Xukunka Qur'aanka
أحكام القرآن
Baare
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Goobta Daabacaadda
بيروت
حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رسول الله ﷺ (لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ)
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ لِرَجُلٍ (أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ)
فَأَضَافَ نَفْسَهُ إلَيْهِ كَإِضَافَةِ مَالِهِ وَإِطْلَاقُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ يَنْفِي الْقَوَدَ كَمَا يَنْفِي أَنْ يُقَادَ الْمَوْلَى بِعَبْدِهِ لِإِطْلَاقِ إضَافَتِهِ إلَيْهِ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْمِلْكَ فِي الظَّاهِرِ وَالْأَبُ وَإِنَّ كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لِابْنِهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ اسْتِدْلَالَنَا بِإِطْلَاقِ الْإِضَافَةِ لِأَنَّ الْقَوَدَ يُسْقِطُهُ الشُّبْهَةُ وَصِحَّةُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ شُبْهَةٌ فِي سُقُوطِهِ وَيَدُلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ (إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كسبه)
وقال ﷺ (إنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ)
فَسَمَّى وَلَدَهُ كَسْبًا لَهُ كَمَا أَنَّ عَبْدَهُ كَسْبُهُ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ وَأَيْضًا فَلَوْ قَتَلَ عَبْدَ ابْنِهِ لم يقتل به لأنه ﷺ سَمَّاهُ كَسْبًا لَهُ كَذَلِكَ إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ وَأَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ] الْآيَةَ فَأَمَرَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ الْكَافِرَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ وَأَمَرَهُ بِالشُّكْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى [أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ] وَقَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ وَذَلِكَ يَنْفِي جَوَازَ قَتْلِهِ إذَا قَتَلَ وَلِيًّا لِابْنِهِ فَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ ابْنَهُ لِأَنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَوَدَ بِقَتْلِ الِابْنِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الِابْنِ الْمَقْتُولِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ الْمَقْتُولُ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى [إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا] وَلَمْ يُخَصِّصْ حَالًا دُونَ حَالٍ بَلْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَمْرًا مُطْلَقًا عَامًّا فَغَيْرُ جَائِزٍ ثُبُوتُ حق القود له عَلَيْهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَهُ يُضَادُّهُ هَذِهِ الْأُمُورُ التي أمر الله تعالى لها فِي مُعَامَلَةِ وَالِدِهِ وَأَيْضًا
نَهَى النَّبِيُّ ﷺ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ وَكَانَ مُشْرِكًا مُحَارِبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ
وَكَانَ مَعَ قُرَيْشٍ يُقَاتِلُ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَوْ جَازَ لِلِابْنِ قَتْلُ أَبِيهِ فِي حَالٍ لَكَانَ أَوْلَى الْأَحْوَالِ بِذَلِكَ حَالَ مَنْ قَاتَلَ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُشْرِكٌ إذْ لَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ وَالذَّمِّ وَالْقَتْلِ مِمَّنْ هذه حاله فلما نهاه ﷺ عَنْ قَتْلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَتْلَهُ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهُ لَوْ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ لَهُ وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَهُ لَمْ يُحْبَسْ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُضَادُّ مُوجَبَ الْآيِ الَّتِي ذَكَرْنَا ومن الفقهاء
1 / 179