أحدها: أن المهاجرة من أهل الحرب ليس عليها عدة، إنما عليها استبراء بحيضة، وهذا أحد قولي العلماء في هذه المسألة؛ لأن العدة فيها حق للزوج، كما قال الله تعالى :
﴿فما لكم عليهن من عدة تعتدونها﴾ (٧٤).
ولهذا قلنا: لا تتداخل، وهذه ملكت نفسها بالإسلام والهجرة، كما يملك العبد نفسه بالإسلام والهجرة، فلم يكن للزوج عليها حق، لكن الاستبراء فيها كالأمة المعتقة، وقد يقوي هذا قول من يقول: المختلعة يكفيها حيضة؛ لأن كليهما متخلصة.
الثاني: أن زوجها إذا هاجر قبل النكاح ردت إليه وإن كانت قد حاضت. ومع هذا فقد روى البخاري بعد هذا عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس: إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه (٧٥). وما ذكره ابن عباس في المهاجرة يوافق المشهور من ((أن زينب بنت رسول الله ﷺ ردت على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول)). وقد كتبت في الفقه في هذا آثاراً ونصوصاً عن الإمام أحمد وغيره.
الثالث: قوله: ان المهاجر من عبيدهم يكون حراً له ما للمهاجرين، كما في قصة أبي بكرة ومن هاجر معه من عبيد أهل الطائف، وهذا لا ريب فيه؛ فإنه بالإسلام والهجرة ملك نفسه؛ لأن مال أهل الحرب مال إباحة، فمن غلب على شيء ملكه، فإذا غلب على نفسه فهو أولى أن يملكها، والإسلام يعصم ذلك.
الرابع: أن المهاجر من رقيق المعاهدين، يرد عليهم ثمنه دون عينه؛ لأن مالهم معصوم، فهو كما لو أسلم عبد الذمي يؤمر بإزالة ملكه عنه ببيع أو هبة أو عتق، فإن فعل وإلا بيع عليه، ولا يرد عينه عليهم؛ لأنهم يسترقون المسلم، وذلك لا
(٧٤) سورة: الأحزاب، الآية: ٤٩.
(٧٥) أخرجه البخاري في صحيحه، الباب ٢٠ من كتاب الطلاق.
61