318

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن لابن العربي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

بِحَالِهِ، فَيُعِيدُ عَلَيْهِ السُّؤَالَ إعْذَارًا أَوْ إنْذَارًا ثَلَاثًا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة السَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ قَوْله تَعَالَى الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا]
﴾ [البقرة: ٢٧٥]
هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ، وَفِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: ذَكَرَ مَنْ فَسَّرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَرَّمَ الرِّبَا قَالَتْ ثَقِيفٌ: وَكَيْف نَنْتَهِي عَنْ الرِّبَا، وَهُوَ مِثْلُ الْبَيْعِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ.
[مَسْأَلَةٌ تَفْسِير قَوْله تَعَالَى الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] كِنَايَةٌ عَنْ اسْتِجَابَةٍ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِهِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمُرْبِي قَصْدًا لِمَا يَأْكُلُهُ، فَعَبَّرَ بِالْأَكْلِ عَنْهُ، وَهُوَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ عَنْ الشَّيْءِ بِفَائِدَتِهِ وَثَمَرَتِهِ، وَهُوَ أَحَدُ قِسْمَيْ الْمَجَازِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
[مَسْأَلَةٌ كُلُّ زِيَادَةٍ لَمْ يُقَابِلْهَا عِوَضٌ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الرِّبَا فِي اللُّغَةِ هُوَ الزِّيَادَةُ، وَلَا بُدَّ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ مَزِيدٍ عَلَيْهِ تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ بِهِ؛ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِي تَحْرِيمِ كُلِّ رِبًا، أَوْ مُجْمَلَةٌ لَا بَيَانَ لَهَا إلَّا مِنْ غَيْرِهَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا عَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ وَيَرْبُونَ، وَكَانَ الرِّبَا عِنْدَهُمْ مَعْرُوفًا، يُبَايِعُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ: أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي؟ يَعْنِي أَمْ تَزِيدُنِي عَلَى مَالِي عَلَيْك وَأَصْبِرُ أَجَلًا آخَرَ. فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الرِّبَا، وَهُوَ الزِّيَادَةُ؛ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ كَمَا قُلْنَا لَا تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ إلَّا عَلَى مَزِيدٍ عَلَيْهِ، وَمَتَى قَابَلَ الشَّيْءُ غَيْرَ جِنْسِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَمْ تَظْهَرْ الزِّيَادَةُ، وَإِذَا قَابَلَ جِنْسَهُ لَمْ تَظْهَرْ الزِّيَادَةُ أَيْضًا إلَّا بِإِظْهَارِ الشَّرْعِ، وَلِأَجْلِ هَذَا صَارَتْ الْآيَةُ مُشْكِلَةً عَلَى الْأَكْثَرِ، مَعْلُومَةً لِمَنْ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالنُّورِ الْأَظْهَرِ.

1 / 320