Xukunka Qur'aanka
أحكام القرآن
Baare
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Goobta Daabacaadda
بيروت
الْهِلَالُ الَّذِي رَأَى نَهَارًا اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ وَاحْتُمِلَ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَكَانَ الِاحْتِمَالُ لِذَلِكَ جَاعِلُهُ فِي حُكْمِ مَا خَفِيَ عَلَيْنَا رُؤْيَتُهُ فَوَاجِبٌ أَنْ يعد الشهر ثلاثين يوما بقضية قوله ﷺ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا
قَالَ ﷺ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ
اقْتَضَى ظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالْإِفْطَارِ أَيَّ وَقْتٍ رَأَى الْهِلَالَ فِيهِ فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ مَزْجُورٌ عَنْ الْإِفْطَارِ لِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ خَصَّصْنَاهُ مِنْهُ وَبَقِيَ حُكْمُ الْعُمُومِ فِي رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ قِيلَ لَهُ مُرَادُهُ ﷺ رُؤْيَتُهُ لَيْلًا بِدَلَالَةِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا تُوجِبُ لَهُ الْإِفْطَارَ لِأَنَّهُ رَآهُ نَهَارًا وَكَذَلِكَ حُكْمُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِوُجُودِ هَذَا الْمَعْنَى وَأَيْضًا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَتِهِ لَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ وَمَا قَبْلَهْ مِنْ رَمَضَانَ لِحُصُولِ الْيَقِينِ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْإِفْطَارُ لِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَا لِرُؤْيَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْهُ لِاسْتِحَالَةِ أَمْرِهِ بِالْإِفْطَارِ فِي وَقْتٍ قَدْ تَقَدَّمَ الرُّؤْيَةُ فَيُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ رَمَضَانَ فَيَكُونُ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضَ يَوْمٍ وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ ﷺ لِلشَّهْرِ بِأَحَدِ عَدَدَيْنِ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ
لِقَوْلِهِ ﷺ الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ
وَقَوْلُهُ الشَّهْرُ ثَلَاثُونَ
وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ فِي أَنَّ الشَّهْرَ لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا وَأَنَّ الشُّهُورَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ دُونَ أَنْ يَكُونَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَبَعْضَ يَوْمٍ وَإِنَّمَا النُّقْصَانُ وَالزِّيَادَةُ بِالْكُسُورِ إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الشُّهُورِ الْإِسْلَامِيَّةِ نَحْوُ شُهُورِ الرُّومِ الَّتِي مِنْهَا مَا هُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ وَهُوَ شُبَاطُ إلَّا فِي السَّنَةِ الْكَبِيسَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَمِنْهَا مَا هُوَ وَاحِدٌ وَثَلَاثُونَ وَمِنْهَا مَا هُوَ ثَلَاثُونَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الشُّهُورِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَذَلِكَ فَلَمَّا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ إلَّا ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِقَوْلِهِ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ إلَّا أَنْ يُرَى لَيْلًا وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِرُؤْيَتِهِ نَهَارًا لِإِيجَابِهِ كَوْنَ بَعْضِ يَوْمٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ وَبَعْضُهُ مِنْ شَهْرٍ غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي قَالَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ هُوَ الَّذِي قَالَ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ وَرُؤْيَتُهُ نَهَارًا فِي مَعْنَى مَا قَدْ غُمِّيَ عَلَيْنَا لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فِي كَوْنِهِ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ عَدَّهُ ثَلَاثِينَ وَأَيْضًا
قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ أَوْ قَتَرَةٌ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ سَنَدِهِ فَحُكْمُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْهِلَالِ الَّذِي قَدْ حَالَ بَيْنَنَا وبينه حائل
1 / 257