Axmed Curabi Hogaamiyaha La Been Abuuray
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Noocyada
ومما ذكره بلنت في هذا الصدد قوله: «وكان توفيق كما رأينا رجلا متقلب الأهواء، فبينما كان لا يزال ينوي أن يعتمد على الجيش للتخلص من رياض، كانت تساوره نوبات من الحقد على عرابي لما يرى من سرعة ذيوع صيته، وكان هذا الصيت جد ملحوظ طيلة أشهر الصيف، وقد أدى إلى اتصاله بعدد كبير من شيوخ القرى وأعيانها، أولئك الذين كانت دعوة تحرير الفلاح - تلك الدعوة التي تولى قيادها - شيئا تتوق إليه نفوسهم، وأخذ الناس في الأقاليم يذكرونه بقولهم: «الوحيد». وقد استحق هذه التسمية حقا؛ فإنه كان في مدى عدة قرون الرجل الوحيد من صميم عنصر الفلاحين الخالص الذي استطاع أن يقاوم بنجاح طغيان رجال الطبقة الحاكمة من الأتراك والشراكسة.» •••
آن لمصر بعد طول المذلة أن تجد الرجل الذي يترجم عن آمالها ويدافع عن حقوقها وينطق باسمها، فاتجهت كما اتجه الجيش إلى هذا الفلاح الزعيم.
وعندي أن الحركة التي تعد مكملة لثورة عرابي أو بعثا لها هي ثورة مصر الثانية سنة 1919، وأن الزعيم الذي يلحق جهاده بجهاد أحمد عرابي وتضاف مبادئه إلى المبادئ التي دعا إليها أحمد عرابي هو سعد زغلول الفلاح الزعيم الثاني، ولكن في صورة غير صورة سابقه، وفي ظروف غير ظروفه ومجال أوسع من مجاله وإن اتفقا في روح مبادئهما وقومية بواعثهما وأغراضهما، كل من الثورة التي حمل لواءها ...
وما ننسى أن سعدا قد أعطى هذا الزعيم الأول حقه؛ إذ كان يستعرض ذات مرة أطوار الوطنية المصرية فذكر له ما لا يمكن أن ينسى له من فضل.
الوطنيون والعسكريون
بينا مبلغ ما أصيب به الأحرار في آمالهم منذ أن عزل إسماعيل وعين توفيق، ورأينا ما صدم النفوس من خيبة إذ استكثر توفيق الدستور على مصر، الأمر الذي أغضب شريفا فاستقال، وحل محله رياض ...
لم يكن لرياض مثل ما كان لشريف في قلوب الوطنيين من محبة، فقد كان على الرغم مما اشتهر به من براعة واستقامة متكبرا محافظا يسيء الظن بالوطنيين وحركاتهم ويوجس خوفا منها، كما كان في خلقه شيء من الغموض والتحفظ؛ فلم يكن له مثل صراحة شريف ولا مثل شجاعته الأدبية وإقدامه ونزعته الدستورية الحرة ...
وقد استطاع رياض أن يجعل من نفسه الحاكم المطلق الفعلي للبلاد، وذلك بضمانه رضاء توفيق، بأن جعل له حق رئاسة مجلس الوزراء متى أراد، وقد حرص في الوقت نفسه على السير في إدارة شئون البلاد وفقا لمبدأ مسئولية الوزارة عن أعمالها، ذلك المبدأ الذي قرره إسماعيل في أغسطس سنة 1878، والذي بمقتضاه لا يتنصل وزير من مسئولية عمله برده إلى مشيئة الخديو كما كان الحال قبل تقرير هذا المبدأ ...
وكانت تطغى على الرأي العام المصري روح الاستياء العام، فكان عهد وزارة رياض كجميع العهود التي تتهيأ فيها الأمم للثورات، فتكون في نفس كل امرئ ثورة وإن لم تدر على وجه التحديد ما بواعثها.
والحق أن استياء النفوس هو وليد ما بينا من أسباب تعصب المصريين وسخطهم أثناء حكم إسماعيل باشا، وجاءت وزارة رياض عقب استقالة شريف من أجل تمسكه بالدستور، فلم يبق مجال للأمل وخيم اليأس على النفوس، حتى لم يعد هناك بد من متنفس لهذا الشعور المكبوت.
Bog aan la aqoon