Xukunka Qur'aanka
أحكام القرآن
Tifaftire
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fasiraadda
الْحَرْبِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وقَوْله تَعَالَى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْن الْحَرْبِيَّاتِ وَالذِّمِّيَّاتِ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وقَوْله تَعَالَى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِجَوَازِ النِّكَاحِ وَلَا فَسَادِهِ وَلَوْ كَانَ وُجُوبُ الْقِتَالِ عِلَّةً لِفَسَادِ النِّكَاحِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ نِكَاحُ نِسَاءِ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَبَانَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِوُجُوبِ الْقِتَالِ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ وَأَنَّ مَا كَرِهَهُ أَصْحَابُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ وَالنِّكَاحُ يُوجِبُ الْمَوَدَّةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً فَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ النِّكَاحَ سَبَبُ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ وَنَهَانَا عَنْ مُوَادَّةِ أَهْلِ الْحَرْبِ كَرِهُوا ذَلِكَ وقوله يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنَّمَا هُوَ فِي أَهْلِ الْحَرْبِ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَقٌّ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي حَدٍّ وَنَحْنُ فِي حَدٍّ وَكَذَلِكَ الْمُشَاقَّةُ وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا فِي شِقٍّ وَنَحْنُ فِي شِقٍّ وَهَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلِذَلِكَ كَرِهُوهُ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ وَلَدَهُ يُنَشَّأُ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى أَخْلَاقِ أَهْلِهَا وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ
قَالَ ﷺ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُشْرِكِينَ
وَقَالَ ﷺ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ
فَإِنْ قِيلَ مَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَاصِرًا لِحُكْمِهِ عَلَى الذِّمِّيَّاتِ مِنْهُنَّ دُونَ الْحَرْبِيَّاتِ قِيلَ لَهُ الْآيَةُ إنَّمَا اقْتَضَتْ النَّهْيَ عَنْ الْوِدَادِ وَالتَّحَابِّ فَأَمَّا نَفْسُ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَصِيرُ سَبَبًا لِلْمُوَادَّةِ وَالتَّحَابِّ فَنَفْسُ الْعَقْدِ لَيْسَ هُوَ الْمُوَادَّةَ وَالتَّحَابَّ إلَّا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ فَاسْتَحْسَنُوا لَهُ غَيْرَهُنَّ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا قَالَ عَقِيبَ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ حَرَّمَ نِكَاحَهُنَّ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ الذِّمِّيَّاتِ وَالْحَرْبِيَّاتِ مِنْهُنَّ فَوَجَبَ تَحْرِيمُ نِكَاحِهِنَّ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ كَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ قِيلَ لَهُ مَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ عِلَّةً مُوجِبَةً لِتَحْرِيمِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكَانَ غَيْرُ جَائِز إبَاحَتُهُنَّ بِحَالٍ فَلَمَّا وَجَدْنَا نِكَاحَ الْمُشْرِكَاتِ قَدْ كَانَ مُبَاحًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إلَى أَنْ نَزَلَ تَحْرِيمُهُنَّ مَعَ وُجُودِ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ دُعَاءُ الْكَافِرِينَ لَنَا إلَى النَّارِ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ بِعِلَّةٍ مُوجِبَةٍ لِتَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَقَدْ كَانَتْ امْرَأَةُ نُوحٍ وَامْرَأَةُ لُوطٍ كَافِرَتَيْنِ تَحْتَ نَبِيَّيْنِ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى
2 / 18