290

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن

Baare

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Goobta Daabacaadda

بيروت

عُذْرٍ لِأَنَّ الْآيَةَ قَدْ اقْتَضَتْ الْإِيجَابَ بِالدُّخُولِ وَإِذَا وَجَبَ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهُ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ خُرُوجُهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَسَائِرِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالنُّذُورِ وَنَظِيرُ هذه الآية في إيجاب القرب فالدخول فيها قوله [وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها] وَالِابْتِدَاعُ قَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْقَوْلِ ثُمَّ ذَمَّ تَارِكِي رِعَايَتِهَا بَعْدَ الِابْتِدَاعِ فَدَلَّ ذلك على أن من يبتدع قُرْبَةً بِالدُّخُولِ فِيهَا أَوْ بِإِيجَابِهَا بِالْقَوْلِ أَنَّ عَلَيْهِ إتْمَامَهَا لِأَنَّهُ مَتَى قَطَعَهَا قَبْلَ إتْمَامِهَا فَلَمْ يَرْعَهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا وَالذَّمُّ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لُزُومَهَا بِالدُّخُولِ كَهُوَ بِالنَّذْرِ وَالْإِيجَابِ بِالْقَوْلِ وَيُحْتَجُّ فِي مِثْلِهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ [وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثًا] جعله الله مثلا لمن عهد الله عَهْدًا أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَفِ به ويقضه هو عُمُومٌ فِي كُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي قُرْبَةٍ فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْ نَقْضِهَا قَبْلَ إتْمَامِهَا لِأَنَّهُ مَتَى نَقَضَهَا فَقَدْ أَفْسَدَ مَا مَضَى مِنْهَا بَعْدَ تَضَمُّنِ تَصْحِيحِهَا بِالدُّخُولِ فِيهَا وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ نَاقِضَةِ غَزْلِهَا بَعْدَ فَتْلِهَا بِقُوَاهَا وَهَذَا يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَنْ ابْتَدَأَ فِي حَقِّ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بَدِيًّا فَعَلَيْهِ إتْمَامُهُ وَالْوَفَاءُ بِهِ لِئَلَّا يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ نَاقِضَةِ غَزْلِهَا فَإِنْ قيل إنما نزلت هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَالْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا لِأَنَّهُ
قَالَ تَعَالَى [وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ] ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ [وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ] قِيلَ لَهُ نُزُولُهَا عَلَى سَبَبٍ لَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ عُمُوم لَفْظِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى [وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ] وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَقَلَّ مَا يَصِحُّ فِي الْفَرْضِ مِنْ الصَّوْمِ يَوْمٌ كَامِلٌ وَفِي الصَّلَاةِ ركعتان ولا تصح النوافل وتكون قُرْبَةً إلَّا حَسْبَ مَوْضُوعِهَا فِي الْفُرُوضِ بِدَلَالَةِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِيفَاءِ شُرُوطِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ النَّفْلِ مِثْلُ صَوْمِ الْفَرْضِ فِي لُزُومِ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ تَحْتَاجُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالسِّتْرِ إلَى مِثْلِ مَا شُرِطَ فِي الْفُرُوضِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ الْفَرْضِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا صَوْمُ بَعْضِ يَوْمٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ النَّفْلِ فَمَتَى دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ إتْمَامِهِ فَقَدْ أَبْطَلَهُ وَأَبْطَلَ ثَوَابَ مَا فَعَلَهُ مِنْهُ وقَوْله تَعَالَى [وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ] يَمْنَعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ قَبْلَ إتْمَامِهِ لِنَهْيِ اللَّهِ تعالى إياه عن إبطاله وإذا لزمه إتْمَامَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ إذَا خَرَجَ منه قبل إتمامها مَعْذُورًا كَانَ فِي خُرُوجِهِ أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ

1 / 292