52

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن لابن العربي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِبَادَةً، وَفَرَضَ فِيهَا الْخُشُوعَ اسْتِكْمَالًا لِلْعِبَادَةِ، وَأَلْزَمَ الْجَوَارِحَ السُّكُونَ، وَاللِّسَانَ الصَّمْتَ إلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَصْبَ الْبَدَنِ إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَنْفَى لِلْحَرَكَاتِ، وَأَقْعَدَ لِلْخَوَاطِرِ، وَعُيِّنَتْ لَهُ جِهَةُ الْكَعْبَةِ تَشْرِيفًا لَهُ. وَقِيلَ لَهُ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قِبَلَ وَجْهِك، مَعْنَاهُ أَنَّك قَصَدْت التَّوَجُّهَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ عُيِّنَ لَك هَذَا الصَّوْبُ، فَهُنَالِكَ تَجِدُ ثَوَابَك، وَتَحْمَدُ إيَابَك. [مَسْأَلَةُ التَّوَجُّهِ إلَى جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي تَنْزِيلِ الْآيَةِ عَلَى الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ: لَا يَخْفَى أَنَّ عُمُومَ الْآيَةِ يَقْتَضِي بِمُطْلَقِهِ جَوَازَ التَّوَجُّهِ إلَى جِهَتَيْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ بِكُلِّ حَالٍ، لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ جَوَازَ التَّوَجُّهِ إلَى جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي وَقْتٍ، وَإِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فِي الْفَرْضِ وَالْحَضَرِ فِيهَا أَيْضًا، وَبَقِيَتْ عَلَى النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ " النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ". [الْآيَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى وَإِذْ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ] َّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٢٤] الْآيَةُ فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ابْتَلَى مَعْنَاهُ اخْتَبَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْمُشْكَلَيْنِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَاهُ أَمَرَ لِيَعْلَمَ مِنْ الِامْتِثَالِ أَوْ التَّقْصِيرِ مُشَاهَدَةً مَا عَلِمَ غَيْبًا، وَهُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، تَخْتَلِفُ الْأَحْوَالُ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ، وَعِلْمُهُ لَا يَخْتَلِفُ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ تَعَلُّقًا وَاحِدًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿بِكَلِمَاتٍ﴾ [البقرة: ١٢٤] هِيَ: جَمْعُ كَلِمَةٍ، وَيَرْجِعُ تَحْقِيقُهَا إلَى كَلَامِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ، لَكِنَّهُ تَعَالَى عَبَّرَ بِهَا عَنْ

1 / 54