تصوير ابو هبه الوحمن الرهي ش ن ن
2 ت ده .: بص: رعندبد
چ
س بهدهط
اا ن ع 1
ل 6 28 ص:
6 ب 7 ت 1 ت د 8
4
4 4
ن
نا
Bogga 1
============================================================
منتدي اقرا الثقافي 77166.61666646.66
Bogga 2
============================================================
14 ن 117
1 و3 9 وهوالدرر المنظومات فيا لأقضية والحكومات للقاضي شهالبا لدين أبى إنحاق إيراهيم بن عبد الله 4 المعرون بابن ابي الدم الهمري ارشافعي الشفي سنة 641 قى الدابتور محد صلي فى الزحيلي الاتاز بكلية امرة - باسة رش دارالفك
Bogga 3
============================================================
الطبعة الثانية 1402- 1182 م يع الحقوق حفوظة بنع طبع هذا الكتاب ، أو جزه منه بأية طريقة من طرق الطع أو التصوير، كما يمنع الاقتباس منه أو التثيل أو الترجمة لأية لضة أخرى إلا ياذ ان خلي من دار الفكر بدمشق لع بأجمزة الصف التصويري والأوفست في 6 دار الفكر، هاتف (111166) ، برقيا (فكر) 977)، نق سورية
Bogga 4
============================================================
اهداء -إلى المربي الذي أنار لي الطريق.
وعلمفي الإسلام عقيدة وسلوكا والدي رحمه الله تعالى ليكون هذا الجهد المتواضع ثمرة من غراسه وثوابا في صحيفة أعماله، وزيادة في حسناته .
راجيا الله تعالى آن يتغمده برحمته، ويظله تحت ظل عرشه
Bogga 5
============================================================
Bogga 6
============================================================
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الثانية الحمد لله الذي شرفنا بنعمة الايمان والإسلام، وحفظ لنا هذه الشريعة الغراء، وسخر لها العلماء الأفذاذ ، ليكونوا منارات الهدى للأنام .
والصلاة والسلام على رسول الله عللة، المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله واصحابه، ومن تبع هداه، وسلك نهجه، واقتدى بسيرته، وتمسك بسنته، وسار على شريعته إلى يوم الدين وبد فقد قام مجمع اللغة العربية بدمشق بنشر هذا الكتاب القيم في طبعته الأولى عام 1395 ه/1970 م، فتلقفته الايدي والمؤسات والجامعات والدوائر العلمية، وتسابق الجميع على اقتنائه، وطلبت منه إحدى الجهات الرسمية أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المطبوع ، فاستحال تلبية الطلب، ونفدت النسخ بسرعة، وحالت الظروف دون إعادة الطباعة وإن دل هذا الأمر على شيء فإنما يدل على الإقبال العظيم لكتب التراث الإسلامي الزاخر الذي يضم بين جنباته الخير العميم للناس آجمع ، كما يدل على وجود الخير في هذه الأمة، واستراره إلى قيام الساعة، وأنها تتمسك بدينها القويم ، وشريعتها الغراء ، وعقيدتها السمحاء، وأنها تتلمس الإشعاع والنور من مصادره الصحيحة، ومنابعه الصافية، وتضع يدها على تراث السلف الصالح، لتسير وراءه على هدي القرآن العظيم، وسنة الرسول الكريم، كما يعتبر هذا
Bogga 7
============================================================
الأمر ردأ حاسما وقويا على الهجمة الاستعمارية الشرسة على عقيدة هذه الأمة ومقدساتها وتناول عدد من رجال الفكر والعلم هذا الكتاب بالتقريظ والتقييم، نقتبس طرفأ منه : فكتب فضيلة الأستاذ المرحوم عبد الوهاب الأزرق - النائب العام لدولة الإمارات العربية المتحدة - مقالا في تقريظ الكتاب، وبدأ حديثه بالثناء على مجمع اللغة العربية لإسهامه بنشر التراث العلمي الجليل، وكشف الذخائر الثينة، فقال : "وكل من قدر له الوقوف على ماقدمه منذ نشأته من ذخائر ممتعة حقا ، لابد له إلا أن يثني أطيب الثناء، وأصدقه وأبقاه، لهذا النشاط الجاد السذي لا يفتر، والهمة المضاء التي لاتضعف، والتطلع الذكي المشرق الذي لايتضاءل ، مع استقامة في العمل ، والتزام في الرسالة".
وقال : "وإن الكتب التي أخرجها للناس ليست من الكتب السهلة اليسيرة التي لاتكلف الباحث عناء طويلا، ولا القارى جهدا ثقيلا، ويستطيع الباحث والقاري أن يمرا بها مرا سريعا ، وإنما ... فإن القارى يلمس آي جهد وعناء كابده منتجوها، وماأرقوه من آجلها من سهر الليل، وصفوة النهار، حتى خلصوا إلى ماخلصوا إليه من الدراسات التي تثري الثقافة ، وتنقي العقل ، وتفتح آفاق البحث".
ثم قال فضيلته : "وأظن أن ما قدمناه ليس إلا قليلا من كثير مما لهذا المجمع في أعناق الذين يغارون على العربية - سواء كانوا عربا أو مستشرقين - من دين أبدي من الشكر والتقدير ، وقديما قيل : "إن في الشكر وإن قل وفاء بالتعمة، وإن جل000".
Bogga 8
============================================================
ثم قال رحمه الله تعالى : "ومن الإنصاف أن أقرر أن المحقق الفاضل آنفق الشيء الكثير من القوة والجهد والاستقصاء في تحقيق هذا الكتاب، وقد وفق إلى إحياء هذا التراث العظيم، ويستحق أن يثنى عليه الثناء الخالص، وقدم بين يدي تحقيقه بداءة ممتعة تتصل بالتنظيم القضائي في الإسلام".
وتحدث فضيلة الأستاذ المرحوم الأزرق عن المكان المرموق للقضاء الإسلامي ، وما يتتع به ذووه من الفضل والسمو والنزاهة ، وقدم " إلمامة مقتضبة عن ابن أبي الدم" رحمه الله، وعن مكانته العلمية والقضائية، وماتركه من مؤلفات، ثم عرض صورة عن آبواب الكتاب وفصوله ومباحثه، ثم قال : " ولاشك عندي أن المحقق قد آجاد الإجادة كلها يوم تحدث عن مكانة هذا الكتاب التشريعية في العصر الحاضر" إلى آخر مقاله القيم الطويل: وقال سيادة الأستاذ الدكتور صلاح الدين الناهي - الأستاذ المترس بجامعة بغداد: * وهاهو كتاب آدب القضاء لابن أبي الدم، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الزحيلي، يتهادى اليوم إلى موضعه في المكتبة، مشيرا إلى جهدين كبيرين بذلا في سبيل تصنيفه وتحقيقه، فأما جهد المصنف فقد حدثتا عنه الأستاذ الزحيلي حديث العالم المدقق، الناقد المنصف، فأفاض التحدث عن صاحبه الذي جمع الثقافة العربية الإسلامية في عصره من أطرافها ، فصنف في التاريخ والفقه وعلم القضاء وكتابة الشروط والسجلات ، واضطلع بالمهام الخطيرة في عصره ، ومن جيد قول المحقق في تقدير هذا الأثر أنه : "قمة كتب أدب القضاء عند الشافعية"00 وأشار سيادة الدكتور الناهي - حفظه الله - إلى الداء الخطير الذي أصاب
Bogga 9
============================================================
الأمة عندما تولى قيادها شرارها ، وفرضوا عليها القوانين الأجنبية والتشريعات الوضعية، وحرموها من رحمة السماء وأحكامها الغراء ، وأداروا ظهورهم للتراث الإسلامي الزاخر، وكشف فضيلته عن الباعث الخبيث لهذا العمل ، وأزال الستار عن الحجة الواهية التي يوهمون بها آنفسهم ، ويضحكون بها على غيرهم، عند ارتكابهم هذه الحجريمة فقال : "ولقد أشار المحقق الفاضل إشارة خفيفة إلى خلاف جوهري في خصائص المرافعات والمحاكمات الإسلامية ، وماتمتاز به من تخفيف كبير من الأشكال والاجراءات بالقياس إلى ثقل وطأة نظام المرافعات الغربي الذي تسرب إلى ربوع الضاد والإسلام منذ آن لقن آبناء هذه الربوع الاعتقاد بأن تفوق الغرب في الصناعة والأشياء المادية والعلوم الطبيعية والتقنولوجية معناه تقدمه في سائر الأمور الثقافية والتشريعية ، وهو قياس فاسد، أثبتت الأيام عفونته بما ثبت من البون الشاسع بين التقدمين المادي والمعنوي ، وأن تحقيق أولهما لا يعني تقدم الثاني، وأن تفوق الشكل والصناعة لايعني ضرورة تفوق المحتوى والجوهر، وأن من ارتفع بوسائله المادية في آجواء النقاء لاعاصم يعصه من الترغ في أوحال الرشا والسحت وتسخير الشعوب الملونة لشهواته بكل وسائل الفتك والدس ، ولطالما تقدم المادي، والمعنوي قابع في عقر داره لايجد سبيلا للحرية الخفاقة ، والديمقراطية الحقة المنزهة عن الفجوات والثغرات، ولاسبيل لفرض سلطانه، وإملاء كلته" ثم بين سيادته تفوق القضاء الإسلامي ومزاياه، فقال : "ومهما يكن فيان "علم القضاء والأقضية* وفن التقاضي والترافع في الإسلام يفوق كل منهما ما كان مقررا في شريعة روما التي يكبل عدالتها الشكليات والصيغ، ومايزال الشرع الإسلامي متفوقا على مااشتق من شريمة 1
Bogga 10
============================================================
روما من شرائع غربية في مضار تيسير سبل التقاضي دون تجشم المرافعات البطيئة والأشكال، ولعل تطور الشريعة الغربية في هذا المضمار مدين للقضاء الإسلامي الذي مارسه المسلمون في الأجزاء التي حكموها في أوربا قرونا عديدة، ولعل التعمق في دراسة هذه الحقائق يمهد مجال النظر في مدى تأثر الشرائع الغربية بالشرع الإسلامي ، فقد تستر الغربيون على هذه النواحي، وعلى أكثر ما استعاروه من تراثنا القديم فلم يشيروا إلى أصوله العربية الإسلامية حتى برح الخفاء00." الى أن يقول : " ومهما يكن فإن سمو التشريع الإسلابمي في مضمار التقاضي والترافع والتحاكم والمعاملات يرجع إلى العناصر الخلقية والدينية ، إلى الجمع بين المثاليات وبين الواقع ، كما أشار المحقق الفاضل في تقديمه للكتساب ، وليته أطال التحدث في هذه الأمور" : ثم قال فضيلة الدكتور الناهي - مبينأ ظمأ الأمة إلى تراثها الخالد ، وفقهها العظيم - : "ولنا أن نضيف إلى شهادته أن هذا التراث الذي لم يزل متسما بطابع الحياة والحيوية، يصح لا لإلهام المشرع العربي وحده ، بل لإلهام اخوته مشرعي البلاد الإسلامية، فإننا نعيش اليوم في فترة تلهف للاطلاع عن التراث الإسلامي في كل بقعة من بقاع الأرض تعيش فيه جماغة مسلمة، اكثرية كانت أم أقلية ، ولذا فان في تحقيق هذه الأثرية الفريدة ما يسعف حاجة هذه الجماعات ومشرعيها ومفتيها ورجال التعليم الديفي والشرعي فيها ومفكرها ورجال الرآي فيها، وما يسعف حاجة علماء القانون الموازن (المقارن) على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم إلى كل جهد يخدم هذا التراث على النحو الذي خدم عليه كتاب " أدب القضاء" لابن أبي الدم، فقد وفق محققه الفاضل بما بذل في هذا المضمار من جهد وتمحيص إلى خدمة الإسلام والإنسانية 11
Bogga 11
============================================================
بأسرها في تطلعها للعدل الإسلامي، وإدراك رسالة السماء التي مهدت السبيل لكل خير": وقال فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور ممد سعيد رمضان البوطي ء رئيس قسم الفقه حاليا، وعميد كلية الشريعة سابقا قال : "حقا إن الدكتور الزحيلي قد تجاوز في عمله في تحقيق هذا الكتاب الفقهي الهام حدود مايكفي أن يسمى تحقيقأ وإخراجا لخطوط، ولأن يجعله جاهزأ للاستفادة الميسرة بين أيدي القراء ، لقد تجاوز ذلك إلى النهوض بالتزامات هو الذي آلزم نفسه بها، فتحمل من جراء ذلك عبء عمل علمي شاق، كشف لنا عن الكثير من كفاءته وبصيرته العلمية النسافذة، وصبره على البحث والتنقيب".
ثم بين فضيلته مكانة الكتاب التشريعية ، وحاجة المسلمين اليوم إلى تراثهم، فقال : "إن إخراج مثل هذا المرجع العلمي من كتب التراث بمثل هذا التحقيق يرفد الجانب التشريعي عامة، والقضائي خاصة، ويقدم للباحثين والمهتين بالشريعة الإسلامية زادا جديدا، يؤكد صلاحية هذه الشريعة الإسلامية للحياة والحكم": واليوم أقدم هذا السفر الخالد للطبعة الثانية على حالته السابقة، وقد استدركت فيه بعض الجوانب التي أشرت إليها في خاتمة الطبعة الأولى، من تصويب بعض الأمور، وتفيير بعض العبارات، وحذف بعض الأقواس والهوامش، والتعليق على بعض النقاط، وشرح بعض الألفاظ؛ وبيان بعض المسائل، والإشارة - في الهامش - إلى الكتاب النفيس الذي ظهر حديثا للإمام 12
Bogga 12
============================================================
النووي رحمه الله تعالى "روضة الطالبين"، كما أضفت ترجمة هند بنت عثبة رضي الله عنها، التي سقطت ترجمتها في الطبعة الأولى، وصححت ترجمة الإمام الماسرجسي التي جاءت خطأ في الطبعة الأولى، وأكملت النقص الذي وقع في الفهارس: وقد استفدت من الملاحظات الكتابية والشفهية التي أهداها لنا بعض العلماء من الإخوة والأحبة والزملاء، وتفضلوا ببيانها مشكورين وقد بادرت مطبعة "دار الفكر" مشكورة لطباعة هذا الكتاب الجليل على أحدث الوسائل العلمية والتقنية الحديثة في الطباعة، لتظهر هذه الطبعة الثانية بهذا الأسلوب القشيب والحلة الجميلة والإخراج البديع ، فجزى الله القائين عليها كل خير، وبارك الله فيهم ، ووفقنا وإياهم لما يحبه ويرضاه.
وكنت أرغب بالتوسع في تحقيق جميع مسائل الكتاب، وبيان المراجع والكتب التي تبحث كل مسآلة فيه ، ولكني عدلت عن ذلك حتى لا أثقل كاهل الكتاب الأصلي، وأرهق نصوصه بالبحوث والتعليقات ، فيصبح التحقيق كالشرح أو الحاشية عليه، ولكن ذلك لم يمنعي من تحقيق بعض المسائل التي رأيتها بحاجة لذلك.
نسأل الله العلي القدير أن يقبل منا هذا العمل المتواضع ، وأن ينفعني به، وينفع به المسلمين - قضاة وحامين وفقهاء ورجال تشريع وإدارة- وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه من القول والعمل، وأن يثبت أقدامنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
مشق 18 سقر اخير 1402 15 كانون الأول1981 م صلفى الزحيلي
Bogga 13
============================================================
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدم - ان الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له هاديا ولا نصيرا.
ونصلي ونسلم على سيدنا رسول الله عر ، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه، ومن تبع هديه إلى يوم الدين قال تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ، ليقوم الناس بالقسشط ) (1) وقال تعالى : ({ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ، ولا تتبع أفواءهم ، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ، فإن تولؤا فاعلم أنما يريد (2) الله أن يصيبةم يبعض ذنوبهم ، وإن كثيرا من الناس لفاسقون ) (2).
وقال رسول الله اة : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "(2).
وقال عليه الصلاة والسلام : "القضاة ثلاثة، قاضيان في النار، وقاض (1) سورة الحديد /25 (4) سورة المائد /49.
(4) رواه البخاري ومسلم وأحمد عن مماوية ، ورواء الترمذي وأحمد عن ابن عباس ، ورواه ابن ماجه عن أني مريرة ، (انظر : صيح البغاري باشية السندي : 16/1، صحيح مل بشرح النووي : 128/2 ، جامع الترمني شع تفة الأحوني : 44/2، سنن ابن ماجه: 40/1، مسند أحد: 206/1) 14
Bogga 14
============================================================
في الجنة، قاض غرف الحق فقضى به، فهو في الجنة، وقاض قضى بجهل فهو في النار، وقاض عرف الحق فجار فهو في التار،(1).
وبعد 2 - فان القضاء ، وما يتعلق به من آداب القاضي ونظام التقاضي ، يمثل بابا من أبواب الفقه ، وجزءأ من أجزائه ، فلا يخلو كتاب فقهي من بحوث القضاء والدعوى والبينات، ويحتل هذا الجزء مكانأ مرموقا في كتب الفقه الإسلامي ، وهو اكثر أبواب الفقه تطبيقا وصلة بالحياة ، كما أنه من اكثر الأبواب العملية القي يحتاج إليها القاضي في عمله وفي حكمه، ونهتم العلماء به اهتاما خاصا، ويرجع اهتامهم بهذا البحث إلى الأثر العظيم الذي يتبواه القضاء في الشريعة ، سواء من الناحية التشريعية والنظرية أم من الناحية التطبيقية والعملية: 3 - ولقد كان نظام القضاء في الإسلام محكما ومصونا ومؤديا للدور الذي أعد له، على نحو فاق به غيره من الأنظمة الأخرى التي تبدو ناصعة براقة ، ودليلنا على ذلك النتائج الطيبة التي حققها أثناء التطبيق ، فإن الأعمال بخواتيها، وقية النظريات والمبادي بحسب صلاحها ونجاحها، بعد التجربة والتنفيذ، ويظهر هذا التفوق في حيز اختيار القضاة، وإقامة العدالة، وتحقيق القسط ، وحفظ النظام والأنفس والأموال ، وتأمين الطمأنينة والأمن في ربوع المجتمع - وكان القضاة في الإسلام يمثلون صفحة مشرقة من صفحات التاريخ (1) رواء آبو داود وابن ماجه وألاكم وصححه (انظر: سنن آبي داود 294/2، سنن ابن ماجه : 12، المتدرك:4 9.7)
Bogga 15
============================================================
الإسلامي اللامع ، وكانت أحكامهم ونزاهتهم واستقلالهم وتجردهم مضرب المثل ، ومحط الأنظار، وكانت المساواة بين الخصوم ، وإقامة العدالة بينهم ، مهما تتفاوت مكانتهم الاجتماعية والدينية ، سببأ مباشرا لكثير من الناس في اعتناق الإسلام ، والانضواء مع المسلمين في العقيدة .
ولكن هذه المكانة العظية التي احتلها القضاة ، والدور الفعال الذي يقوم به القضاء ، لفت الأنظار نحوه، فطمع به أصحاب الأهواء، وتنافس عليه السوقة، ووصل إلى منصة العدالة الجهلة... فأساءوا إليه، وشؤهوا أغراضه، وكانوا وصهة عار في جبين التاريخ ، وسادت الرشوة والجؤر وشراء الوظائف في بعض الأحيان، فتنبه إلى ذلك العلماء والصالحون، وحذروا منه، وبينوا شروط القاضي، وشروط تعيينه، وأبرزوا مخاطر القضاء، وأعلنوا التخويف منه ، ونشروا الأحاديث الواردة في التشديد من قضاء الجؤر،. وذهبوا إلى تفضيل ترك القضاء على قبوله، بالنسبة لمن توفرت فيه الأهلية والشروط، فكيف بمن يفقدها؟
5- ثم أفرده عدد كبير من السلف بمصتفات خاصة، وبينوا الأحكام الشرعية فيه حسب المذاهب الفقهية(1)، ويمكننا تصنيف المؤلفين في أدب القضاء إلى فريقين : الفريق الأول : وهم الذين لمسوا أهمية الموضوع ، وخطورة الموقف، وصعوبة الخطب على القاضي، فيينوا واجبات القاضي وحقوقه، وواجبات الخصوم وحقوقهم ، وطرق القضاء والإثبات، ومناط الأحكام ، والقواعد التي يستنير بها القاضي: (1) انظر : مفتاح السعادة: 100/2.
Bogga 16
============================================================
الفريق الثاني : وهم جماعة من القضاة، تولوا هذا المنصب ، واكتسبوا الخبرة والحنكة والتجربة منه ، ومنهم ابن أبي الدم ، فصاغوا ذلك في الكتب والمؤلفات، وكانت تجربتهم القضائية، وتطبيق الأحكام العملية ، سببأ في ترجيح القول الذي يتناسب مع الواقع، ولذلك قال الحنفية مثلا : يقدم قول القاضي أبي يوسف في مسائل القضاء على قول الإمام أبي حنقية عند التعارض(1).
ونضرب أمثلة مما وصل إلينا من كتب أدب القضاء في مختلف المذاهب، للدلالة على الأهمية القصوى التي نالها هذا الموضوع على مدارج التاريخ، وذلك بتعداد الكتب التي وضعها العلماء في آدب القاضي، أو نظام القضاء، في ملحق مستقل مع الفهارس في نهاية الكتاب : والآن نقدم نبذة عن حياة ابن أبي الدم ، لنلقي الضوء على كتابه أدب القضاء: حياة ابن آبي الدم (1): 1 اسمه ونسبه: هو شهاب الدين، آبو إسحاق، ابراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن محمد بن فاتك، وقيل : مالك(1)، بن عحمد، (1) نقل ابن عابدين في حاشيته * أقوال المحققين من علماء الحنفية في هذا الجال ، فقال : الفتوى على قول آبي يوسف فها يتعلق بالقضاء كما في القنية والبزازية ، أي لحصول زيادة العلم له بالتجربة، ولنا رجع أبو حنيقة عن القول بأن الصدقة أفضل من حج التطوع لما حج وعرف مشقته ، وفي شرح البيرى أن الفتوى على قول أبي يوسف أيضا في الشهادات ، (انظر : رد المحتار على الدر الختار: 71/1، رسائل اين عابدين ، 1302) .
(4) انظر طبقات الشافعية، الإسوى : 546/1، كشف الظسون : 47/1 232، و ج 4572 ، طبقات الشافية الكبرى : 115/8، شذرات الذب في آخبار من ذهب ، ابن العماد: 213/5، هدية العارفين : 11/1 الأعلام ، الزركلي : 42/1 ، تبصير المتتبه : 141/3 ، تتة الختصر في أخبار البشر، تاريخ اين الوري : 255/8 ، الختصر في أخبار البشر، أبو الفداء : 17/4 ، تاريخ الأنب العربي ، كارل بروكلمان : 12 .
(4) كتب على الورقة الأولى من الخطوطة : * ابن مالك ، وقيل : فاتك واقتصر ابن السبكي على قوله : ابن ح أدب القضاء (2) 17
Bogga 17
============================================================
المعروف بابن أبي الدم(1) الحموي الهشداني ، الشافعي ، القاضي : فالحموي : نسبة إل حماة التي ولد فيها، وولي قضاءها، وتوفي ودفن فيها ، والهمداني : نسبة إلى قمدان ، وهي قبيلة عظيمة في الين (2).
7- ولادته ووفاته : ولد ابن أبي الدم بحماة في 21 جمادى الآخرة سنة 583 ه، 1187/9/29 م، ولما كان قاضيا توجه رسولا إلى بغداد فرض بالمعرة ، فعاد إلى حماة، ومات فيها في منتصف جمادى الآخرة سنة 642 ه، 11119 /1244 4ل.
8 - نشأته وحياته : نشأ القاضي ابن أبي الدم في حماة، وترعرع في جنباتها ، واكتسب منها معارفه الأولية(1).
وكانت بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية، ومركز العلم ، وموئل العلماء ، يتوافدون إليها من كل حدب وصوب، ويقصدها طلاب العلم أيضا، ينهلون من علومها، ويستفيدون من مكتباتها، ويتزودون من معارفها، ثم يؤوبون إلى بلدانهم ، أو يتابعون السير والترحال إلى العواصم والمدن الأخرى التي كانت فاتك بن زيد ، (طبقات الشافعية الكبرى : 116/8) (1) كتب على الخطوطة أنه : * ابن حمد بن زيد بن أبي النم التعداني ، وهو ما ذكره ابن السبكي أيضا .
(2) تبصير التتبه : 1461/4 ، لب الألباب في تحرير الأناب ، السيوطي : 278، قال الحافظ أبو بكر الحازمي في (عبالة الميتدي وفضالة المنتهى : 123) : المشدافي مشوب إلى قشان ، واسمه أؤستلة بن مالك بن زيد بن ريمة بن أوسلة بن الخيار بن مالك ين زيد بن كهلان بن سبأ ، الشعب العظم ، ينسب إليه شب كثير من الصحابة والتابعين لمن بعدهم من العلاء والشعراء (3) التاريخ الميلادي من (الأعلام ، للزركلي : 42/1 ، تاريخ الأدب المرني : 124/6) ، وقال ابن العماد الحنلي : إنه ولد في جمادى الأولى سنة 583 ه، ينا ذكر ابن الكي وغيره أنه ولد في جمادى الثانية ، وهو الراجح (انظر : الأعلام : 42/1 ، متة الختصر: 2552، الختصر: 177/2، طبقات الشافعية ، الإسنوى : 543/8) .
(4) شنرات الذهب :213/9.
Bogga 18
============================================================
تحتضن العلم والعلماء ، فكان الطالب أو العالم ينتقل من مدينة إلى أخرى، ليحضر مجالس العلماء فيها، ويتلقى العلم منهم مباشرة، ولذا اقترن العلم مع الترحال في العصور السالفة ، كما هو الأمر في وقتنا الحاضر وقد سار القاضي أبو إسحاق، ابن أبي الدم ، على هذا المنوال ، فانتقل من حماة إلى بغداد وتفقه فيها(1)، ثم انتقل إلى القاهرة وسمع من المحدثين فيها(2) ودرس بالموصل على مشايخها، كما صرح بنفسه على ذلك، فقال : وافقنا على ذلك بعض مشايخنا بالموصل(4)، ودرس بالشام ، واتخذ فيها أصحابا وأحبة ، كما عبر عن ذلك(4).
وبعد أن قوي عوده، واشتد صلبه، ونضج عله، وجمع العلوم، وقطع البلاد، ولقي العلماء، وأخذ منهم ، بدأ في العطاء والإنتاج، واشتغل بالتدريس والتعليم، فحدث بالقاهرة بعد آن استكمل علمه فيها، كا حدث وعلم في كثير من بلاد الشام ، ثم استقر به المطاف بحماة فحدث فيها، ونشر علمه على أهلها، ثم تولى قضاءها، واشتهر بذلك، واستر عليه ، إلى آن وافاه اجله(4.
وتشير بعض المصادر إلى آنه تولى قضاء همذان، بالتحريك والذال الغجمة، وهي مدينة في وسط الجبال، في بلادهم العجم، اشتهرت بالماء العذب ، والهواء الطيب، والبرد الشديد، وهي آكبر مدينة فيها، ولا صحة (1) المرجع السابق، الصفحة نفها (2) المرجع السابق (4) انظر صفعة 216 ف 216 من هذا الكتاب .
(4) طبقات الشافمية ، الإسنوي : 547/1 ، شذرات النهب : 212/5، وانظر: صنحة 3216 من هذا الكتاب 5) شذرات النمب : 21279
Bogga 19
============================================================
لهذه الرواية، وأن نسبته إلى قبيلة همدان اليانية ، وليس إلى بلدة قمذان العجمية(1).
مكانة ابن أبي الدم العلمية : 1- تفقه ابن أبي الدم على المذهب الشافعي، وصار إماما فيه، كما يقول ابن العماد(1)، وكان صاحب حلقة وطلاب، ويبدو هذا واضحا من مقدمة كتابه "الدرر المنظومات * : "وأن جماعة من أصحابه المشتغلين عليه بعلم المذهب الشافعي سألوه وضع كتاب في أدب القضاء... وأن الموانع تمنع، والاشتغال بتنقيح المذهب وتحقيقه يشغل عن ذلك ويقطع، وأن علم المذهب هو المرتبة العليا، وتحصيله هو المنية القصوى، إذ هو النافع في الدنيا والآخرى،(2).
ويشير في كلامه - رحمه الله - إلى تصنيف كتابه في الفقه الشافعي "شرح الوسيط" الذي بذل فيه جهدا رائعا، ويدل على غزارة علمه، وتبحره في المذهب، كما سنشير إليه.
واشتغل ابن أبي الدم بالحديث، فسمعه من العلماء في بغداد والقاهرة ودمشق، وحدث بها ، كما كان عالما باللغة والأدب ، وله نظم ونثر(4)، وكان عالما بالتاريخ والأخبار، وألف كتابين في ذلك .
هو مؤخ، وبحاث، وحدث، وفقيه، واديب، وشاعر، وقاض (1) يقول ابن السماد الحنبلي : ولي قضاء بلدة قمنان باسكان الميم ، وهذا خطأ، وكانه اشتبه عليه ذلك مع قبيلة قشان، باسكان المم وبعدها دال ، ولم آجد مرجما ذكر ذلك إلا ابن العماد ، (انظر: مراصد الاطلاع : 14643، تقوم البلدان ، أبو الفباء : 406 ، 416 ، مجم البلبان : 410/5) ، وقد تسرب هذا الخطأ إلى الأستاذ حيي علال سرحان التي حقق (أدب القاضي للماوردي : 459/2).
(2) شذرات الذهب : 213/5، (4) شنرات الذهب ، المرجع السابق، طبقات الشافعية الكبرى : 116/8، هامش
Bogga 20