الكتاب : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم
المؤلف : محمد بن أحمد المقدسي
دار النشر : وزارة الثقافة والارشاد القومي - دمشق - 1980
تحقيق : غازي طليمات
عدد الأجزاء / 1
Bogga 68
[ ترقيم الشاملة موافق للمطبوع ] """""" صفحة رقم 69 """"""
خطبة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن بفضلك يا كريم
الحمد لله الذي خلق فقدر وصور فأتقن صنع البرية بلا مشير يناصره ودبرها بلا معين يعاضده أتقنها أي إتقان واحكمها بلا أعوان أوتد الأرض بالراسيات لئلا تميد وأحاطها بالبحر كيلا يغلب ماؤها ويزيد وبث فيها عباده لينظر كيف يعملون فمنهم من آمن واهتدى ومنهم من كفر وتولى وصلى الله على خير البرية وأكرم الذرية محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي
Bogga 69
أما بعد فإنه ما زالت العلماء ترغب في تصنيف الكتب لئلا تدرس آثارهم ولا تنقطع أخبارهم فأحببت أن أتبع سننهم وأقفو سننهم وأقيم علما أحيي به ذكري ونفعا للخلق أرضي به ربي """""" صفحة رقم 70 """"""
Bogga 70
ووجدت العلماء قد سبقوا إلى العلوم فصنفوا على الابتداء ثم تبعتهم الأخلاف فشرحوا كلامهم واختصروه فرأيت أن أقصد علما قد أغفلوه وأنفرد بفن لم يذكروه إلا على الاخلال وهو ذكر الأقاليم الإسلامية وما فيها من المفاوز والابحار والبحيرات والأنهار ووصف أمصارها المشهورة ومدنها المذكورة ومنازلها المسلوكة وطرقها المستعملة وعناصر العقاقير والآلات ومعادن الحمل والتجارات واختلاف أهل البلدان في كلامهم وأصواتهم وألسنتهم وألوانهم ومذاهبهم ومكاييلهم وأوزانهم ونقودهم وصروفهم وصفة طعامهم وشرابهم وثمارهم ومياههم ومعرفة مفاخرهم وعيوبهم وما يحمل من عندهم واليهم وذكر مواضع الأخطار في المفازات وعدد المنازل في المسافات وذكر السباخ والصلاب والرمال والتلال والسهول والجبال والحواوير والسماق والسمين منها والرقاق ومعادن السعة والخصب ومواضع الضيق والجدب وذكر المشاهد والمراصد والخصائص """""" صفحة رقم 71 """"""
والرسوم والممالك والحدود والمصارد والجروم والمخاليق والزموم والطساسيج والتخوم والصنائع والعلوم والمباخس والمشاجر والمناسك والمشاعر
وعلمت انه باب لا بد منه للمسافرين والتجار ولا غنى عنه للصالحين والأخيار إذ هو علم ترغب فيه الملوك والكبراء وتطلبه القضاة والفقهاء وتحبه العامة والرؤساء وينتفع به كل مسافر ويحظى به كل تاجر
Bogga 71
وما تم لي جمعه إلا بعد جولاتي في البلدان ودخولي أقاليم الإسلام ولقائي العلماء وخدمتي الملوك ومجالستي القضاة ودرسي على الفقها واختلافي إلى الأدباء القرا وكتبه الحديث ومخالطة الزهاد والمتصوفين وحضور مجالس القصاص والمذكرين مع لزوم التجارة في كل بلد والمعاشرة مع كل أحد والتفطن في هذه الأسباب """""" صفحة رقم 72 """"""
Bogga 72
بفهم قوي حتى عرفتهم ومساحة الأقاليم بالفراسخ حتى أتقنتها ودوراني على التخوم حتى حررتها وتنقلي إلى الأجناد حتى عرفتها وتفتيشي عن المذاهب حتى علمتها وتفطني في الألسن والألوان حتى رتبتها وتدبري في الكور حتى فصلتها وبحثي عن الاخرجة حتى أحصيتها مع ذوق الهوا ووزن الما وشدة العنا وبذل المال وطلب الحلال وترك المعصية ولزوم النصح للمسلمين بالحسبة والصبر على الذل والغربة ومراقبة الله والخشية بعدما رغبت نفسي في الأجر وطمعتها في حسن الذكر وخوفتها من الإثم وتجنبت الكذب والطغيان وتحرزت بالحجج من الطعان ولم اودعه المجاز والمحال ولا سمعت إلا قول الثقات من الرجال أعاننا الله على ما قصدناه ووفقنا لما يحبه ويرضاه فإنا له عابدون وإليه راجعون """""" صفحة رقم 73 """"""
مقدمات وفصول لا بد منها
Bogga 73
اعلم أنني أسست هذا الكتاب على قواعد محكمة وأسندته بدعائم قوية وتحريت جهدي الصواب واستعنت بفهم أولى الألباب وسألت الله عز اسمه أن يجنبني الخطأ والزلل ويبلغني الرجاء والأمل فأعلى قواعده وارصف بنيانه ما شاهدته وعقلته وعرفته وعلقته وعليه رفعت البنيان وعملت الدعائم والأركان ومن قواعده أيضا وأركانه وما استعنت به على تبيانه سؤال ذوي العقول من الناس ومن لم اعرفهم بالغفلة والالتباس عن الكور والأعمال في الأطراف التي بعدت عنها ولم يتقدر لي الوصول إليها فما وقع عليه اتفاقهم أثبته وما اختلفوا فيه نبذته وما لم يكن لي بد من الوصول إليه والوقوف عليه قصدته وما لم يقر في قلبي ولم يقبله عقلي """""" صفحة رقم 74 """"""
أسندته إلى ذكره أو قلت زعموا وشحنته بفصول وجدتها في خزائن الملوك
وكل من سبقنا إلى هذا العلم لم يسلك الطريق التي قصدتها ولا طلب الفوائد التي أردتها
Bogga 74
أما عبد الله الجيهاني فإنه كان وزير أمير خراسان وكان صاحب فلسفة ونجوم وهيئة فجمع الغرباء وسألهم عن الممالك ودخلها وكيف المسالك إليها وارتفاع الخنس منها وقيام الظل فيها ليتوصل بذلك إلى فتوح البلدان ويعرف دخلها ويستقيم له علم النجوم ودوران الفلك ألا ترى كيف جعل العالم سبعة أقاليم وجعل لكل إقليم كوكبا مرة يذكر النجوم والهندسة وكرة يورد ما ليس للعوام فيه فائدة وتارة ينعت أصنام الهند وطورا يصف عجائب السند وحينا يفصل الخراج والرد ورأيته ذكر منازل مجهولة ومراحل مهجورة ولم يفصل الكور ولا رتب الأجناد ولا وصف المدن ولااستوعب ذكرها بل ذكر الطرق """""" صفحة رقم 75 """"""
شرقا وغربا وشمالا وجنوبا مع شرح ما فيها من السهول والجبال والأودية والتلال والمشاجر والأنهار وبذاك طال كتابه وغفل عن أكثر طرق الأجناد ووصف المدائن الجياد
وأما أبو زيد البلخي فإنه قصد بكتابه الأمثلة وصورة الأرض بعدما قسمها على عشرين جزءا ثم شرح كل مثال واختصر ولم يذكر الأسباب المفيدة ولا أوضح الأمور النافعة في التفصيل والترتيب وترك كثيرا من أمهات المدن فلم يذكرها وما دوخ البلدان ولا وطئ الأعمال ألا ترى إلى صاحب خراسان استدعاه إلى حضرته ليستعين به فلما بلغ جيحون كتب إليه إن كنت استدعيتني لما بلغك من صائب رأيي فإن رأيي يمنعني من عبور هذا النهر فلما قرأ كتابه أمره بالخروج إلى بلخ
Bogga 75
وأما ابن الفقيه الهمذاني فإنه سلك طريقه أخرى """""" صفحة رقم 76 """"""
ولم يذكر إلا المدائن العظمى ولم يرتب الكور والأجناد وادخل في كتابه مالا يليق به من العلوم مرة يزهد في الدنيا وتارة يرغب فيها ودفعه يبكي وحينا يضحك ويلهي
وأما الجاحظ وابن خرداذبه فإن كتابيهما مختصران جدا لا يحصل منهما كثير فائدة
Bogga 76
فهذا ما وقع إلينا من المصنفات في هذا الباب بعد البحث والطلب وتقليب الخزائن والكتب وقد اجتهدنا في أن لا نذكر شيئا قد سطروه ولا نشرح أمرا قد أوردوه إلا عند الضرورة لئلا نبخس حقوقهم ولا نسرق من تصانيفهم مع أنه لا يعرف فضل كتابنا هذا إلا من نظر في كتبهم أو دوخ البلدان وكان من أهل العلم والفطنة ثم إني لا أبرئ نفسي من الزلل ولا كتابي من الخلل ولا أسلمه من الزيادة والنقصان ولا أفلته من الطعن على كل حال """""" صفحة رقم 77 """"""
Bogga 77
وبعد فإن شرحنا الأسباب التي شرطناها في الخطبة يتفاوت في الأقاليم ولا يتساوى لانا إنما نذكر ما نعرف وليس هو علم يطرد بالقياس فيتساوى وإنما يدرك بالمعاينة والخبر فينهى """""" صفحة رقم 78 """"""
ذكر الخصائص في الأقاليم
Bogga 78
أظرف الأقاليم العراق وهو أخف على القلب واحد للذهن وبها تكون النفس أطيب والخاطر أدق إذا كانت كفايه وأجلها وأوسعها فواكه وأكثرها علما وأجلة وبردا المشرق وأكثرها صوفا وقزا ودخلا على قدره الديلم وأجودها البانا وأعسالا وألذها أخبازا وأمكنها زعفرانا الجبال وأكثرها ثمارا وأرخصها أسعارا ولحوما وأثقلها قوما الرحاب وأسفلها قوما وأشرهم أصلا وفصلا خوزستان وأحلاها تمورا وأوطؤها قوما كرمان وأكثرها فانيذا وأرزازا ومسكا وكفارا السند وأكيسها قوما """""" صفحة رقم 79 """"""
وتجارا واكثرها فسقا فارس واشدها حرا وقحطا ونخيلا جزيرة العرب وأكثرها بركات وصالحين وزهادا ومشاهد الشام وأكثرها عبادا وقراء وأموالا ومتجرا وخصائص وحبوبا مصر وأخوفها سبلا وأجودها خيلا وأوسطها قوما اقور وأجفاها وأثقلها وأغشها قوما وأكثرها مدنا وأوسعها أرضا المغرب
وقال عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي دخلت على الجاحظ فقلت افدني في البلدان فائدة قال نعم الأمصار عشرة
المروة ببغداد والفصاحة بالكوفة والصنعة بالبصرة والتجارة بمصر والغدر بالري والجفاء بنيسابور والبخل بمرو والصلف ببلخ والحرفة بسمرقند
Bogga 79
وقد صدق لعمري إلا أن بنيسابور أيضا صناعا حذاقا وبالبصرة تجارات وبمكة فصاحة وبمرو دهاة """""" صفحة رقم 80 """"""
وصنعاء طيبة الهوا وبيت المقدس حسنة البنا وصغر وجرجان موضع الوبا ودمشق كثيرة الأنهار وصغد ممتدة الأشجار والرملة لذيذة الثمار وطبرستان دائمة الأمطار وفرغانة رخيصة الأسعار والمروة والجحفة معدن الدعار والرقة موضع الأخطار وهمذان وتنيس مركز الأحرار والشام إقليم الأخبار وسمرقند فرضة التجار ونيسابور بلدة الكبار والفسطاط أهل الأمصار
Bogga 80
وطوبى لأهل الغرج بعدل الشار ولإصفهان الهواء والحلل والفخار ورسوم شيراز على الإسلام عار وعدن دهليز مع صحار وبالصغانيان الكلأ والثمار والأطيار وبخارا جليلة لولا الماء وحريق النار وبلخ خزانة الفقه مع الرحب واليسار وإيليا تصلح لأهل الدين والدار وأهل """""" صفحة رقم 81 """"""
بغداد قليلو الأعمار وصنعاء ونيسابور بالضد وليس أكثر ولا أرذل من مذكري نيسابور ولا أطمع من أهل مكة ولا أفقر من أهل يثرب ولا أعف من أهل بيت المقدس ولا آدب من أهل هراة وبيار ولا أذهن من أهل الري ولا أنقب من أهل سجستان ولا أبخس من أهل عمان ولا أجهل من أهل عمان ولا أصح موازين من أهل الكوفة وعسكر مكرم ولا أحسن من أهل حمص وبخارا ولا أقبح من أهل خوارزم ولا أحسن لحى من الديلم ولا اشرب للخمور من أهل بعلبك ومصر ولا أفسق من أهل سيراف ولا أعصى من أهل سجستان ودمشق ولا اشغب من أهل سمرقند والشاش ولا أوطا من أهل مصر ولا أبله من أهل البحرين ولا أحمق من أهل حمص ولا ألبق من أهل فسا ونابلس ثم الري بعد بغداد ولا أحسن لسانا من أهل بغداد ولا أوحش من لسان صيدا وهراة ولا أصح من لسان خراسان ولا احسن عجمية من أهل بلخ والشاش ولا أعفط من أهل البطائح ولا اسلم صدورا من أهل هيطل ولا أخير قوما من أهل غرج الشار
Bogga 81
فإن سأل سائل أي البلدان أطيب نظر فإن كان """""" صفحة رقم 82 """"""
ممن يطلب الدارين قيل له بيت المقدس وإن كان مخلصا آمنا من الطمع قيل مكة وإن كان ممن يطلب النعمة والحيازة والرخص والفواكه قيل له كل بلد أجزاك وإلا فعليك بخمسة أمصار دمشق والبصرة والري وبخارا وبلخ أو بخمس مدائن قيسارية وباعيناثا وخجندة والدينور ونوقان أو بخمس نواح الصغد والصغانيان ونهاوند وجزيرة ابن عمر وسابور فاختر ما شئت منها فإنها منازة الإسلام وأما الأندلس فيقال إنها جنات ومستفاض جنات الدنيا أربع غوطة دمشق ونهر الابلة وروضة الصغد وشعب بوان ومن أراد التجارة فعليه بعدن أو عمان أو مصر وكل ما نذكر من عيوب أهل البلدان فأهل العلم والأدب عنه بمعزل خاصة الفقهاء لأني رأيت الفضل فيهم
Bogga 82
وأعلم أن كل بلد فيه صاد فأهله حمق إلا البصرة """""" صفحة رقم 83 """"""
فإن اجتمعت صادان مثل المصيصة وصرصر فنعوذ بالله وكل بلد نسبت صاحبه اليه فلقيت الزاي الياء فهو داه مثل رازي مروزي سجزي وكل بلد آخره آن فله خاصية أو طيبة مثل جرجان موقان أرجان وكل بلد شديد البرد فأهله اسمن وأضخم وأحسن واكبر لحى مثل فرغانة وخوارزم وأرمينية وكل بلد على بحر أو نهر فالزنى أو اللواطة فيه كثير مثل سيراف وبخارا وعدن وكل بلد يحيط به انهار فان في أهله شغبا وخروجا مثل دمشق وسمرقند والصليق وكل بلد رحب رخي فإن المعايش به ضيقة إلا بلخ
Bogga 83
واعلم أن بغداد كانت جليلة في القديم وقد تداعت الان وإن مدحناها فللتعارف وفسطاط مصر اليوم كبغداد في القديم ولا أعلم في الإسلام بلدا اجل منه وأما إقليم المشرق فقد فشا فيه الجور وفسد وهو خير من غيره وأقاليم الأعاجم فلا تطيب لأهل أسفل ولو كان للرملة ماء جار لما استثنينا أنها أطيب بلد في الإسلام لأنها ظريفة خفيفة بين قدس وثغور وغور وبحور معتدلة الهواء لذيذة الثمار سرية الأهل غير أن فيهم جهلا خزانة مصر ومطرح البحرين رخية """""" صفحة رقم 84 """"""
ذكر ما عاينت من الأسباب
اعلم أن جماعة من أهل العلم ومن العلم ومن الوزراء قد صنفوا في هذا الباب وإن كانت محتلة غير أن أكثرها بل كلها سماع لهم ونحن فلم يبق اقليم إلا وقد دخلناه وأقل سبب إلا عرفناه وما تركنا مع ذلك البحث والسؤال والنظر في الغيب فانتظم كتابنا هذا ثلاثة أقسام أحدها ما عايناه والثاني ما سمعناه من الثقات والثالث ما وجدناه في الكتب المصنفة في هذا الباب وفي غيره
وما بقيت خزانة ملك إلا وقد لزمتها ولا تصانيف فرقة إلا وقد تصفحتها ولا مذاهب قوم إلا وقد عرفتها ولا أهل زهد إلا وقد خالطتهم ولا مذكرو بلد إلا وقد شهدتهم حتى استقام لي ما ابتغيته في هذا الباب
Bogga 84
ولقد سميت بستة وثلاثين اسما دعيت وخوطبت بها مثل مقدسي وفلسطيني ومصري ومغربي وخراساني """""" صفحة رقم 85 """"""
وسلمي ومقرئ وفقيه وصوفي وولي وعابد وزاهد وسياح ووراق ومجلد وتاجر ومذكر وإمام ومؤذن وخطيب وغريب وعراقي وبغدادي وشامي وحنيفي ومتأدب وكري ومتفقه ومتعلم وفرائضي وأستاذ ودانشومند وشيخ ونشاسته وراكب ورسول وذلك لاختلاف البلدان التي حللتها وكثرة المواضع التي دخلتها
Bogga 85
ثم انه لم يبق شيء مما يلحق المسافرين إلا وقد أخذت منه نصيبا غير الكدية وركوب الكبيرة فقد تفقهت وتأدبت وتزهدت وتعبدت وفقهت وأدبت وخطبت على المنابر وأذنت على المنائر وأممت في المساجد وذكرت في الجوامع واختلفت إلى المدارس ودعوت في المحافل وتكلمت في المجالس وأكلت مع الصوفية الهرائس ومع الخانقائيين الثرائد ومع النواتي العصائب وطردت في الليالي من المساجد وسحت في البراري وتهت في الصحاري وصدقت في الورع زمانا وأكلت الحرام عيانا وصحبت عباد جبل لبنان وخالطت حينا السلطان وملكت العبيد وحملت على رأسي بالزبيل وأشرفت مرارا على الغرق """""" صفحة رقم 86 """"""
Bogga 86
وقطع على قوافلنا الطرق وخدمت القضاة والكبرا وخاطبت السلاطين الوزرا وصاحبت في الطرق الفساق وبعت البضائع في الأسواق وسجنت في الحبوس وأخذت على أني جاسوس وعاينت حرب الروم في الشواني وضرب النواقيس في الليالي وجلدت المصاحف بالكرى واشتريت الماء بالغلا وركبت الكنائس والخيول ومشيت في السمائم والثلوج ونزلت في عرصة الملوك بين الاجلة وسكنت بين الجهال في محلة الحاكة وكم نلت العز والرفعة ودبر في قتلي غير مرة وحججت وجاورت وغزوت ورابطت وشربت بمكة من السقاية السويق وأكلت الخبز والجلبان بالسيق ومن ضيافة إبراهيم الخليل وجميز عسقلان السبيل وكسيت خلع الملوك وأمروا لي بالصلات وعريت وافتقرت مرات وكاتبني السادات ووبخني الأشراف وعرضت علي والأوقاف وخضعت للأخلاف ورميت """""" صفحة رقم 87 """"""
بالبدع واتهمت بالطمع وأقامني الأمراء والقضاة أمينا ودخلت في الوصايا وجعلت وكيلا وامتحنت الطرارين ورأيت دول العيارين واتبعني الارذلون وعاندني الحاسدون وسعي بي إلى السلاطين ودخلت حمامات طبرية والقلاع الفارسية ورأيت يوم الفوارة وعيد بربارة وبئر بضاعة وقصر يعقوب وضياعه ومثل هذا كثير
Bogga 87