إلا أن المغالاة محذورة من الطرفين، لأن المغالاة من هنا أو هناك تضر بالفرد كما تضر بالمجموع.
فمن المغالاة أن يمحي الفرد محوا في سبيل الجماعة، لأن في هذا المحو تضييعا للمزايا والكفايات.
ومن المغالاة إنكار النوع وإثبات الفرد وحده، لأن النوع موجود في جسم الفرد متمثل في غرائزه النوعية التي هي أقوى دوافعه النفسية، سواء تمثلت في الحب بين الرجل والمرأة، أو في الحنان الأبوي على الأبناء أو في غريزة الاجتماع.
وقوام الأمرين أن الفرد موجود وأن النوع موجود، وأن صلاح النوع في الانتفاع بمزايا الأفراد، وأن صلاح الفرد في الاعتراف بغرائزه النوعية وعلاقاته الإنسانية التي لا فكاك منها.
هذا هو الجانب الاجتماعي النفساني من المذاهب الوجودية على تعددها وافتراقها.
وأما الجانب الفلسفي فمداره على البحث القديم في مبلغ إدراكنا للحقيقة بحواسنا وعقولنا.
هل نحن نعرف الوجود بالحواس والعقول، أو وراء ذلك حقائق الأشياء في ذواتها لا تدركها الحواس ولا تنفذ إليها العقول؟
وسيظل الخلاف على ذلك قائما ما دام في الدنيا موجودون يبحثون عن الوجود.
الفوضوية والوجودية
قامت في فرنسا في القرن الماضي حركة سياسية سميت في تاريخ الفلسفة باسم
Bog aan la aqoon