الوضع في الحديث وأسبابه كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة - إلى ما بعد المائة الاولى من الهجرة وصدر كبير من المائة الثانية - أن اتسعت أبواب الرواية ، وفاضت أنهار الوضع ، بغير ما ضابط ولا قيد ، حتى لقد بلغ ما روى من الاحاديث الموضوعة عشرات الالوف ، لا يزال أكثرها منبثا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الارض ومغاربها . نشأة الاختراع في الرواية والوضع على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد أجمع الباحثون والعلماء المحققون - على أن نشأة الاختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التى أودت بحياته ، ثم اشتد الاختراع واستفاض بعد مبايعة على رضى الله عنه فإنه ما كاد المسلمون يبايعونه بيعة صحيحة حتى ذر قرن الشيطان الاموى ليغتصب الخلافة من صاحبها ، ويجعلها حكما أمويا ! وقد كان واأسفاه ! وإليك كلمة صادقة دقيقة كتبها الاستاذ الامام محمد عبده رحمه الله في " مقدمات " رسالة التوحيد بعد أن تكلم عن الفتنة الكبرى التى " هوى بها ركن عظيم من هيكل الخلافة ، واصطدم الاسلام وأهله صدمة زحزحتهم عن الطريق التى إستقاموا عليها وبقى القرآن قائما على صراطه " . قال رضى الله عنه : " توالت الاحداث بعد ذلك ونقض بعض المبايعين للخليفة الرابع (1) ما عقدوا ، وكانت حروب بين المسلمين انتهى فيها أمر السلطان إلى الامويين ! غير أن بناء
---
(1) أول من نقض البيعة : طلحة والزبير وأعانهما على ذلك أم المؤمنين عائشة لما كان بينها وبين على رضى الله عنه من حقد وموجدة ، وطلحة والزبير من العشرة الذين قالوا إن النبي صلوات الله عليه بشرهم بالجنة . (*)
--- [ 119 ]
Bogga 118