وكثيرا ما كان جدي في جمعة الآلام يفطر على ورق البصل ولا يذوق طعاما إدامه الزيت. ويتعشى رأس ثوم بعد أن يشويه، ويتحلى بالتين المطبوخ بالدبس، بعد أن يعود من صلاة الحاش «الآلام» ويكون قد شبع من سب اليهود الذي لم يبطل ولا يزال، ولكن المصلين بتلك الحرارة قد فقدوا.
كان رحمه الله يقول: قال الله لعبده: كن حارا أو باردا، ولا تكن فاترا، ولذلك كان هو حارا وخصوصا حين كان يضربنا بعكازه إذا قصرنا في واجباتنا الدينية.
وكانت والدتي أشد حرارة من جدي - وهو عمها في جهتين - لأنها بنت خوري وكنة خوري وكلاهما زميتان محافظان على الصلوات الخمس يقيمانها في أوقاتها ومواعيدها.
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
تعودت المرحومة أن تضع الشمعة وعلبة النار حد فرشة أبيها الخوري وعند رأسه، حتى إذا ما نهض ليصلي صلاة الليل، والكل نائمون، أضاء هو الشمعة وقام بصلاته على موسيقى شخير أولاده. ولما انتقلت بنته إلى بيتنا، بيت أخيه، ظلت تعامل عمها الخوري معاملتها والدها، ثم ظلت على تلك العادة، فكانت إذا ما أمسى عندنا خوري تضع له الشمعة وعلبة النار حد رأسه.
وجاءنا أحد هؤلاء الكهنة الذين لا يصلون فاختارت له الوالدة شمعة جديدة وكم كانت خيبتها مرة حين لاح لها النهار ورأت أن بكارة الشمعة لم تفض، فنادت والدي وهي تولول فهرول ظانا أن في الفراش حية لدغتها، وما دنا منها حتى صاحت متعجبة: تفرج يا حنا، الشمعة بقيت كما هي! يه يه يه. - بلا يه وبلا بلوط، اليوم صار البيع بالجملة. أيام أبيك وعمك راحت يا كاترينا. كان الناس يودعون المرفع ويستقبلون الصوم بهذه العبارة: كما رفعتم بخير تصوموا وتعيدوا بخير. واليوم إذا أردنا أن نكون صادقين فماذا نقول؟
وكان الناس يعيد بعضهم بعضا بقولهم: المسيح حقا قام، وكان الجواب: حقا قام، واليوم يصح أن يقال: المسيح حقا قام، ولكن بدون صيام.
جينا للضيعة جينا
إلى الدكتور سليم حيدر
Bog aan la aqoon