Al-Ahkam Al-Sultaniyyah

Al-Mawardi d. 450 AH
94

Al-Ahkam Al-Sultaniyyah

الأحكام السلطانية

Daabacaha

دار الحديث

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَتَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَلَمْ يُنَصِّبُوا لِأَنْفُسِهِمْ إمَامًا وَلَا قَدَّمُوا عَلَيْهِمْ زَعِيمًا، كَانَ مَا اجْتَبُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ غَصْبًا لَا تَبْرَأُ مِنْهُ ذِمَّةٌ، وَمَا نَفَّذُوهُ مِنَ الْأَحْكَامِ مَرْدُودًا لَا يَثْبُتُ بِهِ حَقٌّ. وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّبُوا لِأَنْفُسِهِمْ إمَامًا اجْتَبَوْا بِقَوْلِهِ الْأَمْوَالَ وَنَفَّذُوا بِأَمْرِهِ الْأَحْكَامَ، لَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَحْكَامِهِمْ بِالرَّدِّ، وَلَا لِمَا اجْتَبَوْهُ بِالْمُطَالَبَةِ، وَحُورِبُوا فِي الْحَالَيْنِ عَلَى سَوَاءٍ؛ لِيَنْزِعُوا عَنِ الْمُبَايَنَةِ وَيَفِيئُوا إلَى الطَّاعَةِ، قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: ٩] . وَفِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى﴾ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: بَغَتْ بِالتَّعَدِّي فِي الْقِتَالِ. وَالثَّانِي: بَغَتْ بِالْعُدُولِ عَنِ الصُّلْحِ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ يَعْنِي: بِالسَّيْفِ رَدْعًا عَنِ الْبَغْيِ وَزَجْرًا عَنِ الْمُخَالَفَةِ. وَفِي قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الصُّلْحِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَالثَّانِي: إلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ. ﴿فَإِنْ فَاءَتْ﴾ أَيْ: رَجَعَتْ عَنِ الْبَغْيِ، ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ﴾ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: بِالْحَقِّ. وَالثَّانِي: بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا قَلَّدَ الْإِمَامُ أَمِيرًا عَلَى قِتَالِ الْمُمْتَنِعِينَ مِنَ الْبُغَاةِ قَدَّمَ قَبْلَ الْقِتَالِ إنْذَارَهُمْ وَإِعْذَارَهُمْ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ إذَا أَصَرُّوا عَلَى الْبَغْيِ كِفَاحًا، وَلَا يَهْجُمُ عَلَيْهِمْ غِرَّةً وَبَيَاتًا. وَيُخَالِفُ قِتَالُهُمْ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُرْتَدِّينَ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَقْصِدَ بِالْقِتَالِ رَدْعَهُمْ وَلَا يَعْتَمِدُ بِهِ قَتْلَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَتْلَ الْمُشْرِكِينَ

1 / 101