268

Xukunka Qur'aanka

أحكام القرآن

Baare

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Goobta Daabacaadda

بيروت

بَابٌ فِي الْمُسَافِرِ يَصُومُ رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسَافِرِ يَصُومُ رَمَضَانَ عَنْ وَاجِبِ غَيْرِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ عَمَّا نَوَى فَإِنْ صَامَهُ تَطَوُّعًا فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ تَطَوُّعٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُوَ عَنْ رَمَضَانَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا فِي الْمُقِيمِ إذَا نَوَى بِصِيَامِهِ وَاجِبًا غَيْرَهُ أَوْ تَطَوُّعًا إنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ وَيَجْزِيهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي امْرَأَةٍ صَامَتْ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا فَإِذَا هُوَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَجْزَأَهَا وَقَالَا مَنْ صَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ تَطَوُّعًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ رَمَضَانُ أَجْزَى عَنْهُ وَقَالَ مَالِكُ وَاللَّيْثُ مَنْ صَامَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ رَمَضَانُ لَمْ يَجْزِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ دَيْنًا وَلَا قَضَاءً لِغَيْرِهِ فِي رَمَضَانَ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يجزه في رمضان وَلَا لِغَيْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ نَبْتَدِئُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَلَامِ فِي الْمُقِيمِ يَصُومُ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا فَنَقُولُ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا قَوْلُهُ ﷿ [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ- إلى قوله- وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] وَلَمْ يُخَصِّصْ صَوْمًا فَهُوَ عَلَى سَائِرِ مَا يَصُومُهُ مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ فَرْضٍ فِي كَوْنِهِ مُجْزِيًا عَنْ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو الصَّائِمُ تطوعا أو واجبا غيره أَنْ يَكُونَ صَوْمًا عَمَّا نَوَى دُونَ رَمَضَانَ أَوْ يَكُونَ مُلْغًى لَا حُكْمَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَوْ مُجْزِيًا عَنْ رَمَضَان فَلَمَّا كَانَ وُقُوعُهُ عَمَّا نَوَى وَكَوْنُهُ مُلْغًى مَانِعَيْنِ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الصِّيَامُ خَيْرًا لَهُ بَلْ يَكُونُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ خَيْرًا لَهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مُلْغًى وَلَا عَمَّا نَوَى مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] ثُمَّ قَالَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] وَمَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إضْمَارُ الْإِفْطَارِ فِيهِ وَأَنَّ تَقْدِيرَهُ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فَإِنَّمَا أَوْجَبَ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إذا أفطرا فيه فَثَبَتْ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَامَ مِنْ الْمُقِيمِينَ ولم يفطر فلا قضاء عليه إذا قد تضمنت الآية وأن صِيَامَ الْجَمِيعِ مِنْ الْمُخَاطَبِينَ إلَّا مَنْ أَفْطَرَ مِنْ الْمَرْضَى وَالْمُسَافِرِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ
فَاقْتَضَى ظَاهِرُ ذَلِكَ جَوَازَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَوْقَعَ صَوْمَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ لَمَّا كَانَ مُسْتَحِقَّ الْعَيْنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَشْبَهَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَوْقَعَهُ أَجْزَأَ عَنْ الْفَرْضِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ عَمَّا نَوَاهُ فَلَوْلَا أنه قد أجرى

1 / 270