كان أتيين كابيه مشبعا بروح الزمن الذي عاش فيه، وكان نابليون يشمخ فيه كالمارد؛ ولذلك بدأ كابيه حلمه بأن تخيل «إيكار» أميرا مستبدا يملي على الناس نظام حكومته فلا يخالفه أحد، وخير ما يوضح هذا النظام هو وصف حالة أحد السكان.
يبدأ الإيكاري يومه في الساعة السادسة، فيتناول فطوره في المطعم أو في المصنع، وقد قررت ألوان الفطور لجنة من العلماء نظرت في قرارها إلى صحة المفطرين، وكأني بك تشك في هذا الطعام، وهل يساغ على الرغم من قرار العلماء، وقد شك قبلك كابيه وأذن للسكان بأن يفطروا كما شاءوا وأينما شاءوا، وإذا أفطر الإيكاري قصد إلى عمله فيشتغل في الصيف 7 ساعات وفي الشتاء ستا، (والمؤلف من أهل البلاد الباردة يرتاح إلى العمل في الصيف على عكس ما هو حاصل عندنا)، وجميع أهالي إيكاريه يعملون هذا العدد من الساعات بلا امتياز لأحد على آخر.
والحكومة هي صاحبة المصانع، وهي التي تنظم أوقات العمل، وهي التي تملك الخيول والمركبات التي تنقل البضائع، فهي اشتراكية لا غش فيها، ومن هنا كانت «رحلة إلى إيكاريه» من الكتب التي تداولها العمال كثيرا منذ طبعته الأولى سنة 1845، وكان هذا الكتاب ذا أثر في تشبع العمال في أوروبا بالفكر الاشتراكي.
وعندما يفرغ الإيكاري من عمله يخلع ملابسه، تلك الملابس التي قررتها «لجنة الملابس» على نحو ما تقرر إدارة الجيش ملابس الجنود، والواقع أن الإيكاريين جنود قد عبثوا للصناعة، يجري عليهم نظام الجيش في جميع شئونهم.
وقبل أن يولد الإيكاري تتلقى أمه دروسا في واجبات الأمومة، فإذا بلغ الخامسة تناولته يد الحكومة بالتربية طبقا لبرنامج يتفق فيه جميع شباب الإيكاريين إلى سن الثامنة عشرة للذكور والسابعة عشرة للإناث، وعندئذ يسير كل شاب أو شابة في دراسة خاصة توافق الصناعة التي سيتخذها فيما بعد، وهذه الصناعات محدودة معينة ترأسها كلها لجنة تحصي عدد الصناع في جميع المصانع كل عام. وتحصي مقدار البضائع المخزونة، ثم تعين حاجتها إلى عدد الصناع المطلوبين في كل صناعة، وتأخذ من متخرجي المدارس من تحتاج إليهم من الفتيان والفتيات، والرجل يحال على المعاش إذا بلغ الخامسة والستين، والمرأة إذا بلغت الخمسين.
ولا يمكن الإيكاري أن يتزوج قبل بلوغه العشرين، أما الفتاة فيمكنها ذلك عند بلوغها الثامنة عشرة، أما الحكومة فكانت في نشأتها استبدادية؛ لأن كابيه تخيل «إيكار» شخصا له إدارة نابليون وسلطانه ويعمل للإصلاح، ولكن بعد موته صارت نيابية لكل مديرية مجلسها، وللإقليم كله مجلس منتخب من هذه المجالس وله هيئته التنفيذية التي تدير البلاد، والحكومة تصدر الصحف، ولكن هذه الصحف مقصورة على إيراد الأخبار دون ارتياء الآراء لكيلا تكون منها ذريعة لتثبيت قدم الحكومة.
سنة 2000
كان «أوين» و«كابيه» كلاهما اشتراكي، يتخيل على يقظة، ويحلم بتدبير، ويقصد إلى التطبيق والعمل، وقد أنشأ كل منهما مستعمرة لتجربة نظرياتهما وتحقيق خيالهما في إنجلترا وأمريكا، وأخفق كلاهما.
لكن «إدوارد بلامي»
1
Bog aan la aqoon