ومدام سيمون دي بوفوار
Simone de Beuavoire
ويتبعهم طائفة غير قليلة من الكتاب الصحفيين!
فالوجودية التي تتمثل في كتابة سرتر هي وجودية الفخر بالألم والشدة، واعتماد النفس على النفس في اختيار الطريق المرتسم لها في أعماق سريرتها، على وفاق كيانها الشخصي، ولو كان اختيارها مناقضا لاختيار المقادير.
والوجودية التي تتمثل في كتابة كاموس هي وجودية الاطمئنان إلى عبث الحياة. وعنده أن الإنسان في هذه الدنيا شبيه ببطل الأسطورة الإغريقية سيسفوس. وهو رجل عصى مشيئة الأرباب والتمس منهم بعد الموت أن يعود إلى الدنيا ليؤدب زوجته على خيانتها، فسمحوا له بالعودة إلى أجل محدود، وجاوز هو الأجل المحدود غير مكترث بنذير القضاء، فحكموا عليه بأن يتردى إلى الجحيم مسخرا في عمل لا طائل تحته وليس له انتهاء، وذاك أن يستجمع جهده ليرفع صخرة عظيمة من أسفل الجبل إلى قمته، ثم تنحدر الصخرة فيعود إلى رفعها مرة بعد مرة إلى غير نهاية معلومة ولغير قصد معروف.
وكل إنسان في رأي كاموس هو سيسفوس مسخر في مثل هذا الجهد الضائع والعبث العقيم، ولكنه يبحث عن معنى هذا الكفاح فيشقى، ويطمئن إلى خلوه من كل معنى فيخرج منه ببطولة الجلد والثبات ويستريح من قلق الانتظار، ومتى قدر على الإنسان أن يحرم الجهاد في قضية رابحة معلومة الأسباب فأشرف الجهاد بعد ذلك جهاده في قضية خاسرة مجهولة الأسباب.
ومدام بوفوار تضرب على نغمة كهذه النغمة، وتزيد عليها بشيء من الغلواء والتكلف واتخاذ الأوضاع أو «البوزات» كما يسمونها في لغة التمثيل. •••
هذه الوجودية في فرنسا - بعد الحرب العالمية - ظاهرة تقبل التعليل القريب.
ففيها النزعة الوجدانية، وفيها الإيمان بالحرية الفردية، أو باختيار الإنسان لنفسه في عالم الضمير، وفيها التمرد على سلطان الكهانة وسلطان الرياسة المقررة على الإجمال، وليس بعجيب أن تروج بين الفرنسيين - بعد الحرب العالمية - عقيدة تجمع هذه النزعات في نسق واحد، لأنها النتيجة الطبيعية لطغيان الحركات الجماعية أو الزحامية، ويقظة الإيمان الفردي مع ثورة الفرد والأمة على رجال الدين.
ويمكن أن يقال إن فلسفة «هيجل» قد تمخضت عن أخوين شقيقين يجمعان نقائض الأسرة كلها في طرفين متقابلين، كما يشاهد في كثير من الأشقاء بين أسر الآباء والأبناء.
Bog aan la aqoon