182

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن لابن العربي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

مُفْطِرًا، فَذَلِكَ اتِّبَاعٌ لِلسُّنَّةِ وَأَقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ. وَلَا يَخْلُو الْمُتَمَتِّعُ أَنْ يَجِدَ الْهَدْيَ أَوْ لَا يَجِدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ وَعَلِمَ اسْتِمْرَارَ الْعَدَمِ إلَى آخِرِ الْحَجِّ صَامَ مِنْ أَوَّلِهِ؛ وَإِنْ رَجَاهُ آخِرَهُ إلَى مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ عَرَفَةَ فَيَصُومُهُ حِينَئِذٍ لِتَقَعَ الْأَيَّامُ مُصَوَّمَةً فِي الْحَجِّ، وَيَخْلُوَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَنْ الصَّوْمِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عِنْدِي عَلَى أَصْلٍ؛ وَهُوَ مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦] فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيَّامَ الْحَجِّ، وَيَحْتَمِلُ مَوْضِعَ الْحَجِّ؛ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَيَّامَ الْحَجِّ فَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ آخِرَ أَيَّامِ الْحَجِّ يَوْمُ النَّحْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ أَيَّامِ الْحَجِّ أَيَّامَ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ خَالِصًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَرْكَانِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَوْضِعَ الْحَجِّ صَامَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ، وَيَقْوَى جِدًّا، وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: " كَانَتْ عَائِشَةُ تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبِي يَصُومُهَا "، وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَا: " لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ ". خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ إقَامَتِهِ إلَّا بِمِقْدَارِهَا؛ يُؤَكِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَيَّامَ الْحَجِّ لَقَالَ: إذَا أَحْلَلْتُمْ أَوْ فَرَغْتُمْ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] أَيْ: عَنْ مَوْضِعِ الْحَجِّ بِإِتْمَامِ أَفْعَالِهِ. وَبِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الصَّوْمِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ كَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَنَّ أَيَّامَ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ». قُلْنَا: إنْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَامًّا فَقَدْ جَاءَ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ بِالتَّخْصِيصِ لِلْمُتَمَتِّعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

1 / 184