94

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن لابن العربي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ] الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] إلَى آخِرِهَا: قَالَ الْقَاضِي ﵁: هَذَا قَوْلٌ مُشْكِلٌ تَبَلَّدَتْ فِيهِ أَلْبَابُ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مُقْتَضَاهُ. فَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مُوجِبُ الْعَمْدِ الْقَوَدُ خَاصَّةً، وَلَا سَبِيلَ إلَى الدِّيَةِ إلَّا بِرِضًا مِنْ الْقَاتِلِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَكَاخْتِلَافِهِمْ اخْتَلَفَ مَنْ مَضَى مِنْ السَّلَفِ قَبْلَهُمْ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " الْعَفْوُ أَنْ تُقْبَلَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ، فَيُتْبَعَ بِمَعْرُوفٍ وَتُؤَدَّى إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ " يَعْنِي يُحْسِنُ فِي الطَّلَبِ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيقٍ، وَلَا تَعْنِيفٍ، وَيُحْسِنُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ مَطْلٍ وَلَا تَسْوِيفٍ. وَنَحْوُهُ عَنْ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالسُّدِّيِّ زَادَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ بَعِيرًا يَعْنِي فِي إبِلِ الدِّيَةِ، فَمِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ»، وَكَأَنَّهُ يَعْنِي فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الشَّرْعِ. وَقَالَ مَالِكٌ: تَفْسِيرُهُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا مِنْ الْعَقْلِ فَلْيَتْبَعْهُ بِالْمَعْرُوفِ؛ فَعَلَى هَذَا الْخِطَابُ لِلْوَلِيِّ، قِيلَ لَهُ: إنْ أَعْطَاك أَخُوك الْقَاتِلُ الدِّيَةَ الْمَعْرُوفَةَ فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ وَاتَّبِعْهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: تَفْسِيرُهُ إذَا أَسْقَطَ الْوَلِيُّ الْقِصَاصَ، وَعَيَّنَ لَهُ مِنْ الْوَاجِبِينَ لَهُ الدِّيَةُ فَاتَّبِعْهُ عَلَى ذَلِكَ أَيُّهَا الْجَانِي عَلَى هَذَا الْمَعْرُوفِ، وَأَدِّ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ. وَهَذَا يَدُورُ عَلَى حَرْفٍ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِ الْعَفْوِ، وَلَهُ فِي اللُّغَةِ خَمْسَةُ مَوَارِدَ: الْأَوَّلُ: الْعَطَاءُ، يُقَالُ: جَادَ بِالْمَالِ عَفْوًا صَفْوًا، أَيْ مَبْذُولًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ. الثَّانِي: الْإِسْقَاطُ، وَنَحْوُهُ: ﴿وَاعْفُ عَنَّا﴾ [البقرة: ٢٨٦] «وَعَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ».

1 / 96