وجواريه، ونقضوا كل ما أبرمه، وفصموا عرى جميع ما أحكمه. ويقال بالإجمال: إن عبد الحميد نسخة صحيحة من تربية القصور، وصورة من صور دسائسها وشرورها. استفاد من تجارب غيره ومحنهم، فاحتاط وحذر فطالت أيامه. وعرف كيف يدخل في روح الأمة، فسخر مشايخها وأرباب الطرق والمظاهر يسبحون بحمده ويعددون حسناته بما يقبضون من صلاته. وخلقوا له مناقب اخترعوها ما كان هو يحلم بها. وكان كل شيء في أيامه ظواهر ومظاهر. ومع هذا لم يمنع الحذر من القدر، فطوى بساطه وبساط أسرته بما عليه جملة. والله وارث الأرض وما عليها. انتهى.

Bogga 189