53

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن

Baare

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Goobta Daabacaadda

بيروت

عَنْهَا وَيُسَلِّمَهَا لَهُمْ فَمِنْ ضُرُوبِ السِّحْرِ كَثِيرٌ مِنْ التَّخْيِيلَاتِ الَّتِي مَظْهَرُهَا عَلَى خِلَافِ حَقَائِقِهَا فَمِنْهَا مَا يَعْرِفهُ النَّاسُ بِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهَا وَظُهُورِهَا وَمِنْهَا مَا يَخْفَى وَيَلْطُفُ وَلَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَمَعْنَى بَاطِنِهِ إلَّا مَنْ تَعَاطَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ عِلْمٍ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ وَظَاهِرٍ وَغَامِضٍ فَالْجَلِيُّ مِنْهُ يَعْرِفُهُ كُلُّ مَنْ رَآهُ وَسَمِعَهُ مِنْ الْعُقَلَاءِ وَالْغَامِضُ الْخَفِيُّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَهْلُهُ ومن تعاطى معرفته وتكلف فعله البحث عَنْهُ وَذَلِكَ نَحْوُ مَا يَتَخَيَّلُ رَاكِبُ السَّفِينَةِ إذَا سَارَتْ فِي النَّهْرِ فَيَرَى أَنَّ الشَّطَّ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ النَّخْلِ وَالْبُنْيَانِ سَائِرٌ مَعَهُ وَكَمَا يَرَى الْقَمَرَ فِي مَهَبِّ الشَّمَالِ يَسِيرُ لِلْغَيْمِ فِي مَهَبِّ الْجَنُوبِ وَكَدَوَرَانِ الدَّوَّامَةِ فِيهَا الشَّامَةِ فَيَرَاهَا كَالطَّوْقِ الْمُسْتَدِيرِ فِي أَرْجَائِهَا وَكَذَلِكَ يَرَى هَذَا فِي الرَّحَى إذَا كَانَتْ سَرِيعَةَ الدَّوْرَانِ وَكَالْعُودِ فِي طَرَفِهِ الْجَمْرَةُ إذَا أَدَارَهُ مديره رأى إذا تِلْكَ النَّارَ الَّتِي فِي طَرَفِهِ كَالطَّوْقِ الْمُسْتَدِيرِ وَكَالْعِنَبَةِ الَّتِي يَرَاهَا فِي قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ كَالْخَوْخَةِ وَالْإِجَّاصَةِ عَظْمًا وَكَالشَّخْصِ الصَّغِيرِ يَرَاهُ فِي الضَّبَابِ عَظِيمًا جَسِيمًا وَكَبُخَارِ الْأَرْضِ الَّذِي يُرِيك قُرْصَ الشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا عَظِيمًا فَإِذَا فَارَقَتْهُ وَارْتَفَعَتْ صَغُرَتْ وَكَمَا يُرَى الْمُرَدَّى فِي الْمَاءِ مُنْكَسِرًا أَوْ مُعْوَجًّا وَكَمَا يُرَى الْخَاتَمُ إذَا قَرَّبْته مِنْ عَيْنِك فِي سَعَةِ حَلْقَةِ السِّوَارِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُتَخَيَّلُ عَلَى غَيْرِ حَقَائِقِهَا فَيَعْرِفُهَا عَامَّةُ النَّاسِ وَمِنْهَا مَا يَلْطُفُ فَلَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ تَعَاطَاهُ وَتَأَمَّلَهُ كَخَيْطِ السَّحَّارَةِ الَّذِي يَخْرُجُ مَرَّةً أَحْمَرَ وَمَرَّةً أَصْفَرَ وَمَرَّةً أَسْوَدَ وَمِنْ لَطِيفِ ذَلِكَ وَدَقِيقِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُشَعْوِذُونَ مِنْ جِهَةِ الْحَرَكَات وإظهار التخيلات الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى غَيْرِ حَقَائِقِهَا حَتَّى يُرِيك عُصْفُورًا مَعَهُ أَنَّهُ قَدْ ذَبَحَهُ ثُمَّ يُرِيكَهُ وَقَدْ طَارَ بَعْدَ ذَبْحِهِ وَإِبَانَةِ رَأْسِهِ وَذَلِكَ لِخِفَّةِ حَرَكَتِهِ وَالْمَذْبُوحُ غَيْرُ الَّذِي طَارَ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعَهُ اثْنَانِ قَدْ خَبَّأَ أَحَدَهُمَا وَأَظْهَرَ الآخر ويخبأ لِخِفَّةِ الْحَرَكَةِ الْمَذْبُوحَ وَيُظْهِرُ الَّذِي نَظِيرُهُ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ قَدْ ذَبَحَ إنْسَانًا وَأَنَّهُ قَدْ بَلَعَ سيفا معه وَأَدْخَلَهُ فِي جَوْفِهِ وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ حَقِيقَةٌ وَمِنْ نَحْوِ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ أَصْحَابُ الْحَرَكَات لِلصُّوَرِ الْمَعْمُولَةِ مِنْ صُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَرَى فَارِسَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فَيَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَيَنْصَرِفُ بِحِيَلٍ قَدْ أُعِدَّتْ لِذَلِكَ وَكَفَارِسٍ مِنْ صُفْرٍ عَلَى فَرَسٍ فِي يَدِهِ بُوقٌ كُلَّمَا مَضَتْ سَاعَةٌ مِنْ النَّهَارِ ضَرَبَ بِالْبُوقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ أَحَدٌ وَلَا يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْكَلْبِيُّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْجُنْدِ خَرَجَ بِبَعْضِ نَوَاحِي الشَّامِ مُتَصَيِّدًا وَمَعَهُ كَلْبٌ لَهُ وَغُلَامٌ فَرَأَى ثَعْلَبًا فَأَغْرَى بِهِ الْكَلْبَ فَدَخَلَ الثَّعْلَبُ ثُقْبًا فِي تَلٍّ هُنَاكَ وَدَخَلَ الْكَلْبُ خَلْفَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ فَأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يَدْخُلَ فَدَخَلَ وانتظره

1 / 55