يمتد ذراعه نحوها، رعشة خفيفة في ساقيه، تتراءى له أمه وهو طفل يتعلم المشي، ويداها التي تمتد إليه قبل أن يسقط.
يحرك عينيه بعيدا عن زوجته، يتفادى نظرة أمه لأبيه حين سقط.
يمشي إلى جوارها حتى سيارتهما الخاصة، ليست السوداء المهيبة يرفرف عليها العلم، وليس هناك الحرس المهيب بالبدل الرسمية والأزرار الذهبية، ولا الأيادي المرفوعة بالتحية، ولا الموسيقى تعزف النشيد الوطني.
عيناه شاردتان من خلال النافذة، لم يعد العالم هو العالم، والكوبري لم يعد الكوبري، والأضواء لا تنعكس من السماء إلى الأرض.
زوجته جالسة إلى جواره صامتة. الصمت ثقيل، يشبه الصمت في بيت أبيه وهو طفل، وفي عينيها نظرة أمه.
في كل فشل كان يرى هذه النظرة في عينيها، طبق الأصل من نظرة أمه، كانت تنحني أمام أبيه بفنجان الشاي وهو جالس الساق فوق الساق يقرأ الجريدة، أو وهو يتابع الأخبار على الشاشة، أو مباراة الكرة، وفي الصباح لا مانع من ذهابها إلى مكتبها في المجلس الوطني أو الحزب الجمهوري أو الجمعية الخيرية، وحصولها على المال والشهرة، بشرط أن يظل هو الرئيس في الحزب والبيت والسرير.
إذا احتدم يسود رأيه لأنه الرجل كما خلقه الله، إنها إذن مشيئة الخالق سبحانه في السماوات العليا. - اسمعي يا هيلاري لن أكون أبدا مثل أبيك، ولن تكوني أبدا مثل أمي، ولن تنظري إلي في يوم من الأيام تلك النظرة.
لم تطاوعه زوجته طويلا، تتركه يشاهد البيسبول مثل أبيه، يذهب إلى عشيقاته بعد صفقاته السرية، لم يكن من سبب للصراع إلا تشبثه بذكورته الموروثة منذ العبودية، عيناه يثبتهما في عينيها لإثبات الرجولة، لكن الرأي الصائب كان يسود في النهاية بصرف النظر عن الجنس.
يشتد الصمت داخل السيارة، تفتح الزوجة جريدة الصباح، ترى صورته أصغر مما كانت، بضعة سطور تحت الصورة تقول: مسكين بيل كلينتون، رغم ضعفه أمام النساء كان عنيفا مع الأعداء واتخاذ قرارات الحرب، لكن إخلاصه للوطن يغفر له خياناته الزوجية حسب مبادئ حضارتنا الإنسانية.
كانت أمه تتنبأ له بالفشل والتعاسة مثل أبيه، وأقسم بعد موت أمه أن يكذب نبوءتها، وأن ينجح وينجح حتى يسود العالم، في السرير يحوم شبح أمه يؤكد له الفشل، يصحو كل يوم بإرادة أصلب من الحديد.
Bog aan la aqoon