Xukunka Qur'aanka
أحكام القرآن
Baare
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Goobta Daabacaadda
بيروت
وَحْدَهُ أَنَّهُ لَا يَصُومُ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي رَجُلٍ رَأَى هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ النَّاسِ بِلَيْلَةٍ لَا يَصُومُ قَبْلَ النَّاسِ وَلَا يُفْطِرُ قَبْلَهُمْ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ شُبِّهَ لَهُ فَأَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوَابَ فِي أَنَّهُ لَا يَصُومُ وَهَذَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الرُّؤْيَةَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا شُبْهَةٍ أَنَّهُ لَا يَصُومُ وَأَمَّا عَطَاءٌ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ لَهُ الْإِفْطَارَ إذَا جَوَّزَ عَلَى نَفْسِهِ الشُّبْهَةَ فِي الرُّؤْيَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَأَى حَقِيقَةً وَإِنَّمَا تَخَيَّلَ لَهُ مَا ظَنَّهُ هِلَالًا وَظَاهِرُ الْآيَةِ يُوجِبُ الصَّوْمَ عَلَى مَنْ رَآهُ إذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ رَآهُ وَحْدَهُ وَمَنْ رَآهُ مَعَ النَّاسِ وَفِيهَا حُكْمٌ آخَرُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِدُخُولِ الشَّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ وَيَحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] قَالَ فَإِنَّمَا أَلْزَم الْفَرْضَ عَلَى مَنْ عَلِمَ به لأن قوله [فَمَنْ شَهِدَ] بِمَعْنَى شَاهَدَ وَعَلِمَ فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ غَيْرُ مُؤَدٍّ لِفَرْضِهِ وَذَلِكَ كَنَحْوِ مَنْ يَصُومُ رَمَضَانَ عَلَى شَكٍّ ثُمَّ يَصِيرُ إلَى الْيَقِينِ وَلَا اشْتِبَاهَ كَالْأَسِيرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا صَامَ شَهْرًا فَإِذَا هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقَالُوا لا يجزى مَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ وَيُحْكَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَعَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فيه قولان أحدهما أنه يجزى والآخر أنه لا يجزى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْأَسِيرِ إذَا أَصَابَ عَيْنَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَ شَهْرًا بَعْدَهُ وَأَصْحَابُنَا يُجِيزُونَ صَوْمَهُ بَعْدَ أَنْ يُصَادِفَ عَيْنَ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الفقهاء أنه إذا تحرى شهر أو غلب عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ رَمَضَانَ ثُمَّ صَارَ إلَى الْيَقِين وَلَا اشْتِبَاهَ أَنَّهُ رَمَضَانَ أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا تَحَرَّى وَقْتَ صَلَاةٍ فِي يَوْمِ غَيْمٍ وَصَلَّى عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ الْوَقْتُ يُجْزِيهِ وقَوْله تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] إن احْتَمَلَ الْعِلْمُ بِهِ فَغَيْرُ مَانِعٍ مِنْ جَوَازِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي لُزُومِهِ وَمَنْعِ تَأْخِيرِهِ وَأَمَّا نَفْيُ الْجَوَازِ فَلَا
دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ مِنْ مَنْعِ جَوَازِهِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِرَمَضَانَ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ الشَّهْرَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى لُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِشَهْرِ رَمَضَانَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطُ جَوَازِ صَوْمِهِ الْعِلْمَ بِهِ كَمَا لَمْ يَكُنْ شَرْطُ وُجُوبِ قَضَائِهِ الْعِلْمَ به ولما كان من وصفنا حاله مَنْ فَقَدَ عِلْمَهُ بِالشَّهْرِ شَاهِدًا لَهُ فِي بَابِ لُزُومِهِ قَضَاءَهُ إذَا لَمْ يَصُمْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَهُ فِي بَابِ جَوَازِ صَوْمِهِ مَتَى صَادَفَ عَيْنَهُ وَأَيْضًا إذَا احْتَمَلَ قوله تعالى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ] أَنْ يَعْنِي بِهِ كَوْنَهُ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ فِي الشَّهْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
1 / 233