الضعيف في الفضائل والمستحبات : " رضى الله عن أحمد ما أوسع علمه وأدق فهمه ! إن القول بالعمل بالحديث الضعيف فيما ذكر ، والتساهل في روايته قد فتح على الامة بابا من الغلو في الدين وتكثير العبادات المحرجة التى تنافى يسر الاسلام . حتى جعلوا بعضها من الشعائر فيه ، مع تقصير الاكثرين في إقامة الفرائض والتزام الواجبات ، وترتب عليه ما نقله المصنف بعده عن ابن تيمية في قبول الاسرائيليات والمنامات وكذا الخرافات ، إن العبادات والفضائل الثابتة بالقطع من الكتاب والسنة كافية للامة - ويا ليت يوجد فيها كثيرون ممن لا يقصر فيها " اه . وحقا ما قاله هؤلاء الائمة وما بينوه من ضرر نقل الاحاديث الضعيفة على الامة بله ما ذهب إليه بعضهم من العمل بها في الفضائل . ومن أجل ذلك قال القاضى أبو بكر بن العربي المالكى : إنه لا يجوز العمل بالاحاديث الضعيفة مطلقا (1) . وللكاتب الاسلامي البليغ السيد مصطفى صادق الرافعى رحمه الله فصل ممتع كبير على الرواية - وذلك في كتابه النفيس " تاريخ آداب العرب " نقتطف منه ما يلي : الرواية في الاسلام كان الصحابة يأخذون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذا علميا ليتفقهوا في الدين - فكانت مجالسه (صلى الله عليه وسلم) هي الحلقات العلمية الاولى التى عرفت في سلسلة التاريخ العربي كله ، كما هو (صلى الله عليه وسلم) أول من علم . . . فلما قبض (صلى الله عليه وسلم) بدأ من بعده علم الرواية . إذ لم يعد من سبيل إلى الاستدلال والفصل إلا بها . وكان أبو بكر لا يقبل من أحد إلا بشهادة على
---
(1) ص 129 ج 31 من المنار . (*)
--- [ 113 ]
Bogga 112