9
فنحن، في نهاية المطاف، نبذل «الكد والعناء» في صناعة المنتجات التي نبيعها، لا لشيء سوى أن نوفر على أنفسنا عناء صناعة المنتجات التي نشتريها، فليس هناك من معنى عند البائع والمشتري في شراء شيء يمكن صناعته بالقليل من الجهد الشخصي؛ ولهذا فإن السعر المثالي للتبادل يجب أن يعكس جهدا مساويا له.
ولهذا، إذا كان من السائد في مجتمع الصيد أن «يكلف قتل القندس من العمل عموما ضعفي العمل المبذول لقتل الغزال، فمن الطبيعي أن يحدث تبادل القندس مقابل غزالين، أو تساوي قيمة القندس قيمة غزالين».
10
ولا شك في أن سميث لاحظ أن أوجه العمل غير متساوية؛ فإحدى العمليات الإنتاجية قد تتطلب عملا أكثر جدا، أو قدرا أكبر من المهارة، أو مدة أطول من التدريب والخبرة، لكن هذه العوامل تؤخذ في الاعتبار «عبر الاتفاقات والمساومات في السوق».
11
ولقد تعرض هذا القسم من كتاب «ثروة الأمم» إلى الكثير من النقد بوصفه يؤصل ل «نظرية قيمة العمل»؛ مما أتاح لكارل ماركس الادعاء بأن عمل العامل يتعرض إلى سرقة دائمة من جانب أرباب العمل الرأسماليين. وإذا صح ذلك، فهذا يعني دون شك أن الجهد الذي بذله سميث في هذا القسم لم يسد للعالم أي صنيع.
إن ما أوردناه لا يعني أن سميث يذهب بنا حقا إلى نظرية قيمة العمل؛ فما يفعله في الواقع هو محاولة فهم ما نعتبره اليوم معيارا اقتصاديا أساسيا، وهو «التكاليف الإجمالية للإنتاج». ففي مجتمع الصيد، تكون هذه التكاليف في صورة عمل على نحو كامل تقريبا، لكننا تطورنا واجتزنا هذه المرحلة، حيث يمضي سميث إلى تحديد غيرها من «عوامل الإنتاج»، مثل الأرض ورأس المال، التي توظف في المنظومات الاقتصادية الأحدث، وهذه الفكرة أصبحت أيضا من المفاهيم الاقتصادية الأساسية في يومنا هذا. بعد ذلك، جاء سميث بمفهومي العرض والطلب، ولم يقتصر تحليله على تأثيراتهما على السعر، وإنما امتد أيضا إلى كيفية توجيههما لمنظومة الإنتاج والتوزيع بأكملها. إن هذا الطرح ريادي، وتطلب شرحه عدة فصول، ينبغي أن ينظر إليها باعتبارها كتلة واحدة؛ إذ تتتبع كيفية تطور المجتمع بعيدا عن اعتبار العمل المصدر الأساسي للقيمة.
12 (2-5) الأرض والعمل ورأس المال
إن الإنتاج الحديث بمختلف أنواعه يتطلب أشخاصا يؤدون العمل، وتجهيزات كالأدوات والآلات التي يحتاجها هؤلاء الأشخاص في عملهم، ومكانا يعملون فيه؛ ولهذا يمكن تقسيم تكاليف العمل الإجمالية بين «العوامل الأساسية الثلاثة للإنتاج»، كما يؤكد سميث.
Bog aan la aqoon