Aghani
الأغاني
Baare
علي مهنا وسمير جابر
Daabacaha
دار الفكر للطباعة والنشر
Goobta Daabacaadda
لبنان
ثم قال عمر لابن سريج يا أبا يحيى إني تفكرت في رجوعنا مع العشية إلى مكة مع كثرة الزحام والغبار وجلبة الحاج فثقل علي فهل لك أن تروح رواحا طيبا معتزلا فنرى فيه من راح صادرا إلى المدينة من أهلها ونرى أهل العراق وأهل الشام ونتعلل في عشيتنا وليلتنا ونستريح قال وأنى ذلك يا أبا الخطاب قال على كثيب أبي شحوة المشرق على بطن يأجج بين منى وسرف فنبصر مرور الحاج بنا ونراهم ولا يرونا قال ابن سريج طيب والله يا سيدي فدعا بعض خدمه فقال اذهبوا إلى الدار بمكة فاعملوا لنا سفرة واحملوها مع شراب إلى الكثيب حتى إذا أبردنا ورمينا الجمرة صرنا إليكم قال والكثيب على خمسة أميال من مكة مشرف على طريق المدينة وطريق الشام وطريق العراق وهو كثيب شامخ مستدق أعلاه منفرد عن الكثبان فصارا إليه فأكلا وشربا فلما انتشيا أخذ ابن سريج الدف فنقره وجعل يغني وهم ينظرون إلى الحاج فلما أمسيا رفع ابن سريج صوته يغني في الشعر الذي قاله عمر فسمعه الركبان فجعلوا يصيحون به يا صاحب الصوت أما تتقي الله قد حبست الناس عن مناسكهم فيسكت قليلا حتى إذا مضوا رفع صوته وقد أخذ فيه الشراب فيقف آخرون إلى أن مرت قطعة من الليل فوقف عليه في الليل رجل على فرس عتيق عربي مرح مستن فهو كأنه ثمل حتى وقف بأصل الكثيب وثنى رجله على قربوس سرجه ثم نادى يا صاحب الصوت أيسهل عليك أن ترد شيئا مما سمعته قال نعم ونعمة عين فأيها تريد قال تعيد علي
( ألا يا غراب البين مالك كلما
نعبت بفقدان علي تحوم )
( أبالبين من عفراء أنت مخبري
عدمتك من طير فأنت مشوم )
قال والغناء لابن سريج فأعاده ثم قال ابن سريج ازدد إن شئت فقال غني
( أمسلم إني يابن كل خليفة
ويا فارس الهيجا ويا قمر الأرض )
( شكرتك إن الشكر حبل من التقى
وما كل من أقرضته نعمة يقضي )
( ونوهت لي باسمي وما كان خاملا
ولكن بعض الذكر أنبه من بعض )
فغناه فقال له الثالث ولا أستزيدك فقال قل ما شئت فقال تغنيني
( يا دار أقوت بالجزع فالكثب
بين مسيل العذيب فالرحب )
( لم تتقنع بفضل مئزرها
دعد ولم تسق دعد في العلب )
Bogga 256