74

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن لابن العربي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ: إنَّ مَعْنَاهُ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [العنكبوت: ٢٥]. وَاَلَّذِي عِنْدِي صِحَّةُ لَعْنِهِ فِي الدُّنْيَا لِمَنْ وَافَى كَافِرًا بِظَاهِرِ الْحَالِ، وَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْكَفَرَةِ مِنْ لَعْنَتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَالَةٌ أُخْرَى، وَبَيَانٌ لِحُكْمٍ آخَرَ وَحَالَةٍ وَاقِعَةٍ تَعْضُدُ جَوَازَ اللَّعْنِ فِي الدُّنْيَا؛ وَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ لِجَوَازِ اللَّعْنِ فِي الدُّنْيَا، فَيَكُونُ لِلْآيَتَيْنِ مَعْنَيَانِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تَحْكُمُونَ بِجَوَازِ لَعْنَةِ اللَّهِ لِمَنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِ الْكُفْرِ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى مُوَافَاتَهُ مُؤْمِنًا؟ قُلْنَا: كَذَلِكَ نَقُولُ، وَلَكِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ لَهُ حُكْمُهُ بِجَوَازِ لَعْنِهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَخْذًا بِظَاهِرِ حَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَآلِهِ. [الْآيَة الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ] ِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣]. فِيهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: إنَّمَا: وَهِيَ كَلِمَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْحَصْرِ تَتَضَمَّنُ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ؛ فَتُثْبِتُ مَا تَنَاوَلَهُ الْخِطَابُ وَتَنْفِي مَا عَدَاهُ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ وَمَسَائِلِ الْخِلَافِ. وَقَدْ حَصَرَتْ هَاهُنَا الْمُحَرَّمَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ جَاءَتْ عَقِبَ الْمُحَلَّلِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]. فَأَدَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْإِبَاحَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، ثُمَّ عَقَّبَهَا بِالْمُحَرَّمِ بِكَلِمَةِ " إنَّمَا " الْحَاصِرَةِ؛ فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْإِيعَابَ

1 / 76