مصادر هذا الموضوع وتتبعه لشوارده وغرائبه، ويعجب كذلك بجمال أسلوبه، ورشاقة ألفاظه، كان كان يغلب على أسلوبه الطابع الخطابي، ولا عجب فإنه واعظ وخطيب، وقد اقتصر عبد الحق في مادته على الأحاديث المرفوعة والأخبار الموقوفة والآثار المقطوعة وكلمات الصالحين وأقاصيصهم، وفي غضون ذلك أنشد أشعارًا مليحة لم يعز أغلبها إلى شاعر، وبالتتبع وُجد أن كثيرًا منها من كيسه.
وأخيرًا: الأدب والشعر:
وصف ابن الأبار أبا محمد أنه كان مشاركًا في الأدب وقول الشعر (١)، ووصفه ابن الزبير بأنه شاعر مطبوع يزاحم فحول الشعراء، قال: لكنه لم يطلق عنانه في نظمه.
- الشعر: وغالب شعر أبي محمد وأجمعه في الزهد والوعظ والحكمة، ولا غرابة في ذلك من بعد ما وُصف بأنه كان "موصوفًا بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا" (٢).
قال الغبريني: ورأيت كتابًا مجموعًا من شعره كله في الزهد. وفي أمور الآخرة ﵁ (٣).
وشعر عبد الحقّ مطبوع، ليس فيه تكلف، أو ألفاظ مصنوعة، بل توخى جَزْل الألفاظ ورقيقها، وتحامى غليظها وفظها، وجمع إلىْ ذلك محاسن الصور وأطرفها.
وقد نقل العلماء الذين ترجموا لعبد الحق كثيرًا من شعره وأبدوا استحسانهم وإعجابهم به، فهذا الذهبي يَقول: ما أحلى قوله وأوعظه إذ قال:
إن في الموت والمعاد لشغلا ... وادكارًا لذي النهي وبلاغا
_________
(١) سير أعلام النبلاء: (٢١/ ١٩٩).
(٢) سير أعلام النبلاء: (٢١/ ١٩٩)، والواصف: ابن الأبار.
(٣) عنوان الدراية: (٤٣).
1 / 36