وأرأف، فأتمن ربه، واتهم نفسه، وقال: ربي أعلم بما اختار لك، فإن لم أصلح على اختياره وتقديره، لم أصلح على اختيارك وتقديرك أيتها النفس، واختيارك أنزل بي هذه البلية لإحدى خلال: إما تكفيرًا لخطيئة استوجب بها هذا العذاب الأكبر، وإما رفع لي درجة يقربني إليه، وإما بينهما لأمر عظيم، أو عصمني من ذنب، أو صرف عني داهية، أو عالجني بعقوبة، لأن يرفع عني عقوبة الآخرة، ففي كل هذا خير. وأما العارف فإنه أجمله، فقال: هو مشيئة ربي، فمشيئته أحلى عندي وأعظم على قلبي، من نفسي وجميع جوارحي، وهؤلاء قوم ولهت قلوبهم لديه، فصارت أحكامه التي رضيها لهم منية قلوبهم، من إجلالهم له وإعظامهم.
عدنا إلى صفة الموقن
وإذا ذكر الرزق وثق بالضمان، واطمأن بوفائه، فإن طلب طلبه مع سكون القلب، على حد ما أمر به، فإذا
1 / 71