وهكذا عدت مظفرا من السراي أردد قول أبي فراس:
إذا ما أرسل الأمراء جيشا
إلى الأعداء أرسلنا كتابا
وهذه المرة كان الحبر والورق أغلى من الألماس مئات المرات، صادف أرضا طيبة فأغل أيما غلة.
أما الطريق فشقت الخمسون ألف ليرة قسما منها، وبنت جسرا حال دون النهر وأرواح العباد، ولكنها لا تزال حيث تركها سامي بك. لست أذكره بها لأن الكريم لا يهز، والفاروق عمر بن الخطاب لم يذكره أحد بتلك الأرملة.
كم كنت أسمع الناس يقولون حين تقف بهم السيارة عند منتهى الطريق ويشمرون للمشي: الله يرد أيامك يا سامي بك. وأنا أقول معهم: الله يطول عمر هذا الصاروخ الذي يحق له كلما ولي الأحكام، أن يردد قول الحجاج بن يوسف: لا أهم إلا أمضيت، ولا أخلق إلا فريت، ولا أعد إلا وفيت.
صباحية
استقل عيد الميلاد بكل ما يتعلل به القلب الإنساني من رموز سامية وأمل بعالم أصلح وحسبك هذه الكلمة: المجد لله في العلاء، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر. لم يدع لعيد رأس السنة شيئا من المعاني الإلهية، فكان عيد السماء وظل عيد رأس السنة عيد الأرض؛ ولذلك خلا هذا العيد من المعاني التي تربط الأرض بالسماء.
لقد أمسى من تقويم الدهر، كهنيهة يتنفس فيها المسافر الصعداء، ثم يستأنف الخبط في بيداء الأمل. يلتفت المرء في هذه الوقفة، إلى الوراء فيمتلئ قلبه مرارة إن كان خاب، ويزود سنته بالكلمة المشهورة: تذكر ولا تعاد. وإن كانت سنة خير وبركة تلهف على واحدة مثلها تقبر الفقر.
الخائب في هذا اليوم يرجو ظفرا عتيدا، والمفلح يتمنى مزيدا، ولولا هذا الرجاء لخلا هذا العيد من كل معنى.
Bog aan la aqoon