كتاب الآداب
لابن شمس الخلافة
جعفر بن محمد بن مختار الأفضلي
باب الحكمة من النثر
قال الله تعالى: "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا". وقال رسوله ﷺ: "نعم الهدية الكلمة من كلام الحكمة" وقال أمير المؤمنين علي ﵁: "الحكمة ضالة المؤمن، فاطلب ضالتك ولو في أهل الشرك".
وقال ﵇: "من عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار".
وقال بعض الحكماء: تحتاج القلوب إلى أقواتها من الحكمة، كما تحتاج الأجسام إلى أقواتها من الطعام.
قال رسول الله ﷺ: "أفضل الصدقة جهد المقل، وأسوأ الناس حالا من لا يثق بأحد لسوء ظنه، ولا يثق به أحد لسوء فعله، وأصبر الناس من لا يفشي سره إلى صديق له مخافة التقلب يوما، وأعجز الناس المفرط في طلب الإخوان، وأعز الأشياء أخ يوثق بعقده ويسكن إلى غيبه".
وقال ﵊: "انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم".
وقال ﵊: "لو أن الرجل كالقدح المقوم لقال الناس فيه لو ولولا".
وقال ﷺ: "أقيلوا ذوي المروآت عثراتهم، فما يعثر منهم عاثر إلا ويده بيد الله تعالى".
وقال أمير المؤمنين علي ﵁ من لم يتأمل الأمور بعين عقله، لم يقع سيف حيلته إلا على مقاتله. وقيل له ما الكرم؟ فقال الاحتيال للمعروف، وترك التقصي عن الملهوف.
وقال علي السلام: "انتهزوا هذه الفرص فإنها تمر مر السحاب، ولا تطلبوا أثرا بعد عين".
وقال: الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك.
وقال: إذا أقبلت الدنيا على رجل، أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عن رجل، سلبته محاسن نفسه.
وكتب أبو بكر ﵁ إلى عكرمة بن أبي جهل - وهو عامله على عمان - إياك أن توعد على معصية بأكثر من عقوبتها، فإنك إن فعلت أثمت، وإن لم تفعل كذبت.
وقال عمر بن الخطاب ﵁ ما عاقبت من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه
وقال: لا حرمة للنائحة، لأنها تأمر بالجزع، وقد نهى الله عنه؛ وتنهى عن الصبر وقد أمر الله به؛ وتبكي شجو غيرها وتأخذ الأجرة على دمعها؛ وتحزن الحي؛ وتؤذي الميت.
وقال جعفر الصادق ﵁: من لم يستحي من العيب؛ ويرعوي عند الشيب؛ ويخشى الله بظهر الغيب، فلا خير فيه.
وقال علي بن الحسن ﵄: هلك من ليس له حكيم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده.
من المأثور عن الحكماء
وقال أفلاطون الحكيم: الدليل على ضعف الإنسان أنه ربما أتاه الخير من حيث لا يحتسب، والشر من حيث لا يرتقب.
وقال: لا تطلب سرعة العمل؛ واطلب تجويده؛ فإن الناس لا يسألون في كم فرغ؛ وإنما ينظرون إلى إتقانه وجود صنعته.
وقال: إذا أعجبك ما يتواصفه الناس مما ظهر من محاسنك، فانظر فيما بطن من مساويك، ولتكن معرفتك بنفسك أوثق عندك من معرفة الناس بك.
وقال: ينبغي للعاقل أن يكون رقيبا على نفسه، فيستعظم خطأه ويستصغر خطأه ويستصغره صوابه، لأن الصواب داخل في شرط إنسانيته، والخطأ مغير لما استقر في نفوس الناس منه.
وقال: حبك للشيء ستر بينك وبين مساويه، وبغضك له ستر بينك وبين محاسنه.
وقال: إذا أنجزت ما وعدت، فقد أحرزت فضيلتي الجود والصدق.
وقال: مودة الرأي ما تموت ومودة الهوى ما تبقى.
وقال: إذا أغضبك صديق لك فقد أجراك في مضمار يعرف منك فيه حسن العهد، وجميل الوفاء؛ فمهما أشرفت عليه من عيوبه وسقطاته فلا تطل لشيء من ذلك عليه.
وقال: لا تستصغرن عدوك فيقتحم عليك المكروه من زيادة مقداره على تقديرك.
وقال: من مدحك بما ليس فيك من الجميل وهو راض عنك، فقد ذمك بما ليس فيك من القبيح، وهو ساخط عليك.
وقال: الأشرار يتبعون مساوي الناس ويتركون محاسنهم، كما يبتغي الذباب المواضع الفاسدة من الجسد ويترك الصحيحة.
وقال: لاتعتب [أن] أذم فيه ما مدحته أو أمدح فيه ما ذممته، وذلك يوم ظفر الهوى فيه بالرأي والجهل بالعقل.
وقال: لا تعادوا الدول المقبلة وتشربوا أنفسكم استثقالها فتدبر بإقبالها.
1 / 1
وقال: العدل في الشيء صورة واحدة، والجور صور مختلفة، ولهذا سهل ارتكاب الجور وصعب تحري العدل، وهما يشبهان الإصابة والخطأ في الرماية؛ فإن الإصابة تحتاج إلى ارتياض وتعاهد، والخطأ لا يحتاج إلى شيء من ذلك.
وقال: من جمع إلى شرف أصله شرف نفسه، فقد قضى الحق عليه واستدعى التفضيل بالحجة؛ ومن أغفل نفسه واعتمد على شرف آبائه، فقد عقهم واستحق بأن لا يقدم بهم على غيره.
وقال: كما أن من كان له سلف في الشجاعة والسخاء، لا يستحق أن يكرم اتصافه إذا كان جبانا بخيلا؛ وكذلك سائر أنواع الشرف. إنما يستحق المنتسب إليها التقديم إذا حوى ما يذكر به أسلافه.
وقال: السعيد من الملوك من تمت به رياسة آبائه؛ والشقي منهم من انقطعت عنده.
وقال: إذا قامت حجتك على كريم في المناظرة أكرمك وعظمك، وإذا قامت على لئيم عاداك واصطنعها عليك.
وقال: لا تدفعن عملا عن وقته، فإن للوقت الذي تدفعه إليه عملا آخر، ولست تطيق ازدحام الأعمال لأنها إذا ازدحمت دخلها الخلل.
وقال: حيث يزيد القول ينقص العمل، وحيث تقوى التهمة يضعف الاسترسال.
وقال: ليس ينبغي للمرء أن يعمل الفكرة فيما ذهب عنه، ولكن ليعملها في حفظ ما يبقى له.
وقال: لا تأسفن على شيء اغتصبه في هذا العالم، فلو كان بالحقيقة لك لما وصل إلى غيرك.
وقال: أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره، وأقواهم من قوي على غضبه، وأصبرهم من ستر فاقته، وأغناهم من قنع بما تيسر له.
وقال: أصعب الأحوال حال، عجزت فيه عن التنقل إلى ما ترجو فيه راحة؛ وأضيق المذاهب طريق لم تجد فيه معينا لك ومشيرا عليك، وأكدى المطالب الرغبة إلى غير مناسب لك ولا متأمل فاقتك، وأخوف المسالك مسلك حسنت فيه مفارقة حريتك وجميل أوصافك، وتعبدت فيه لرذائلك؛ وأغلظ المواقف مقامك على متهم لك لا يقبل منك حجة ولا يسمع لك معذرة؛ وأسوأ المجاورة مجاورة لئيم يجري مجراك من سلطانك، فهو يحرف محاسنك ويحسد فضائلك ويبتغي غوائلك.
وقال: إذا رفضت أحدا فلا تخرجه من أسر الطمع فيك؛ وإذا كافحته فلا توئسه من مراجعتك؛ فإنك ترسل عليه ليلا من المكيدة يسري فيه إليه، وهو نائم عنك، غير مبصر لك.
وقال: الحر يشكر على حسب الإمكان من المنعم والموقع من الراغب. والنذل إنما يشكر على حسب الكثرة والزيادة فقط.
وقال: الرغبة إلى الكريم تخلطك به وتقربك منه، وترفع سجوف الحشمة بينك وبينه، والرغبة إلى اللئيم تباعدك عنه وتصغرك في عينه.
وقال: الحر من وفى بما يجب عليه وسمح بكثير مما يجب له، وصبر على عشيره على ما لا يصبر له على مثله. وكانت حرمة القصد عنده توازي حرمة النسب، وذمام المودة لديه يفوق ذمام الإفضال عليه.
وقال: أمطل نفسك بما تؤثر أن تشتريه بالنسيئة، فإن صبرها عليك أولى من صبر غريمك.
وقال: لا تبكتن أحدا في الظاهر بما يأتيه في الباطن. واستحي من نفسك فإنها تلحظ منك ما غاب عن غيرك.
وقال: لا تترف نفسك وجسمك، فتفقدهما في الشدة إذا وردت عليك.
وقال: إذا أردت أن تبين كيف شكر الرجل على المزيد، فانظر كيف صبره على النقص.
وقيل له: بماذا ينتقم الرجل من عدوه؟ قال: بأن يزداد فضلا في نفسه.
وقيل له: لم يخضب فلان بالسواد؟ قال: يخاف أن يؤخذ بحنكة المشايخ.
وقيل له: ما الشيء الذي لا يحسن وإن كان حقا؟ قال: مدح الإنسان نفسه.
وقال: لا تلاجج غضبان فإنك تقلقه باللجاج، ولا ترده إلى الصواب، ولا تفرح بسقط غيرك فإنك لا تدري تصرف الأيام بك. ولا تنفخ في وقت الظفر، فإن دائرة الأيام ليست لك. ولا تهزأ بخطأ غيرك فإنك لا تملك المنطق.
وقال: إذا أنعم عليك بنعمة بها فضل عنك، فاعلم أن فيها نصيبا لغيرك. فبادر إلى إخراجه تأمن بغية الاستدراك.
وقال: إذا بلغ المستور إلى كشف حاله لك، فاحذر رده فإنه قد أطلعك على سره مع بارئه.
وقال أرسطو طاليس للطالب البالغ، لذة الإدراك، وللطالب المحروم، راحة اليأس
وقيل له: أي شيء ينبغي للإنسان أن يقتني؟ فقال: الشيء الذي إذا غرقت سفينته سبح معه.
وقال سقراط: الدنيا كراكب البحر، إن سلم قيل مخاطر، وإن عطب قيل مغرر.
وقال: إذا أردت أن تصادق إنسانًا فانظر كيف ظنه بنفسه؛ فإن كان بها ضنينا فارجه؛ وإن كان بها سمحا فاحذره!
1 / 2
وقال: طالب الدنيا لا يخلو من الحزن في حالين. حزن على ما فاته كيف لم ينله، وحزن على ما ناله يخاف أن يسلبه.
وعيره رجل بجنسه. فقال له سقراط: إن كان جنسي عارا علي فإنك عار على جنسك.
وقيل له: ذكرت لفلان فلم يعرفك. فقال: لا يجهلني إلا ساقط.
وقيل له: إن الكلام الذي قلته لمدينة كذا لم يقبلوه. لا يلزمني أن يقبل وإنما يلزمني أن يكون صوابا.
وقال بزرجمهر الشدائد قبل المواهب بمنزلة الجوع قبل الطعام، يحسن به موقعه ويلذ معه تناوله.
وقال: أفره ما يكون من الدواب، لا غنى به عن السوط، وأعقل ما يكون من الرجال، لا غنى به عن المشاورة، وأعف ما يكون من النساء لا غنى بها عن الزوج.
وقيل له: ما المروءة؟ قال: ترك ما لا يعني. قيل فما الحزم؟ قال: انتهاز الفرصة. قيل فما الحلم؟ قال: العفو عند المقدرة. قيل فما الشدة؟ قال: ملك الغضب. قيل: فما الخرف؟ قال: حب مفرط أو بغض مفرط.
وقال نصر بن سيار كل شيء يبدو صغيرا ثم يكبر، إلا المصيبة فإنها تبدو كبيرة ثم تصغر. وكل شيء إذا كثر رخص، إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا.
وقال الإسكندر: لا تستخفن بالرأي الجليل يأتيك به الرجل الحقير، فإن الدرة الرائعة لا تستهان لهوان غائصها.
وقيل له _وهو عازم على حرب دارا الأكبر_: إن دارا في ثمانين ألفا. فقال: إن القصاب لا يهوله كثرة الغنم. ولاموه على مباشرة الحرب بنفسه. ليس من العدل أن يقاتل عني ولا أقاتل عن نفسي.
وقيل له: ما بال تعظيمك لمؤدبك أكثر من تعظيمك لأبيك؟ فقال: إن أبي سبب الحياة الفانية، ومؤدبي سبب الحياة الباقية.
وقال: اتقوا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع.
وقيل لبعضهم: أتحب أن تخبر بعيوبك. فقال: أما من ناصح فنعم. وأما من موبخ فلا.
وقال خالد بن برمك التعزية بعد ثلاث تجديد للمصيبة، والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة.
وقال يحيى بن خالد: إذا أحببت إنسانا بغير سبب، فارج خيره، وإذا أبغضت إنسانا بغير سبب فتوق شره.
وقال: خير الناس حالا في النعمة من استدام نعيمها بالشكر، واسترجع نافرها بالصبر.
وقال: رأيت السارق ينزع، وشارب الخمر يقلع. وصاحب الفواحش يرجع، ولم أر كاذبا قط صار صادقا.
وقال له رجل: إن أمنت الدهر أن يرفعني إلى مرتبتك، فلا تأمنه أن يحطك إلى منزلتي؛ فارتاع يحيى من قوله وقضى حاجته.
وقال جعفر لابنه: شر المال ما لزمك الإثم في كسبه، وحرمت الأجر في إنفاقه.
وقال بعض ملوك الهند: المسيء لا يظن بالناس إلا سوءا، لأنه يراهم بعين طبعه.
وقال: ينبغي للعاقل إذا أصبح، أن ينظر وجهه في المرآة، فإن رآه حسنا لم يشنه بقبيح. وإن رآه قبيحا، لم يجمع بين قبيحين.
وقال آخر مثل الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به، كمثل أعمى بيده سراج يستضيء به غيره وهو لا يراه.
وقيل لبعض الحكماء: ما الصدق؟ فقال: هو اسم على غير معنى، وحيوان غير موجود.
وقال آخر: أطول الناس سفرا، من كان في طلب صديق يرضاه.
وقال آخر لولا أن بين المحبوبات عوارض من المكاره، لما استعذب مذاقها ولا حسن موقعها.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: قال لي أبي يا بني: لا تردن على أحد خطأ؛ فإنه يستفيد منك علما ويتخذك عدوا.
وقال آخر: مغضب القادر عليه كمجرب السم في نفسه، إن هلك فقتيل حق، وإن نجي فطليق حمق.
وقال آخر: أعداء المرء في بعض الأوقات، ربما كانوا له أنفع من أصدقائه. لأنهم يهدون إليه عيوبه فيتجنبها، ويخاف شماتتهم فيضبط نعمته.
وقال آخر: خير من الحياة، ما لا تطيب الحياة إلا به، وشر من الموت ما يتمنى الموت من أجله.
وكان الحسن البصري يقول: اللهم أنزلت بلاء، فأنزل صبرًا. ووهبت عافية، فهب شكرا.
وقال أعرابي لعبد الله بن جعفر: لا ابتلاك الله بمصيبة يعجز عنها صبرك، وأنعم عليك نعمة يعجز عنها شكرك.
وقال بعض الحكماء إياك والعجلة، فإنه مكسبة للمذلة، مجلبة للندامة، منفرة لأهل الثقة، مانعة من سداد الروية.
وقيل لبعضهم: لم لا يجتمع الحكمة والمال؟ قال: لعزة الكمال.
وقال آخر: ليس من شأن الحكيم بذل الحكمة لكل أحد، لأنها بمنزلة ضوء الشمس الذي هو نافع للأبصار الصحيحة، مضر بالأبصار الرمدة.
1 / 3
وقال آخر: لا تدلن بحالة بلغتها بغير آلة، ولا تفخرن بمرتبة رقيتها بغير منقبة؛ فما بناه الإنفاق، هدمه الاستحقاق.
وقال آخر: أستحي من ذم من لو كان حاضرا لبالغت في مدحه، ومدح من لو كان غائبا لسارعت إلى ذمه.
وقال آخر: إذا نزل بك المهم، فانظر! فإن كان فيه حيلة فلا تعجز، وإن لم يكن فيه فلا تجزع.
وقال آخر: تقدم بالحيلة قبل نزول الأمر، فإنه إذا نزل ضاقت الحيل وطاشت العقول.
وقال خالد بن صفوان لابنه يا بني! كن أحسن ما تكون في الظاهر حالا، أقل ما تكون في الباطن مالا.
وقال له رجل: كيف أسلم على الأخوان؟ فقال: لا تبلغ بهم النفاق، ولا تقصر بهم عن الاستحقاق.
وقال آخر: لا تغترر بمن يميل إليك حتى تعرف علة ميله، فإن كانت لشيء من صفاتك الذاتية فارج ثباته، وإن كان لشيء من أحوالك العارضة فلا تحفل به، فإنه يقيم عليك بمقام ذلك الشيء، وينصرف عنك بانصرافه.
وفي كتاب كليلة ودمنة إذا أحدث لك العدو صداقة لعلة ألجأته إليك، فمع ذهاب العلة رجوع العداوة. كالماء تسخنه، فإذا أمسكت عنه عاد إلى أصله باردا؛ والشجرة المرة لو طليتها بالعسل لم تثمر إلا مرا.
وقيل لبقراط: ما أعم الأشياء نفعا؟ فقال: فقد الأشرار.
وقيل لبعضهم: ما بال السريع الغضب، سريع الرجعة، والبطيء الغضب، بطيء الرجعة؟ فقال: مثلهما مثل النار في الحطب، أسرعها وقودا أسرعها خمودا.
وقال آخر: لتكن سيرتك وأنت خلو في منزلك، سيرة من هو في جماعة من الناس تستحي منهم.
وقال آخر: غاية المروءة أن يستحي الإنسان من نفسه.
وقال ابن المعتز الحوادث الممضة مكسبة لحظوظ جزيلة. منها ثواب مدخور، وتطهير من ذنب، وتنبيه من غفلة، وتعريف بقدر النعمة، ومرون على مقارعة الدهر.
وقيل للمهلب بن أبي صفرة: بم نلت هذا الظفر؟ فقال: بطاعة الرأي وعصيان الهوى.
وقال: أناة في عواقبها فوت، أحب إلي من عجلة في عواقبها ظفر.
وقال لبنيه: أحسن ثيابكم ما كان على غيركم، وخير دوابكم ما كان تحت سواكم.
وقال: لأن أرى لعقل الرجل فضلا على لسانه، أحب إلي من أن أرى للسانه فضلا على عقله.
وقال بعضهم: لسان العاقل من وراء قلبه، ولسان الجاهل أمام قلبه: فإذا هم بالقول قال عليه أو له.
وقال بعض الحكماء: رب جامع مال لزوج حليلته، ومقتر على نفسه، وهو توفير لعدوه.
وقال آخر: لم أر أشقى بماله من البخيل، لأنه في الدنيا مهتم بجمعه، وفي الآخرة محاسب على منعه، غير آمن في الدنيا من همه، ولا ناج في الآخرة من إثمه؛ فعيشه في الدنيا عيش الفقراء، وحسابه في الآخرة حساب الأغنياء.
وقال: مثل الأغنياء البخلاء مثل البغال والحمير، تحمل الذهب والفضة وتعتلف التبن والشعير.
وقال آخر: إن لك في مالك شريكين، الحدثان والوراث. فلا تكن أبخس الشركاء حظا.
وقال آخر: الدراهم مياسيم. تسم حمدا وذما، فمن أمسكها كان لها، ومن أنفقها كانت له.
وقال بزرجمهر: إذا أقبلت عليك الدنيا فأنفق، فإنها لا تفنى. وإذا أدبرت عنك فأنفق، فإنها لا تبقى! وحذر بعض الحكماء صديقاله من رجل صحبه. فقال: احذر فلانا فإنه كثير البحث، لطيف الاستدراج، يقيس أول كلامك بآخره. ويعتبر ما قدمت بما أخرت. فلا تظهرن له المخافة فيرى أن قد تحرزت منه وتحفظت. واعلم أن من اليقظة إظهار الغفلة مع شدة الحذر. فباثه مباثة الآمن، وتحفظ منه تحفظ الخائف. فإن البحث يظهر الخفي الباطن ويبدي المستتر الكامن.
وقال حسان بن تبع الحميري لا تثقن بالملك فإنه ملول، ولا بالمرأة فإنها حرون، ولا بالدابة فإنها شرود.
وقال آخر: إذا رأيت رجلا يتناول أعراض الناس، فاجهد أن لا يعرفك. فإن أشقى الأعراض بع أعراض معارفه.
وقال جعفر الصادق ﵁: لا خير فيمن لا يحب جمع المال لخلال، يصون به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه.
وقال داود بن علي: لأن يجمع المرء مالا فيخلفه لأعدائه، خير له من الحاجة في حياته لأصدقائه.
وكان عبد الرحمن بن عوف يقول: يا حبذا المال أصون به عرضي وأتقرب به إلى ربي.
وقال آخر: ينبغي للعاقل أن يكسب ببعض ماله المحمدة، ويصون ببعضه وجهه عن المسألة.
1 / 4
وقال الحصين بن المنذر: وددت أن لي مثل أحد ذهبا، ولا أنتفع به بقيراط. قيل فما تصنع به؟ قال: لكثرة من يخدمني عليه.
وقيل للأحنف بن قيس: ما أحلمك؟ قال: لست بحليم ولكني أتحالم، والله إني لأسمع الكلمة فأحم لها ثلاثا، ما يمنعني من الجواب عنها إلا خوفي من أن أسمع شرا منها.
وقال: لأفعى تحكك في الجوانب بيتي، أحب إلي من أيم قد رددت عنها كفوا.
وقال: أكرموا سفهاءكم؛ فإنهم يقونكم العار والنار.
وقال: ما خان شريف، ولا احتجب كريم، ولا كذب عاقل، ولا اغتاب مؤمن.
وسأله معاوية عن ابنه يزيد. فقال: أخافك إن صدقت، وأخاف الله إن كذبت.
وقال آخر النفس غير فارغة أبدا، فإن شغلتها بما يصلحها، وإلا شغلتك بما يفسدك
وقال آخر: أحسن ما الأنفة، الترفع عن معايب الناس، وترك الخضوع لما زاد عن الكفاية.
وقال محمد بن عبد الملك الزيات احذروا الصديق الجاهل، أكثر من حذركم العدو العاقل، فليس من أساء وهو يعلم أنه مسيء، كمن أساء وهو يظن أنه محسن.
وقال آخر: ينبغي أن يكون حفظ الرجل للمرأة من حيث لا تعلم. فإن من شأن النفس التطلع إلى ما منعته.
وقال النعمان بن المنذر من سأل فوق قدره استحق الحرمان، ومن ألحف في المسألة استحق الرد، والرفق يمن، والخرق شؤم، وخير الطاعة ما وافق الحاجة، وخير العفو ما كان مع القدرة.
وقيل لأعرابي لم قطعت أخاك وهو من أبيك وأمك؟ فقال إني لأقطع العضو الفاسد وهو أقرب إلي منه، إذا رأيت في ذلك الصلاح.
وقيل لأعرابي آخر: ما تقول في ابن العم؟ قال: عدوك وعدو عدوك.
وقال الأصمعي: سمعت أعرابيا يقول: لا يوجد العجول محمودا، ولا الحسود مسرورا، ولا الملول ذا إخوان، ولا الحريص حرا، ولا الشره غنيا.
وقال: سمعت أعرابيا يقول: أقبح أعمال المقتدرين الانتقام، وما استنبط الصواب بمثل المشاورة، ولا اكتسبت البغضاء بمثل الكبر.
وقال العتبي سمعت أعرابيا يقول لآخر إن فلانا وإن خف عليك، فإن عقاربه تسري إليك، فإن لم تجعله عدوا في علانيتك، فلا تجعله صديقا في سريرتك.
وقيل لامرئ القيس: ما السرور؟ فقال: بيضاء رعبوبة، بالطيب مشبوبة، بالشحم مكروبة.
وقيل للأعشى: ما السرور؟ فقال: صهباء صافية، تمزجها غانية، من صوب غادية.
وقيل لطرفة: ما السرور؟ فقال: مطعم شهي، ومشرب روي، وملبس دفي، ومركب وطي.
وقيل لبعض الأعراب: ما السرور؟ فقال: الكفاية في الأوطان، والجلوس مع الإخوان.
وقال الحجاج لحزيم الناعم: ما السرور؟ فقال: الأمن، فإني رأيت الخائف لا عيش له؟ قال: الغنى، فإني رأيت الفقير لا عيش له. قال زدني: قال الصحة، فإني رأيت المريض لا عيش له. قال زدني. قال: لا أجد مزيدا.
وقيل للحصين بن المنذر: ما السرور؟ قال اللواء المنشور: والجلوس على السرير، والسلام عليك أيها الأمير.
وقيل للحسن بن سهل: ما السرور؟ فقال: توقيع جائز، وأمر نافذ.
وقيل لعبد الله بن الأهتم: ما السرور؟ فقال: رفع الأولياء، ووضع الأعداء؛ وطول البقاء، مع الصحة والنماء.
وقيل لآخر: ما السرور؟ فقال: إقبال الزمان، وعز السلطان، وكثرة الإخوان.
وقيل لضرار بن عمرو: ما السرور؟ فقال: إقام الحجة واتضاح الشبهة.
وقال إعرابي لآخر اسحب من يتناسى معروفه عندك، ويتذكر حقوقك عليه
وقال بعض الحكماء: لا يكون الرجل عاقلا، حتى يكون عنده تعنيف الناصح ألطف موقعا من ملق الكاشح.
وقال آخر: اطلب في الدنيا العلم والمال، تحز الرياسة على الناس، لأنهم بين خاص وعام، فالخاصة تفضلك بما تعلم، والعامة تفضلك بما تملك.
وقال هارون الرشيد لإسماعيل بن صبيح إياك والدالة فإنها تفسد الحرمة، وتنقص الذمة، ومنها أتى البرامكة.
وقال: ما في الدنيا ابن يستوي عليه ثوب أبيه إلا تمنى موته.
وقال المنتصر بالله: والله ما ذل ذو حق ولو اتفق العالم عليه؛ ولا عز ذو باطل ولو طلع القمر في جبينه.
وقال آخر حركة الإقبال بطيئة وحركة الإدبار سريعة، لأن المقبل كالصاعد مرقاة، والمدبر كالمقذوف به من موضع عال.
وقال آخر: أحق الأشياء بالصبر عليه ما ليس إلى دفعه سبيل، ولا على تغييره قدرة.
1 / 5
وقيل لبعضهم ما الحزم؟ فقال سوء الظن بالناس. قيل فما الصواب؟ قال المشورة. قيل فما الاحتياط؟ قال الاقتصاد في الحب والبغض. قيل فما الذي يجمع القلوب على المودة؟ قال كف بذول، وبشر جميل.
وقيل لآخر: متى يحمد الكذب؟ قال: إذا جمع به بين متقاطعين. قيل: فمتى يذم الصدق؟ قال: إذا كان غيبة. قيل: فمتى يكون الصمت خيرا من النطق؟ قال عند المراء.
وسئل بعضهم: عن أعدل الناس، وأكيس الناس، وأحمق الناس، وأسعد الناس، وأشقى الناس. فقال: أعدل الناس من أنصف من نفسه، وأجور الناس من ظلم لغيره، وأكيس الناس من أخذ أهبة الأمر قبل نزوله، وأحمق الناس من باع آخرته بدنيا غيره، وأسعد الناس من ختم له في آخرته بخير، وأشقى الناس من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة.
وعرض مروان الحمار جنده فكان سبعين ألف عربي على سبعين ألف عربي. فقال إذا انقضت المدة، فما تنفع العدة.
وكتب إلى الخارجي: إني وإياك كالحجر والزجاجة، إن وقع عليها رضها، وإن وقعت عليه قضها.
وفي كتاب الفرس: إذا أردت أن تسأل فاسأل من كان في غنى ثم افتقر؛ فإن عز الغنى يبقى في قلبه أربعين سنة، ولا تسأل من كان في فقر ثم استغنى؛ فإن ذل الفقر يبقى في قلبه أربعين سنة.
وقال آخر: إياك مسألة من يسأل الناس، فإن الأمر الذي به يطلب ما في أيديهم، به يمنع ما في يديه منهم.
وقال بعضهم لأبي العيناء - وراءه ضعيفا من الكبر - كيف أصبحت أبا العيناء؟ فقال أصبحت في الداء الذي يتمناه الناس.
وقال آخر: الخوف شيء ليس لأحد من الخلق استقامة إلا به، إما ذو دين فيخاف العقاب، وإما ذو كرم فيخاف العار، وإما ذو عقل فيخاف التبعة.
وقال عامر بن عبد القيس: إذا خرجت الكلمة من القلب دخلت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان.
وقال حكيم لآخر: يا أخي كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت وبنا من نعم الله ما لا نحصيه مع كثير ما نعصيه، فما ندري أيهما نشكر؛ جميل ما ينشر أو قبيح ما يستر.
وقال آخر: لا يكون البكاء إلا مع فضل قوة، فإذا اشتد الحزن، ذهب البكاء.
وقال آخر: كثرة ذنوب الصديق تمحق السرور به، وتسلط الهم عليه.
وقال إسحاق بن إبراهيم المصعبي: كيمياء الملوك في الغارة ولا تحسن بهم التجارة.
وقال قابوس بن وشمكير: لذة الملوك فيما لا يشاركهم فيه العامة من معالي الأمور.
وقال أبو بكر الخوارزمي صغير البر ألطف وأطيب، كما أن قليل الماء أشهى وأعذب
وقال: من طلب المنية هربت منه كل الهرب، ومن هرب منها طلبته كل الطلب.
وقال: الحدة والندامة فرسا رهان، والجود والشجاعة شريكا عنان، والتواني والخيبة رضيعا لبان.
وقيل لشريك بن عبد الله إن معاوية كان حليما. فقال كلا، لو كان حليما ما سفه الحق ولا قاتل عليا.
وقال جعفر الصادق ﵁: إياكم وملاحاة الشعراء، فإنهم يضنون بالمديح ويجودون بالهجاء.
وقيل لبعضهم: بم أدركت هذا العلم؟ قال: بقلب ذكي وأب غني.
وكان بعض الحكماء: يكثر الاستماع، ويقل الكلام. فسئل عن ذلك؟ فقال: إن الله تعالى خلق للإنسان أذنين ولسانا واحدا، ليكون الذي يسمعه أكثر من الذي يتكلم به.
وقال آخر: لو دامت صحة الإنسان هلك بطرا، ولو دام صوابه هلك عجبا، ولو دام غناه هلك طغيانا.
وقال آخر: لا ينبغي للفاضل من الرجال أن يخاطب ذوي النقص، كما لا ينبغي للصاحي أن يكلم السكارى.
وقال آخر: ما سررت وأنا وال، ولا اغتممت وأنا معزول، لأني في العزل أرجو الولاية، وفي الولاية أتوقع العزل.
وقال دارا الأكبر مثل العدو الضاحك إليك، مثل الحنظلة النضرة أوراقها القاتل مذاقها.
وقال ابن المعتز: أهل الدنيا كصور في صحيفة إذا طوي بعضها نشر بعض.
وقال: أهل الدنيا كراكب سفينة يسار بهم وهم نيام.
وقال: ما أبين وجوه الخير والشر في مرآة العقل، إذا لم يصدها الهوى.
وقال آخر دع الكذب حيث ترى أنه ينفعك، فإنه يضرك. واستعمل الصدق حيث ترى أنه يضرك ، فإنه ينفعك.
وقال آخر: عقوبة الغضب تبدأ بالغضبان، فيقبح وجهه، وينثلم دينه، ويعجل ندمه.
وقال ابن المقفع إذا حاججت فلا تغضب، فإن الغضب يقطع عنك الحجة، ويظهر عليك الخصم
1 / 6
ووجد على صنم مكتوب: حرام على النفس الخسيسة أن تخرج من هذه الدنيا حتى تسيء إلى من أحسن إليها.
وقال المسيح ﵇: عالجت الأكمه والأبرص فأبرأتهما، وأعياني علاج الأحمق.
وقال آخر: جزعك في مصيبة أخيك، أجمل من صبرك. وصبرك في مصيبتك، أجمل من جزعك.
وقال آخر: موقع الشكر من النعم، موقع القرى من الضيف، إن وجده لم يرم، وإن فقده لم يقم.
وقال آخر: الإنسان الخير خير من الحيوان، والإنسان الشرير شر من جميع الحيوان.
وقال آخر: لسان العيان أنطق من لسان البيان، وشاهد الأحوال أعدل من شاهد الأقوال.
قال آخر: إذا دهمنا أمر، تصورناه في أسوأ حالاته؛ فما نقص منها كان سرورا معجلا.
وقال آخر: الولد ريحانتك سبعا، وخادمك سبعا، ثم هو شريكك أو عدوك.
وكان يقال: لكل جديد لذة؛ فلذة الثوب يوم، ولذة المركب جمعة، ولذة المرأة شهر، ولذة الدار أبد الأبد، كلما دخلتها سررت بها.
ودعت أعرابية لرجل فقالت: كبت الله على عدو لك إلا نفسك.
وقال آخر: ما أعطى الإقبال أحدا شيئا إلا سلبه من حسن الاستعباد أكثر منه.
وقال آخر: رب حياة سببها التعرض للوفاة، ووفاة سببها طلب الحياة.
فصل
في الملوك وذكر أحوالهم
قال أفلاطون: الملك كالنهر الأعظم، تستمد منه الأنهار الصغار. فإن كان عذبا عذبت، وإن كان ملحا ملحت.
وقال أبو حازم الأعرج: السلطان سوق فما نفق فيه جلب إليه.
وقال أفلاطون: ينبغي للملك أن لا يطلب المحبة من أصحابه، إلا بعد تمكن هيبته من نفوسهم، فإنه يجدها بأيسر مؤونة، فأما إن طلبها قبل أن يستشعروا هيبته لم يجتمعوا عليه، ولم يضبطهم بها.
وقال: إذا بغى الرئيس ضيع الفرصة، وترفع عن الحيلة، وأنف من التحرز، وظن أنه يكتفي بنفسه؛ فعند ذلك يصل إليه من سدد نحوه، فيجد عورته بارزة، ومقاتله بادية.
وقال آخر: إذا رغبت الملوك عن العدل، رغبت الرعية عن الطاعة.
وقال آخر: يضطغن على السلطان رجلان، رجل أحسن مع محسنين فأثيبوا وحرم، ورجل أساء مع مسيئين فعوقب وعفي عنهم.
وقال بهرام جور لا شيء أضر بالملوك من استخبار من لا يصدق أن خبر، واستكفاء من لا ينصح إن دبر.
وقال آخر: ينبغي للملك أن لا يضيع التثبت عندما يقول، وعندما يفعل؛ فإن الرجوع عن الصمت، أحسن من الرجوع عن الكلام، والعطية بعد المنع أجمل من المنع بعد العطية، والإقدام على العمل بعد التأني فيه، خير من الإمساك عنه بعد الإقدام عليه.
وقال ابن المقفع ليس للملك أن يغضب، لأن القدرة من وراء حاجته؛ وليس له أن يكذب، لأن أحدا لا يقدر على إكراهه على غير ما يريد؛ وليس له أن يغل، لأنه أقل الناس عذرا في خفيفة الفقر؛ وليس له أن يكون حقودا، لأن خطره قد عظم عن المجازاة.
وكان كسرى يقول عاملوا الأحرار بمحض المودة، وعاملوا العامة بالرغبة والرهبة، وعاملوا السفلة بالمخافة محضا.
وقال: إذا كثر مال الملك مما يأخذ من رعيته، كان كمن يعمر سطح بيته مما يقلعه من أساس بنائه.
وقال آخر: لا ينبغي للملك أن يكون كذابا، ولا بخيلا، ولا حسودا، ولا جبانا؛ فإنه إن كان كذابا ثم وعد خيرا لم يرج، أو أوعد شرا لم يخش. وإن كان بخيلا لم يناصحه أحد، ولا يصلح الملك إلا بالمناصحة. وإن كان حسودا لم يشرف أحدا، ولا يصلح الناس إلا بأشرافهم. وإن كان جبانا اجترأ عليه عدوه، وضاعت ثغوره.
وقال عمر بن الخطاب ﵁ لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين في غير ضعف، القوي من غير عنف.
وقال معاوية بن أبي سفيان: لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت أبدا. قيل له: وكيف ذاك؟ قال: كنت إذا جبذوها أرخيتها، وإذا أرخوها جبذتها.
وقال عمرو ابن العاص: لا سلطان إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمار، ولا عمارة إلا بعدل.
وقال بعض الحكماء: إذا ساوى الوزير الملك في زيه وماله وطاعة الناس له، فليصرعه، وإلا فليعلم أنه المصروع.
وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: كلكم ترشح نفسه لهذا الأمر، ولا يصلح له منكم، إلا من كان له سيف مسلول، ومال مبذول، وعدل تطمئن إليه القلوب.
1 / 7
وقال لابنه الوليد: يا بني: اعلم أنه ليس بين السلطان وبين أن يملك الرعية أو تملكه، إلا حزم أو توان.
وقال آخر: فضل الملوك في الإعطاء، وشرفهم في العفو، وعزهم في العدل.
وقيل لبعض الملوك _وقد بلغ في القدر والسلطان ما لم يبلغه أحد من ملوك زمانه_: ما الذي بلغ بك هذه المنزلة؟ قال: عفوي عند قدرتي، وليني بعد شدتي، وبذلي الإنصاف ولو من نفسي، واتقائي في الحب والبغض مكان الاستبداد.
وقال النبي ﷺ: "عدل ساعة في حكومة، خير من عبادة ستين سنة".
وقال بعض الحكماء: إمام عادل خير من مطر وابل، وإمام غشوم شر من فتنة تدوم.
وقال آخر: من شارك السلطان في عز الدنيا، شاركه في ذل الآخرة.
وقال آخر: إذا قال السلطان لغلمانه هاتوا، فقد قال لهم: خذوا.
وقال آخر: مثل أصحاب السلطان، مثل قوم رقوا جبالا ثم هووا منه، فكان أقربهم من التلف أبعدهم في المرقى.
وقال أبو مسلم الخراساني: خاطر من ركب البحر، وأشد منه مخاطرة من داخل الملوك.
فصل
فيما يجب على من يصحب السلطان
قال الشعبي، قال لي عبد الله بن عباس، قال لي أبي: يا بني: إني أرى هذا الرجل _يعني عمر بن الخطاب_ يقدمك على الأكابر من أصحاب رسول الله ﷺ، وإني أوصيك بخلال أربع: لا تفشين له سرا، ولا تجرين عليك كذبا، ولا تطوين عليه نصيحة، ولا تغتابن عنده أحدا. قال الشعبي: فقلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: أي والله، ومن عشرة آلاف.
وقال بعض الحكماء: إذا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما، وإذا جعلك ولدا فاجعله سيدا، وإذا جعلك أخا فاجعله والدا، وإذا جعلك والدا فاجعله ربا، ولا تدمن النظر إليه، ولا تكثر من الدعاء له، ولا تتغير له إذا سخط، ولا تغتر به إذا رضي، ولا تلحف في مسألته! وقال خالد بن صفوان: لا تكن صحبتك للملوك إلا بعد رياضة منك لنفسك؛ فإن كنت حافظا لما ولوك، أمينا إذا ائتمنوك، حذرا إذا قربوك، ذليلا إذا صرموك، راضيا إذا أسخطوك، تعلمهم وكأنك تتعلم منهم، وتؤدبهم وكأنك تتأدب بهم، وإلا فالبعد منهم كل البعد، والحذر منهم كل الحذر.
وقال الفضل بن الربيع: من كلم الملوك في حاجة في غير وقتها، جهل مقامه وضاع كلامه، وما أشبه ذلك إلا بأوقات الصلاة التي لا تقبل إلا فيها.
وقال خالد بن صفوان من صحب السلطان بالنصيحة والأمانة، كان أكثر عدوا ممن صحبه بالغش والخيانة، لأنه يجتمع على الناصح عدو السلطان وصديقه بالعداوة والحسد؛ فعدو السلطان يبغضه لنصيحته، وصديقه ينافسه مرتبته.
وقال أفلاطون إذا خدمت ملكا فلا تطعه في معصية بارئك، فإن إحسانه إليك أفضل من إحسانه، وإيقاعه بك أغلظ من إيقاعه. وقال إذا خدمت حازما فأرضه بإسقاط حاشيته، وإذا خدمت عاجزا فأسخطه برضاء أتباعه. وقال إذا خدمت ملكا فأظهر له الاستهانة بما فضلت به عليه، وأكثر التعجب مما فضل به عليك.
وقال عبد الله بن عمر: إذا كان الإمام عادلا، فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائرا، فعليه الوزر وعليك الصبر.
وقال آخر: إن استطعت أن ترى من خدمته غناك عنه، ليس بأن توهمه كثرة الجدة، ولكن بأن تعلمه بأن قليلك يقيم بأحوالك، كما يقيم كثيره بأحواله، فافعل! وقال آخر: اصحب السلطان بثلاث؛ بأعمال الحذر، ورفض الدالة، وإحراز الحجة!
وقال أفلاطون لا تشيرن على الملك في أحد بما تكره أن يعمله في أمرك إذا حللت محله
وقال آخر: أخدم الجاهل من الرؤساء، بإتباع رضاه، والعاقل بإحراز الحجة عليه أو له.
فصل
في ذم الحسد
قال أمير المؤمنين علي ﵁: لا راحة لحسود، ولا أخا للملك، ولا محب لسيء الخلق.
وقال آخر: الحاسد يسعى على من أنعم عليه، ويبغي الغوائل لمن أحسن إليه.
وقال آخر: الحسود عدو مهين، لا يدرك وطره إلا بالتمني.
وقال بعضهم: الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فأما في السماء فحسد إبليس لآدم، وأما في الأرض فحسد قابيل هابيل.
وقال الحسن البصري: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم، من حاسد. نفس دائم، وحزن لازم، وعبرة لا تنفد.
وقال معاوية: كل الناس أقدر على رضاهم، إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها.
1 / 8
وقال عمرو بن العاص ما بلغني عن أحد شنآن قط، إلا سللت سخيمة قلبه بجهدي، إلا حاسد النعمة فإنه لا يرضى إلا بزوالها، فجدع الله أنفه!
وقال آخر: الحاسد يظهر وده في اللقاء، وبغضه في المغيب، واسمه صديق، ومعناه عدو.
ووجد في كتاب لجعفر بن يحيى - أربعة أسطر مكتوبة بالذهب - الرزق مقسوم، الحريص محروم، البخيل مذموم، الحسود مغموم.
ولقي إبليس نوحا ﵇. فقال: اتق الحسد والشح، فإني حسدت آدم فأخرجت من الجنة، وشح على شجرة واحدة فخرج من الجنة.
وقيل للحسن البصري أيحسد المؤمن أخاه؟ فقال: أنسيت إخوة يوسف؟ وقال آخر: يكفيك من الحاسد أنه يغم عند سرورك.
فصل
في ذم الغيبة
قال الله تعالى: "ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه". وأوحى الله تعالى إلى موسى ﵇: من مات تائبا من الغيبة، فهو آخر من يدخل الجنة، ومن مات وهو مصر عليها فهو أول من يدخل النار.
وقال رسول الله ﷺ: "ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة في حسنات العبد".
وقال عمر بن الخطاب ﵁: إياكم وذكر الناس، فإنه داء. وعليكم بذكر الله، فهو شفاء.
وسمع علي بن الحسين ﵄ رجلا يغتاب آخر - فقال: إياك والغيبة فإنها إدام كلاب الناس.
وقال محمد بن السماك: تجنب غيبة أخيك لخصلتين: أما الواحدة، فلعلك أن تغتابه بشيء هو فيك؛ وأما الأخرى فاشكر الله إذ عافاك مما ابتلاه به.
واغتاب بعضهم رجلا عند قتيبة بن مسلم. فقال له قتيبة: مهلا أيها الرجل: فلقد تلمظت بمضغة طالما عافها الكرام.
وقال عمرو بن عتيبة بن أبي سفيان: كنت أساير أبي، فلمحني وقد أصغيت إلى رجل يغتاب رجلا. فقال لي: ويلك - وما خاطبني بها قبلها ولا بعدها - إياك واستماع الغيبة! نزه سمعك عن الخنا، كما تنزه لسانك عن البذاء؛ فإن السامع شريك القائل.
ومر محمد بن سيرين بقوم، فقام إليه رجل منهم. فقال: يا أبا بكر: إنا قد نلنا منك فاجعلنا في حل. قال: إني لا أحل ما حرم الله تعالى.
وقال رجل للحسن البصري بلغني أنك تغتابني. فقال لم يبلغ من مقامك عندي أن أحكمك في حسناتي.
وقال عبد الله بن عباس ﵁: أذكر أخاك بما تحب أن يذكرك به، ودع منه ما تحب أن يدعه منك.
وقيل لعمرو بن عبيدة: لقد اغتابك فلان حتى رحمناك. قال: إياه فارحموا.
قال بعض الحكماء لابنه: يا بني: إياك وغيبة الناس، فإن مثل المغتاب لهم كمثل امرئ أوتر قوسه ليرمي جماعة كلهم يوتر قوسه، فإلى أن يصيب الرجل منهم بسهم قد أصابه أضعافه.
وعن سعد القصر قال: نظر إلي عمر بن الخطاب ﵁، ورجل يشتم رجلا بين يدي. فقال لي: ويلك يا سعد: نزه سمعك عن استماع الخنا، كما تنزه لسانك عن النطق به، فإن السامع شريك القائل.
وقال الحسن البصري: لا غيبة في ثلاثة: فاسق مجاهر، وإمام جائر، وصاحب بدعة.
فصل في الإخوان والحض عليهم
قال داود لابنه سليمان ﵉: يا بني: لا تستقلن عدوا واحدا، ولا تستكثرن ألف صديق.
وقال النبي ﷺ: "المرء كثير بأخيه".
وقال بعضهم: أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان. وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم.
وقال شبيب بن شيبة: خير ما اكتسب: إخوان الصدق، لأنهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، ومعونة على الدهر، وشركاء في الخير والشر.
وقال آخر: وطن نفسك على أنه لا سبيل لك إلى قطيعة أخيك وإن ظهر لك منه ما تكره، فليس الصديق كالمرأة التي تطلقها متى شئت، ولكنه عرضك ومروءتك.
وقال لقمان لابنه: يا بني! ليكن أول شيء تكسبه بعد الإسلام، خليلا صالحا؛ فإنما مثل الخليل الصالح كمثل النخلة إن قعدت في ظلها أظلك، وإن احتطبت من حطبها نفعك، وإن أكلت من ثمرها وجدته طيبا.
وقال آخر: ينبغي لصاحبي الكريم أن يصبر عليه إذا جمعتهما قسوة الزمن، فليس ينتفع بالجوهرة النفيسة من لم ينتظر نفاقها.
وقال الأحنف بن قيس: خير الإخوان من إذا استغنيت عنه لم يزدك في المودة، وإن احتجت إليه لم ينقصك منها، وإن ظلمت عضدك، وإن استعنت به رفدك.
وقال رسول الله ﷺ: "الصاحب رقعة في قميصك فانظر بمن ترقعه".
1 / 9
وقال ابن المعتز: كما أن جلاء السيف أسهل من طبعه، وكذلك استصلاح الصديق أسهل من اكتساب غيره.
وقيل لبزرجمهر: أيما أحب إليك: أخوك أم صديقك؟ قال: إنما أحب أخي إذا كان صديقي.
وقال أكثم بن صيفي: القرابة تحتاج إلى مودة، والمودة لا تحتاج إلى قرابة.
وقال علي ﵁: لا تقطع أخاك على ارتياب، ولا تهجره دون استعتاب.
وقال آخر: لا تقطع أخاك إلا بعد العجز عن إصلاحه.
وقال الأحنف بن قيس: من حق الصديق أن يحتمل له ثلاث: ظلم الغضب، وظلم الوالد، وظلم الهفوة.
وقيل لبعض الولاة: كم لك صديق؟ قال: لا أدري؟ ما دامت الدنيا مقبلة علي فالناس كلهم أصدقائي، وإنما أعرفهم إذا أدبرت عني.
فصل في ذم الكبر
قال رسول الله ﷺ: "قال الله تعالى في بعض الكتب: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدا منهما قصمته وأهنته".
وقال ﷺ: "لا يدخل حظيرة الفردوس متكبر".
وذكر الكبر عند المعتصم. فقال: حظ صاحبه من الله المقت، ومن الناس اللعن.
وقال بعضهم: إذا نال الشريف رتبة تواضع فيها، وإذا نال الوضيع رتبة تكبر فيها.
وقال يحيى بن خالد: من بلغ رتبة فتاه فيها، فقد أخبر أن محله دونها، ومن بلغ رتبة فتواضع فيها، فقد أخبر أن محله فوقها.
وقال سعيد بن العاص لابنه عمرو: يا بني إياك والكبر! وليكن ما تستعين به على تركه، علمك بالذي كنت، والذي إليه تصير. وكيف الكبر مع النطفة التي منها خلقت، والرحم التي فيها قذفت، والغذاء الذي به غذيت؟ وقال آخر: كيف يتكبر من خلق من تراب. وجرى في مجرى البول، وغذي بدم الحيض، وطوي على العذرة.
وقال آخر التواضع مع البخل والجهل، أحسن من التكبر مع البذل والعقل؛ فأعظم بحسنة غطت على سيئتين، وأقبح بسيئة غطت على حسنتين!
وقال النظام: ما ترفع أحد في مجلس، إلا لضعة يجدها من نفسه.
وقال آخر: لابنه يا بني! عليك بالبشر والتواضع، وإياك والتقطيب والكبر، فإن لقاء الأحرار بما يحبون مع الحرمان، أحب إليهم من لقائهم بما يكرهون مع العطاء؛ فانظر إلى خصلة غطت على مثل البخل فالتزمها؛ وانظر إلى خصلة عفت على مثل الجود فاجتنبها.
وقال ابن الأعرابي: ما تكبر أحد علي قط أكثر من مرة واحدة. أي: لا أعاود لقاءه والسلام.
وقال ابن أبي ليلى: ما رأيت متكبرا قط، إلا اعتراني داؤه.
وقال ابن المعتز: التكبر على المتكبر تواضع.
وقال العتبي: رأيت رجلا يطوف بين الصفا والمروة على بغلة؛ ثم رأيته بعد ذلك راجلا على جسر بغداد. فوقفت أتعجب منه. فقال: لا تعجب إني ركبت في موضع يمشي الناس فيه، فكان حقيقا على الله أن يرجلني في موضع يركب الناس فيه.
فصل
في مدح التواضع
قال رسول الله ﷺ: "من تواضع لله رفعه".
وقال عبد الله بن مسعود: رأس التواضع أن تبدأ بالسلام لمن لقيت، وترضى بالدون من المجلس.
وقال مصعب بن الزبير: التواضع من مصائد الشرف.
وقيل لبعضهم: ما التواضع؟ فقال: هو أن تخرج من بيتك؛ فإذا رأيت من هو أكبر منك، قلت: سبقني إلى الإسلام والعمل الصالح، فهو خير مني؛ وإذا رأيت من هو أصغر منك. قلت: سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني.
وقيل: أصبح النجاشي يوما جالسا على الأرض وعلى رأسه التاج، فأعظم ذلك كبراء دولته. وسألوه عن السبب الموجب له؟ فقال: إني وجدت فيما أنزل الله تعالى على المسيح ﵇: إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع فيها، أتممتها عليه؛ وإنه ولد لي في هذه الليلة ولد ذكر، فتواضعت شكرا لله تعالى.
فصل
في الحض على اكتساب الأدب
قال أمير المؤمنين علي ﵁: الأدب حلي في الغنى، كنز عند الحاجة، عون على المروءة، صاحب في المجلس، أنيس في الوحدة، تعمر به القلوب الواهية، وتحيى به الألباب الميتة، وتنفذ به الأبصار الكليلة، ويدرك به الطالبون ما حاولوا.
وفال بزرجمهر: من كثر أدبه شرف، وإن كان وضيعا؛ وساد، وإن كان غريبا؛ وبعد صيته، وإن كان خاملا؛ وكثرت الحوائج إليه، وإن كان مقترا.
وقال عبد الله بن المعتز: لن تعدم من الأديب كرما من طبعه، أو تكرما من أدبه.
1 / 10
وقال الآخر: الأدب يبلغ بصاحبه الشرف، وإن كان دنيا؛ والعز، وإن كان قميا. والقرب، وإن كان قصيا؛ والمهابة، وإن كان رويا؛ والغنى وإن كان فقيرا، والنبل وإن كان حقيرا؛ والكرامة، وإن كان سفيها؛ والمحبة، وإن كان كريها.
وقال آخر: لابنه يا بني: تعلم الأدب، فلأن يذم فيك الدهر، خير من أن يذم بك.
وروي عن ابن شبرمة أنه قال: إذا سرك أن تعظم في عين من كنت عنده صغيرا، ويصغر في عينك من كان عندك عظيما؛ فتعلم العربية فإنها تجريك على المنطق، وتدنيك من السلطان.
وقال بعض الملوك لوزيره: ما خير ما يرزقه العبد؟ فقال: عقل يعيش به. قال: فإن عدمه. قال: فأدب يتحلى به. قال: فإن عدمه. قال: فمال يستره. قال: فإن عدمه. قال: فصاعقة تحرقه وتريح البلاد والعباد منه.
فصل في الاستشارة
قال الله تعالى: "وشاورهم في الأمر".
وقال نبيه ﷺ: "ما ندم من استشار ولا خاب من استخار".
وقال عبد الله بن المعتز: من شاور لم يعدم في الصواب مادحا، وفي الخطأ عاذرا.
وقال بشار بن برد: المشاور بين إحدى حسنتين، صواب يفوز بثمرته، أو خطأ يشارك في مكروهه.
وقال أعرابي: ما عنيت قط حتى يعني قومي. قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا أفعل شيئا حتى أشاورهم.
وقال عقيل القمي: لا يدرك الصواب بالرأي الفرد، فليستعن مكدود بوادع، ومشغول بفارغ.
وقال المأمون: ثلاث لا يعدم المرء الرشد فيهن: مشاورة ناصح، ومداراة حاسد، والتجنب للناس.
وقال آخر: شاور من جرب الأمور، فإنه يعطيك من رأيه ما وقع عليه غاليا، وأنت تأخذه مجانا.
فصل
اثنين
قال رسول الله ﷺ، ذات يوم لأصحابه: "ألا أخبركم بأشقى الأشقياء؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذاك من اجتمع عليه شيئان: فقر الدنيا، وعذاب الآخرة".
وقال علي ﵁: لن يعدم من الأحمق خلتين، كثرة الالتفات وسرعة الجواب بغير عرفان.
وقال الصادق ﵁ لسفيان الثوري: يا سفيان: خصلتان من لزمهما دخل الجنة، قال: وما هما يا ابن رسول الله؟ قال: احتمال ما تكره إذا أحبه الله، وترك ما تحب إذا كرهه الله، فاعمل بهما وأنا شريكك.
وقال آخر: السخاء سخاءان، سخاء بما يملك؛ وسخاء عما في أيدي الناس. والصبر صبران، صبر على ما يكره، وصبر عما يحب. والعجز عجزان، ترك الأمر إذا أمكن، وطلبه إذا فات. والحزم حزمان، حفظ ما وليت، وترك ما وفيت.
وقال لقمان لابنه يا بني شيئان إذا أنت حفظتهما لا تبالي ما صنعت بعدهما؛ ذنبك لمعادك، ودرهمك لمعاشك.
وقال عبد الملك بن مروان: خلتان لا تدعوهما إن قدرتم عليهما، تعلم العربية، ولباس الثياب الفاخرة، فإنها الزينة والمروءة الظاهرة.
وكان يقال: من كمال إيمان المرء خصلتان، لا يدخله الرضا في باطل، ولا يخرجه الغضب عن حق.
وقال آخر: دعوتان؛ أرجو إحداهما كما أخاف الأخرى: دعوة مظلوم أعنته، ودعوة ضعيف ظلمته.
وقال آخر: شيئان يجب على العاقل أن يتحفظ منهما: حسد أصدقائه، ومكر أعدائه.
وقال آخر: موطنان لا أعتذر من العي فيهما: إذا خاطبت جاهلا، أو سئلت حاجة.
وقال آخر: شيئان قلما يجتمعان: الشعر الجيد، واللسان البليغ.
وقال آخر: شيئان قد عزا وأعوزا: درهم حلال، وأخ في الله ﷿.
وقال آخر: اثنان معذبان: غني حصلت له الدنيا؛ فهو بها مشغول مهموم، وفقير زويت عنه، فنفسه تتقطع عليه حسرات.
وقال آخر: طالب الدنيا بين خصلتين مذمومتين: إن نال منها ما أمله تركه لغيره، وإن لم ينله مات بغصته.
فصل ثلاثة
قال رسول الله ﷺ: "رفع القلم عن ثلاث: النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق".
وقال ﵊: "ثلاث مهلكات وثلاث منجيات؛ فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات: فخشية الله بالسر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الرضى والغضب".
وقال المدايني: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: حكيم من أحمق، ومؤمن من فاجر؛ وشريف من وضيع.
وقال المأمون: الرجال ثلاثة: فرجل كالغذاء لا يستغنى عنه، ورجل كالدواء يحتاج إليه في الأوقات، ورجل كالداء لا يحتاج إليه أبدا.
وقال: ثلاثة لا عار فيهم: الفقر، والمرض، والموت.
1 / 11
وقال آخر: يتم سرور الرجل بثلاث: أن يأكل من غرس يده، ويشتم ولد ولده، ويسمع شعره يغنى به.
وقال عمر بن الخطاب ﵁ ثلاث تثبتن لك الود في صدر أخيك أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه.
وقال الأحنف بن قيس: مهما كان عندي من أناة فلا أناة عندي في ثلاث: الصلاة إذا حضرت أن أؤديها في وقتها، والميت إذا مات أن أواريه، والمرأة إذا حضر كفؤها أن أزوجها.
وقال: ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة: الإنصاف في المعاشرة. والمواساة في الشدة والرخاء، والانطواء على المودة.
وقال: ثلاث لا أفعلهن إلا ليتأدب بهن غيري: لا أذكر أحدا في مغيبه بخلاف ما أذكره في حضوره، ولا أدخل نفسي في أمر لا أدخل فيه، ولا آتي السلطان حتى يدعوني.
وقال: ما نازعني أحد قط إلا أخذت في أمري معه بإحدى ثلاث خصال: إن كان فوقي عرفت له حقه، وإن كان دوني أكببت نفسي عنه، وإن كان مثلي تفضلت عليه.
وقال رسول الله ﷺ: "ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفا ولا عدلا ولا صلاة، ولا ترفع لهم حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه، والمرأة الساخط عليها بعلها حتى يرضى عنها، والسكران حتى يصحو".
ولما قتل أنو شروان، بزرجمهر وجد في منطقته كتابا فيه ثلاث كلمات. وهي إن كان القدر حقا فالحرص باطل، وإن كان الغدر في الناس طباعا فالثقة بكل أحد عجز، وإن كان الموت لكل حي بمرصد فالطمأنينة إلى الدنيا غرور.
وقال آخر: الملوك تحتمل كل شيء ما خلا ثلاثة أشياء: إفشاء السر والتعرض للحرم، والقدح في الملك.
وقال عبد الرحمن بن شبيب بن شيبة: المودة على ثلاثة أضرب: فمودة الله ﷿ لغير رغبة ولا رهبة، وهي التي لا يشوبها غدر ولا خيانة. ومودة مقة ومعاشرة، ومودة رغبة أو رهبة، وهي شر المودات وأسرعها انتقاضا.
وقال آخر: محرم على السامع تكذيب القائل إلا في ثلاث: جاهل صبر على مضض المصيبة، وعاقل أبغض من أحسن إليه، وحماة أحبت كنة.
وقال آخر: ينبغي للأصاغر أن يتقدموا الأكابر في ثلاث مواطن: إذا ساروا ليلا، أو خاضوا سبيلا، أو واجهوا خيلا.
وقال أفلاطون: تجب الرحمة لأحد ثلاثة: عاقل يجري عليه حكم جاهل، وضعيف في أسر قوي، وكريم يرغب إلى لئيم.
وقال المأمون: ثلاثة لا ينبغي للعاقل أن يقدم عليها: شرب السم للتجربة، وإفشاء السر إلى ذي القرابة الحاسد، وركوب البحر وإن ظن فيه الغنى.
وقال آخر: أكمل الخصال ثلاث: وقار بلا مهابة، وحلم بلا ذل، وسماح بلا طلب مكافأة.
وقال سليمان بن داود ﵉ أبغضت نفسي ثلاثة وغرت أن تطلع الشمس عليهن؛ شيخا جاهلا، وغنيا كذابا، وفقيرا مزهوا.
ولقي بعض الملوك حكيما. فقال له: علمني من حكمتك أيها الحكيم. قال: نعم! احفظ عني ثلاث كلمات؟ قال: وما هن؟ قال: صقلك السيف ليس له جوهر من سبخه خطأ، وبذرك الحب في الأرض السبخة ترجو نباته جهل، وحملك المسن على الرياضة عناء.
وقال العالم ﵁ إن الله خبأ ثلاثا في ثلاث خبأ رضاه في يسير من طاعته، وخبأ سخطه قي يسير من معصيته، وخبأ وليه بين عباده. فلا تستصغرن شيئا من الطاعة، فربما وافق من الله تعالى رضاه وأنت لا تعلم، ولا تستقلن شيئا من المعصية، فربما وافق من الله سخطه وأنت لا تعلم، ولا تحقرن عبدا تراه، فربما كان من أولياء الله وأنت لا تعلم.
وقال الحسن بن سهل: ثلاثة تذهب ضياعا: دين بلا عقل، وقدرة بلا فعل، ومال بلا بذل.
وقال بزرجمهر: ثلاثة نواطق وإن كن خرسا: كسوف البال يدل على رقة الحال، وحسن البشر يدل على سلامة الصدر، والهمة الدنيئة تدل على الغريزة الرديئة.
وقال لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن: الشجاع عند الحرب، والحليم عند الغضب، وأخوك عند حاجتك إليه.
وقال آخر: ثلاثة من عازهم عادت عزته ذلا: السلطان، والوالد، والغريم.
وقال جعفر ﵁: من طلب ثلاثا بغير حق، حرم ثلاثا بحق: من طلب الدنيا بغير حق، حرم الآخرة بحق. ومن طلب الرياسة بغير حق حرم الطاعة بحق. ومن طلب المال بغير حق، حرم بقاءه بحق.
وقال بعضهم: ثلاثة هن أضيع شيء في الدنيا: مصباح يوقد في شمس، ومطر جود في أرض سبخة، وامرأة حسناء تزف إلى عنين.
1 / 12
وقال آخر: الأنس في ثلاثة: الصديق المصافي، والولد البار، والزوجة الصالحة.
وقال آخر: ثلاثة ينبغي أن يكرموا: ذو الشيبة لشيبته، وذو العلم لعلمه، وذو السلطان لسلطانه.
وقال آخر: في المال ثلاث عيوب، يكسب بالحظ، ويحفظ باللؤم، ويتلف بالجود.
وفي كتاب كليلة ودمنة لينفق ذو المال ماله في ثلاثة مواضع في الصدقة إن أراد الآخرة، وفي مصانعة السلطان إن أراد الدنيا، وفي النساء إن أراد نعيم العيش.
وقال آخر: ليس في ثلاثة حيلة: فقر يخالطه كسل، وعداوة يداخلها حسد، ومرض يمازجه هرم.
وقال آخر: إذا حمد الرجل ثلاثة فلا نشك في حريته: جاره، ورفيقه، وقريبه.
وقال آخر: ثلاثة أشياء قليلها كثير: المرض، والنار، والعداوة.
وقال آخر: الغضب يحدث ثلاثة أشياء مذمومة: يفرق الفهم، ويغير المنطق، ويقطع مادة الحجة.
وقال آخر: ثلاثة يضيع عندهم المعروف: اللئيم؛ فإنه بمنزلة الأرض السبخة، والشرير؛ فإنه يرى أن الذي أسديته إليه مخافة شره، والأحمق؛ فإنه لا يدري مقدار ما صنعته إليه.
وكان يقال من ألهم ثلاثا لم يحرم من ألهم الدعاء؛ لم يحرم الإجابة، ومن ألهم الاستغفار، لم يحرم من المغفرة؛ ومن ألهم الشكر، لم يحرم المزيد.
وقال آخر: ثلاثة تنبو الموعظة عن قلوبهم نبو الكرة عن الصفا: ملك فاجر، وشيخ مولع بشرب الخمر، وامرأة تبيت مغرمة برجل.
وقال سهل بن هارون ثلاثة من المجانين وإن كانوا من العقلاء الغضبان، والسكران، والغيران. قيل له فما تقول في المنعظ؟ فضحك وأنشد
وما شر البرية أم عمر و... بصاحبك الذي لا تصحبينا
وكان يقال: لولا ثلاثة ما وضع ابن آدم رأسه لشيء، وإنه معهن لوثاب: الموت، والمرض، والفقر.
وقيل لأعرابي: ما نقمتم من أميركم؟ قال: ثلاث خصال: يقضي بالعشوة، ويطيل النشوة، ويأخذ الرشوة.
وقال رجل لأرسطوطاليس: بلغني أنك اغتبتني. فقال: ما بلغ من قدرك عندي أن أدع لك خلة من ثلاث: علما أعمل فيه فكري، أو عملا صالحا لآخرتي، أو لذة في غير محرم أعلل بها نفسي.
وروي أن بعض الأمراء، أراد أن يستصحب علي بن يزيد الكاتب. فقال له علي: أصحبك على ثلاث خصال لي عليك، وثلاث لك علي. فأما التي لي عليك: فلا تهتك لي سترا، ولا تشتم لي عرضا، ولا تقبل في قول قائل حتى تستبرئ. وأما التي لك علي، فلا أفشي لك سرا، ولا أطوي عنك نصحا، ولا أوثر عليك أحدا. فقال الأمير: نعم الصاحب أنت!
فصل
أربعة
قال رسول الله ﷺ: "أربعة لا تكون إلا بأربعة: لا حسب إلا بتواضع، ولا كرم إلا بتقوى، ولا عمل إلا بنية ولا عبادة إلا بيقين".
وقال ﷺ: "أربع من كنوز الجنة: كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان المصيبة، وكتمان الوجع".
وكتب يوسف ﵇ على باب السجن الذي كان فيه، أربع كلمات، وهي: هذه منازل أهل البلوى، وقبور الأحياء، وشماتة الأعداء، وتجربة الأصدقاء.
وقال الأحنف بن قيس: لا تحمد العجلة إلا في أربعة مواضع: تزويج الأيم إذا وجد لها كفؤ، ودفن الميت، وركوب الأهوال، وصنع المعروف.
وكان يقال: أربعة لا تعرف في أربعة: السخاء في الروم، والوفاء في الترك، والشجاعة في النبط، والغم في الزنج.
وعن المدايني قال خرج الزهري يوما من عند هشام بن عبد الملك. فقال ما سمعت بمثل أربع كلمات تكلم بهن اليوم إنسان عند هشام. قيل له وما هن؟ قال دخل عليه رجل فقال له يا أمير المؤمنين، إحفظ عني أربع كلمات فيهن صلاح ملكك، واستقامة رعيتك. قال هاتهن. قال لا تعدن عدة لا تثق من نفسك بإنجازها، ولا يغرنك المرتقى وإن كان سهلا إذا كان المنحدر وعرا، واعلم أن الأعمال جزاء، فاتق العواقب، واعلم أن الأمور بغتات فكن على حذر.
وقال محمد بن الربيع، لحاتم الأصم على ما بنيت أمرك؟ قال على أربع خصال علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت بذلك نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمل به غيري فأنا منه مشغول، وعلمت أن أجلي لا بد أن يأتيني فأنا أبادره، وعلمت أني لا أغيب عن عين الله فأنا منه مستحي.
وكان يقال: أربعة ليس لأعمالهم ثمرة: مسارة الأصم، والمسرج في الشمس، والباذر في السباخ، وواضع المعروف في غير أهله.
1 / 13
واجتمع حكماء العرب والعجم على أربع كلمات، وهي: لا تحمل نفسك ما لا تطيق، ولا تعمل عملا لا ينفعك، ولا تغتر بامرأة وإن عفت، ولا تثق بمال وإن كثر.
وأربع كلمات صدرت عن أربع ملوك كأنما رميت عن قوس واحدة: قال كسرى: لم أندم على ما لم أقل. وقد ندمت على ما قلت.
وقال قيصر: أنا على رد ما لم أقل، أقدر مني على رد ما قلت.
وقال ملك الصين: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها.
وقال ملك الهند: عجبت ممن يتكلم بالكلمة إن رفعت عنه ضرته، وإن تركت لم تنفعه.
وقال بعضهم: أبذل أربعة لأربعة: لصديقك مالك، ولعدوك عدلك، ولمعرفتك رفدك، وللعامة بشرك.
وقال آخر: أربعة أشياء تسرع إلى العقل بالفساد: الكفاية التامة، والتعظيم الدائم، وإهمال الفكر، والأنفة من التعلم.
وقال آخر: إذا حسنت حال الرجل ابتلي بأربعة: مولاه القديم ينتفي منه، وامرأته يتسرى عليها، وداره يهدمها ويبني غيرها، ودابته يستبدل بها.
وقال آخر: أربعة لا ينبغي لأحد أن يأنف منهن وإن كان شريفا: قيامه في مجلسه لأبيه، وخدمته لضيفه، وقيامه على فرسه، وإكرامه لأهل العلم.
وقال بعض الحكماء: من استطاع أن يمنع نفسه من أربع فهو خليق أن لا ينزل به المكروه: العجلة، واللجاج، والتواني، والعجب.
وقال آخر: أربعة تشتد معاشرتهم: الرجل المتواني، والغني العالم، والفرس المرح، والملك الشديد الملكة.
وقال المأمون الناس بين أربع طبقات إمارة، وتجارة، وصناعة، وزارعة. فمن لم يكن من هؤلاء كان كلا علينا.
وقال آخر: السعادة أربع: تأتي المطلوبات، وسلامة الخلقة، وجودة العقل، ومحبة الناس.
وقال آخر: أربعة من علامات الكرم: بذل الندى، وكف الأذى، وتعجيل الثواب، وتأخير العقاب.
وقال آخر: ينبغي أن تكون المرأة دون الرجل بأربعة أشياء: السن، والطول، والمال، والحسب.
وقال آخر: أربعة أشياء تسرع انحلال النفس: تجرع المغايظ. وقصور الغادات، ورد النصائح، وتضاحك ذوي البخوت بذي العقول.
فصل خمسة
قال رسول الله ﷺ: "خمس من كن فيه كن عليه. قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: النكث، والمكر، والبغي، والخداع، والظلم. فأما النكث. فقال الله تعالى: " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه" وأما المكر. فقال الله تعالى: "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله". وأما البغي. فقال الله تعالى: " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم". وأما الخداع. فقال الله تعالى: "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم". وأما الظلم فقال الله تعالى: "وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون".
وقال ﵊: "خمسة من خمسة محال: الحرمة من الفاسق محال، والكبر من الفقير محال، والنصيحة من العدو محال، والمحبة من الحسود محال، والوفاء من النساء محال".
وقال ﵊: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
وقال علي كرم الله وجهه أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكان قليلا
لا يرجون أحدكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، وإذا لم يعلم أن يتعلم. واعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ فإذا قطع الرأس، ذهب الجسد.
وقال آخر: من كرم المرء خمس خصال: ملكه للسانه؛ وإقباله على شأنه، وبكاؤه على ما مضى من زمانه؛ وحنينه إلى وطنه، وحفظه لقديم إخوانه.
وقال جعفر الصادق ﵁: إن خير العباد من يجتمع فيه خمس خصال: إذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، وإذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا ظلم غفر.
وقال بعض الحكماء: خمسة أشياء تتولد من خمسة: حسن الصمت من العبادة، وحسن الجلسة من الرياسة، وحسن الاستماع من العلم، وحسن الخلق من الكرم، وحسن الجوار من الحلم.
وقال آخر: لا يكون الإنسان عالما حتى تجتمع فيه خمسة أشياء: غريزة محتملة للتعلم، وعناية تامة، وكفاية معينة، واستنباط لطيف، ومعلم ناصح.
وقال آخر؛ ينبغي للعاقل أن يكون من خمسة على حذر: الكريم إذا أهانه، واللئيم إذا أكرمه، والعاقل إذا أحرجه، والأحمق إذا مازحه، والفاجر إذا عاشره.
1 / 14
وقال آخر: لا ينبغي للعاقل أن يسكن بلدا فيه خمسة أشياء: سلطان حازم، وقاض عادل، وطبيب عالم، ونهر جار، وسوق قائم.
وقال آخر: من علامات العاقل خمس خصال: لا يتكلف ما لا يطيق، ولا يسعى لما لا يدرك، ولا ينظر فيما لا يعنيه، ولا ينفق إلا بقدر ما يكسب، ولا يطلب من الجزاء إلا بمقدار ما عنده من العناء.
وقال الأحنف: جهد البلاء خمسة: خادم بطيء، وحطب رطب يوقد منه، وبيت يكف، وخوان ينتظر، وجلواز على الباب يدق.
وقال آخر: لا يتم جمع المال إلا بخمس خصال: التعب في كسبه، والشغل عن الآخرة في إصلاحه؛ والخوف من سلبه؛ واحتمال اسم البخل دون مفارقته، ومقاطعة الإخوان بسببه.
فصل ستة
قال رسول الله ﷺ: "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أذاكم".
وقال ﵊: "قلما يخلو الأحمق من ست خصال: الغضب من غير شيء، والثقة بكل أحد، والكلام في غير موضعه، والعطاء في غير حق، وقلة المعرفة بصديقه من عدوه، وإفشاء السر".
وقال ﵊: "ستة لا تفارقهم الكآبة: الحقود، والحسود، وفقير قريب العهد بالغنى، وغني يخشى الفقر. وطالب رتبة يقصر عنها قدره، وجليس أهل الأدب وليس منهم".
وقال أمير المؤمنين علي ﵁ لا خير في صحبة من اجتمع فيه ست خصال إن حدثك كذبك، وإن حدثته كذبك، وإن ائتمنته خانك، وإن ائتمنك اتهمك، وإن أنعمت عليه كفرك، وإن أنعم عليك من بنعمته.
وقال بعض الحكماء: ستة تقبح، وهي في ستة أقبح: البخل في الأغنياء، والفحش في النساء، والصبوة في الشيوخ، والزمانة في الأطباء، والغضب في العلماء، والكذب في القضاة.
وفي كتاب كليلة ودمنة: ستة لا ثبات لها: ظل الغمام، وخلة الأشرار، والمال الحرام، وعشق النساء، والسلطان الجائر، والثناء الكاذب.
وقال بعض الحكماء عمارة الدنيا منوطة بستة أشياء
أولها: التوفر على المناكح وقوة الداعي إليها، التي لو انقطعت لانقطعت أسباب التناسل معها.
وثانيها: الحنو على الأولاد، الذي لو زال من الحيوان، لزال سبب التربية، وكان في ذلك الهلاك.
وثالثهما: انبساط الأمل الذي به يتعاظم الحرص على المعايش والمهن والعمارة والعمل.
ورابعها: عدم العلم بمبلغ الأجل الذي يصح به انبساط الأمل.
وخامسها: اختلاف أحوال البشر في الغنى والفقر، وحاجة بعضهم إلى بعض؛ فإنهم لو تساووا في حالة واحدة هلكوا في الجملة، وهذا من نظام الحكمة.
وسادسها: وجود السلطان الذي لولا هيبته وكفه العتاة بسطوته، لأهلك الناس بعضهم بعضا.
وقال آخر: لا خير في ستة إلا مع ستة: لا خير في القول إلا مع الفعل، ولا في المنظر إلا مع المخبر، ولا في المال إلا مع الإنفاق، ولا في الصدقة إلا مع النية، ولا في الصحبة إلا مع الإنصاف، ولا في الحياة إلا مع الصحة.
وقال آخر: ينبغي للملك أن يكون له ستة أشياء: وزير يثق به ويفضي إليه بسره، وحصن يلجأ إليه إذا فزع، وسيف إذا نازل الأقران لم يخف نبوته، وذخيرة خفيفة الحمل إذا نابته نائبة حملها معه، وامرأة حسناء إذا دخل إليها أذهبت همه، وطباخ حاذق إذا لم يشته الطعام صنع له ما يشتهيه.
وقال آخر: ست خصال لا يطيقها إلا من كانت نفسه شريفة: الثبات عند حدوث النعمة الجسيمة، والصبر عند نزول المصيبة العظيمة، وجذب النفس إلى العقل عند دواعي الشهوة، وكتمان السر، والصبر على الجوع، واحتمال الجار.
وقال آخر: ستة أشياء تنقص الحزن: استماع كلام الحكماء، ومحادثة الأصدقاء، والمشي في الخضرة، والجلوس على الماء الجاري، ومر الأيام، والتأسي بذوي المصائب.
وقال آخر: السخي من كانت فيه ست خلال: وهو أن يكون مسرورا ببذل ماله، متبرعا بعطائه، لا يتبعه منا ولا أذى، ولا يطلب عليه عوضا من دنيا، يرى أنه بما يفعله مؤديا فرضا ويعتقد أن الذي يقبل عطاءه قاض له حقا.
وقال آخر: أصعب ما على الإنسان ستة أشياء: أن يعرف نفسه، ويعرف عيبه، ويكتم سره، ويهجر هواه، ويخالف شهوته، ويمسك عن القول فيما لا يعنيه.
1 / 15
وقال آخر لابنه: يا بني: إياك والعجلة، فإن العرب كانت تكنها "أم الندامة" لأن فيها عيوبا ستة: يقول صاحبها قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكر، ويقطع قبل أن يقدر، ويحمد قبل أن يجرب، ويذم قبل أن يختبر.
فصل سبعة
قال رسول الله ﷺ: "سبعة أشياء يكتب للعبد ثوابها بعد وفاته: رجل غرس نخلًا، أو حفر بئرًا، أو أجرى نهرًا، أو بنى مسجدًا، أو كتب مصحفًا، أو ورث علمًا، أو خلف ولدًا صالحًا يستغفر له".
وقال ﵊: "سبعة أشياء تدل على عقول أصحابها: المال يكشف عن مقدار عقل صاحبه، والحاجة تكشف عن مقدار عقل صاحبها، والمصيبة تدل على مقدار عقل من نزلت به، والغضب يدل على مقدار عقل الغضبان، والكتاب يدل على مقدار عقل كاتبه، والرسول يدل على مقدار عقل مرسله، والهدية تدل على مقدار عقل مهديها.
وقال بعض الحكماء: اجتنب سبع خصال يسترح جسمك وقلبك، ويسلم دينك وعرضك: لا تحزن على ما فاتك، ولا تحمل على قلبك هم ما لم ينزل بك، ولا تلم الناس على ما فيك مثله، ولا تطلب الجزاء على ما لم تعمل، ولا تنظر بالشهوة إلى ما لا تملك، ولا تغضب على من لا يضره غضبك، ولا تمدح من يعلم من نفسه خلاف ذلك! وقال آخر: من كانت فيه سبع خصال لم يعدم سبعا: من كان جوادا لم يعدم الشرف، ومن كان ذا وفاء لم يعدم المقة، ومن كان منصفا لم يعدم العافية، ومن كان ذا رعاية للحقوق لم يعدم السؤدد، ومن كان متواضعا لم يعدم الكرامة.
وقال شريك بن عبد الله: سبع من عجائب الدنيا: عمياء متنقبة، وسوداء متخضبة، وخصي له امرأة، ومخنث يؤم قوما، وأشعري شيعي، وحنفي مرجئ، وعربي أشقر.
فصل
ثمانية
قال رسول الله ﷺ لأصحابه: "ألا أخبركم بأشبهكم بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: أشبهكم بي من اجتمعت فيه ثماني خلال: من كان أحسنكم خلقا، وأعظمكم حلما، وأبركم بقرابته، وأشدكم حبا لإخوانكم في دينه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأكرمكم عفوا، وأكثركم من نفسه إنصافا".
وقال الصادق ﵁: ينبغي أن يكون في المؤمن ثماني خصال: وقار عند الهزاهز، وصبر عند البلاء، وشكر عند الرخاء، وقنوع بما رزقه الله ﷿، ولا يظلم الأعداء، ولا يتحامل الأصدقاء، وأن يكن بدنه معه في تعب، والناس معه في راحة.
وقال بعض الحكماء: ينبغي أن يجتمع في قائد الجيش ثماني خصال: وثبة الأسد، واستلاب الحدأة، وختل الذئب، وروغان الثعلب، وصبر الجمل، وحملة الخنزير، وبكور الغراب، وحراسة الكركي.
وقال آخر: ثمانية إذا أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: الآتي مائدة لم يدع إليها، والمتآمر على صاحب البيت في بيته، والداخل بين اثنين في حديث لم يدخلاه فيه، والمستخف بالسلطان، والجالس في مجلس ليس له بأهل، والمقبل بحديثه على من لا يسمعه منه، وطالب الخير من أعدائه، وراجي الفضل من عند اللئام.
وقال لؤي بن غالب لامرأته: أي بنيك أحب إليك؟ فقالت: الذي اجتمعت فيه ثماني خلال. لا يخامر عقله جهل، ولا يخالط حلمه سفه، ولا يلوي لسانه عي، ولا يفسد يقينه ظن، ولا يغير بره عقوق، ولا يقبض يده بخل، ولا يكدر صنعه من، ولا يرد إقدامه جبن. قال: ومن هو؟ قالت: ولدك كعب.
وقال آخر: ثمانية لا تمل: خبز البر، ولحم الضأن، والماء البارد، والثوب اللين؛ والفراش الوطيء، والرائحة الطيبة، والنظر إلى كل حسن، ومحادثة الإخوان.
فصل تسعة
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ارتجل علي بن أبي طالب ﵁ تسع كلمات، قطعت الأطماع عن اللحاق بواحدة منهن. ثلاث في المناجاة، وثلاث في العلم، وثلاث في الأدب.
فأما التي في المناجاة فقوله: كفاني عزا أن تكون لي ربا، وكفاني فخرا أن أكون لك عبدا، وأنت لي كما أحب فوفقني لما تحب.
وأما التي في العلم فقوله: المرء مخبوء تحت لسانه، تكلموا تعرفوا، ما ضاع امرؤ عرف قدره. وأما التي في الأدب، فقوله: أنعم على من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره.
وقيل لحكيم. ما النعمة؟ قال هي في تسعة أشياء
1 / 16
في الغنى. فإني رأيت الفقير لا ينتفع بعيش؛ وحسن الخلق، فإني رأيت الضجور لا ينتفع بعيش؛ والشباب، فإني رأيت الهرم لا ينتفع بعيش، والعز. فإني رأيت الذليل لا ينتفع بعيش؛ والوطن، فإني رأيت الغريب لا ينتفع بعيش، والإخوان، فإني رأيت الوحيد لا ينتفع بعيش، والزوجة الصالحة؛ فإني رأيت الأعزب لا ينتفع بعيش.
وقال آخر: تسعة خصال تضر وتعر وليس لأحد فيها عذر: الحقد، والحسد، والبخل، والجبن، والغيبة، والنميمة، والخيانة، والكذب، والغدر.
فصل عشرة
قال رسول الله ﷺ: "الإيمان في عشرة أشياء: المعرفة، والطاعة، والعلم، والعمل، والورع، والاجتهاد، والصبر، واليقين، والرضا، والتسليم، فأيها فقده صاحبه بطل نظامه".
وقال بعضهم: إحفظ عشرا من عشر: أناتك من التواني، وإسراعك من العجلة، وسخاءك من التبذير، واقتصادك من التقتير، وإقدامك من الهوج، وتحرزك من الجبن، ونزاهتك من الكبر، وتواضعك من الدناءة، وأنسك من الاغترار، وكتمانك من النسيان.
وقال آخر: في السفر عشر خصال مذمومة: مفارقة الإنسان من يألفه، ومصاحبة من لا يشاكله، والمخاطرة بما يملكه، ومخالفة العادة في أكله ونومه، ومباشرة الحر والبرد بجسمه، ومجاهدة البول في إمساكه، ومقاساة سوء عشرة المكارين، وملاقاة الهوان من العشارين، والدهشة التي تناله عند دخول البلد، والذل الذي يلحقه عند ارتياد المنزل.
وقال الحسن بن سهل، الآداب عشرة، فثلاثة منها شهرجانية وثلاثة أنوشروانية. واللعب بالشطرنج، واللعب بالصوالج. وأما الأنوشروانية: فالطب، والهندسة، والفروسية. وأما العربية: فالشعر، والنسب، وأيام العرب. وأما الواحدة التي أبرت عليهن؛ فمقطعات الحديث والسير وما يتذاكره الناس بينهم في المجالس.
باب الفصول القصار من البلاغة والحكمة
فصل في ألفاظ يتمثل بها من القرآن الكريم
1 / 17
"ليس لها من دون الله كاشفة". "ولا يجليها لوقتها إلا هو". "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون". "وضرب لنا مثلا ونسي خلقه". "ذلك بما قدمت يداك". "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان". "أليس الصبح بقريب". "ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة". "وحيل بينهم وبين ما يشتهون" "لكل نبإ مستقر". "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله". "قل كل يعمل على شاكلته". "فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا". "وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها". "كل نفس بما كسبت رهينة". "على قدر يا موسى". "حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة". "وما على الرسول إلا البلاغ". "الآن وقد عصيت قبل". "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة". "ما على المحسنين من سبيل". "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى". "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان". "ولا ينبئك مثل خبير". "ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم". "كل حزب بما لديهم فرحون". "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها". "قل لا يستوي الخبيث والطيب". "فقررت منكم لما خفتكم". "وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض". "وقليل من عبادي الشكور". "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون". "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض". "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء". "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم". "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم". "وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين". "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون". "اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم". "ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون". "فذكر إنما أنت مذكر" "لست عليهم بمصيطر". "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدرون". "يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين". "فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين". "وذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين". "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى". "كل يوم هو في شأن". "فبأي حديث بعده يؤمنون". "تلك إذا قسمة ضيزى". "وما ربك بغافل عما يعملون". "واهجرهم هجرا جميلا". "وأعطى قليلا وأكدى". "من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها". "إن هي إلا فتنتك". "وقليل ما هم". "فاعتبروا يا أولي الأبصار". "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم". "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت". "ولتعلمن نبأه بعد حين". "وكان بين ذلك قواما". "وإذا الوحوش حشرت". "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم". "وكأن لم يغنوا فيها". "لمثل هذا فليعمل العاملون". "ولا تنس نصيبك من الدنيا". "وأحسن كما أحسن الله إليك". "كل من عليها فان". "كل نفس ذائقة الموت". "أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون".
فصل في أمثال العرب
مرعى ولا كالسعدان، ماء ولا كصداء، فتى ولا كمالك؛ شب عمرو عن الطوق؛ أتتك بحائن رجلاه؛ في بيته يؤتى الحكم؛ مع الخواطئ سهم صائب؛ أهون هالك عجوز في سنة؛ سكت ألفا ونطق خلفا؛ في الصيف ضيعت اللبن؛ أنجز حر ما وعد؛ أريها السها وتريني القمر؛ ليس هذا عشك فادرجي؛ استنت الفصال حتى القرعى؛ يحمل شن ويفدى لكيز؛ نعم كلب من بؤس أهله؛ يداك أوكتا؛ وفوك نفخ؛ إن ذهب عير فعير في الرباط؛ رمتني بدائها وانسلت؛ لا تعدم الحسناء ذاما؛ رجلا مستعير أسرع من رجلي مؤد؛ إذا عز أخوك فهن؛ تسمع المعيدي خير من أن تراه؛ يا عاقد اذكر حلا؛ يركب الصعب من لا ذلول له؛ غثك خير لك من سمين غيرك؛ مكره أخوك لا بطل؛ من يأت الحكم وحده تفلح حجته؛ يا لها سعة لو أن معها دعة. حال الجريض دون القريض؛ المنية ولا الدنية؛ ترك الخداع من كشف القناع؛ بكل واد بنو سعد؛ من استرعى الذئب ظلم؛ من أكثر أهجر؛ كمعلمة أمها البضاع؛ تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها؛ أنيسا آكل لحمي آكل لحمي ولا أدعه لآكل؛ لا عطر بعد عروس؛ بلغ السيل الزبى؛ سبق السيف العذل؛ أطري فإنك ناعلة؛ أحشفا وسوء كيلة؛ أنجد من رأى حضنا؛ خير إناءيك تكفئين؛ لا رأي لكذوب؛ شغلت شعابي جداوي؛ التصريح مما يريح؛ طال الأمد على لبد؛ إذا جاء الحين غطى على العين؛ الحر حر وإن مسه الضر؛ العبد عبد وإن كان في رغد، لا تهرف بما لا تعرف؛ عاد عيث على ما أفسد؛ من ير يوما ير به؛ من يسمع يخل؛ المرء يعجز لا محالة.
فصل الأخبار بما أوله ألف
1 / 18
السعيد من وعظ بغيره. الأعمال بخواتيمها. الناس كإبل ماية لا تكاد تجد فيها راحلة. التوبة تهدم الحوبة. التحدث بالنعم شكر. الدال على الخير كفاعله. الصبر عند الصدمة الأولى. آفة العلم النسيان. الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. الحلم سجية فاضلة. الصاحب مناسب. الإنصاف راحة. العجلة زلل. التواني إضاعة. الصدود آية المقت. الفكرة مرآة صافية. المودة قرابة مستفادة. أخلق بمن غدر ألا يوفى له. الهيبة مقرونة بالخيبة. الحياء مقرون بالحرمان. المؤمن لا يحيف على من يبغض. الفقر يخرس الفطن عن حجته. الناس أعداء ما جهلوا. أفضل المعروف نصرة الملهوف. التواني عن العناية بالخير شر كبير. الجود حارس العرض من الذم. الكامل من عدت هفواته. الجود بذل الموجود. الحق ما أقصى عنك ما تكره، وجلب إليك ما تحب. المرض حبس البدن، والهم حبس الروح. الأطراف منازل الأشراف. إعلان الشماتة كيد العدو العاجز. العيون طلايع القلوب. العشق داء لا يعرض إلا للقلوب الفارغة. أوجع الضرب ما لا يمكن معه البكى. العبد من لا عبد له. الناس على دين الملك. المفروح به هو المحزون عليه. الأناة محمودة إلا عند إمكان الفرصة. الإرجاف زند الفتنة. الولاية وكل مدح، والعزل وكل ذم. السلاح ثم الكفاح. المساورة قبل المشاورة. التوقيف قبل التعنيف. الفرار في وقته ظفر. المذاكرة صيقل العقل. أقصر لما أنصر. الدهر أفصح المؤدبين. أجلست عبدي فاتكأ. أعطي العبد كراعا فطلب ذراعا. النساء يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام. النسيئة نسيان والتقاضي هذيان.
اصطلح الخصمان وأبى القاضي. البطنة تذهب الفطنة. العاقل يترك ما يحب خوفا من العلاج بما يكره. الشر يأتي من لا يأتيه. اللئام أصبر أجسادا؛ والكرام أصبر أنفسا. الجهل موت الأحياء. المستشير على طرف النجاح. الأحمق في شبابه خرف. الزلل مع العجل. أشد الجهاد مجاهدة الغيظ. الرأي نائم والهوى يقظان. الشكر أفضل من النعم لأنه يبقى وتلك تفنى. النظر إلى أحمق سخنة عين. المحبوب مسبوب. أقرب رأييك إلى الصواب أبعدهما من هواك. الحذق لا يزيد في الرزق. الطمع خمر بغير مزاج. الأماني أحلام المستيقظ. أعرف الناس بالعوار المعور. اليأس حر والأمل عبد. أسرع الناس إلى الفتنة أقلهم حياء من الفرار. الأماني تعمي عيون البصائر.
الأماني تخدعك، وعند الحقائق تدعك. العفو عن المقر لا عن المصر. أزهد الناس في عالم أهله. النصح بين الملإ تقريع. الطبيعة مصارفة فإذا زادت في العقل نقصت من الرزق. الأمل رفيق مؤنس إن لم ينفعك ألهاك. أنت أخو العزة ما التحفت بالقناعة. المنية تضحك من الأمنية. السلم سلم السلامة. الرشا رشا الحاجة. البخل سوس السياسة. البشر عنوان الكرم. البشر نور الإنجاب. عطاء الشعراء من فروض الأمراء. إعطاء الشاعر ضرب من بر الوالدين. أفضل المدح ما كان على ألسنة الأحرار. الليل يكفيك الجبان ويصف الشجاع. الليل أخفى للويل. الشباب باكورة الحياة. أكل القليل مما يضر، خير من أكل الكثير مما ينفع. إغباب الزيارة أمان من الملالة. الغالب بالشر مغلوب. أشر الرجل في النعمة على قدر استكانته في المحبة. أصح الثناء ما اعترف به الأعداء. الهدية ترد بلاء الدنيا؛ والصدقة ترد بلاء الآخرة. استقبال الموت خير من استدباره. الفار طريدة من طرائد الموت.
البرايا أهداف البلايا. الدهر دول والأيام عقب. الزمان ذو ألوان. الجبان معين على نفسه. استعطاف المتجني مؤونة على الإنصاف. أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه. أصاب متأن أو كاد، وأخطأ مستعجل أو كاد. التثبت من الله، والعجلة من الشيطان. الحر عبد إذا طمع؛ والعبد حر إذا قنع. المرء كثير بأخيه. الإنسان بالإخوان كالسلطان بالأعوان. العري الفادح، خير من الزي الفاضح. أحسن ما يكون الحسن بجنب القبيح.
العلم يمنع أهله أن يمنعوه أهله. البخل بالعلم على غير أهله، قضاء لحقه ومعرفة لفضله. العلم أكثر من ا، يحاط به فخذوا من كل شيء أحسنه. العلماء غرباء لكثرة الجهال. الملوك حكام على الناس؛ والعلماء حكام على الملوك.
الخط الحسن يزيد الحق وضوحا. الخط صور ضئيلة لها معان جليلة. الخط يخاطب العيون بسرائر القلوب. القلم أصم يسمع النجوى؛ وأخرس يفصح بالدعوى. القلم شجرة ثمرها المعاني، والفكرة بحر لؤلؤه الحكمة.
1 / 19
الصمت منام والكلام يقظة. العجب آفة اللب. المروءة ترك اللذة، واللذة ترك المروءة. الرفق والدوام وعلى الله التمام. الجاهل عدو لنفسه فكيف يكون صديقالغيره؟ الدنيا لا تعطي أحدا ما يستحقه: إما أن تزيده وإما أن تنقصه. إخوان السوء كثيرة. النار تحرق بعضها بعضا. الكريم إذا أساء فعن خطيئة، وإذا أحسن فعن نية. الأعمال المفروضة تذكر العبد بربه. الغيرة مفتاح الطلاق. الفهم شعاع العقل. الحدة سورة الجهل. الفتنة ينبوع الأحزان. أمن الزمان زمانة العقل. النعم أطواق إذا شكرت؛ وأغلال إذا كفرت. الشكر على النعم السالفة، تقتضي النعم المستأنفة. الظفر شافع المذنبين إلى الكرماء. أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. الاعتراف يهدم الاقتراف. أخطر شيء بالإنسان غلطه فيمن يثق به. أول الغضب جنون وأخره ندم. المزاح سباب الحمقى. الدين وقر طالما أثقل الكرام.
المصيبة بالصبر أعظم المصيبتين. الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها. أحق ما صبر عليه ما لا بد منه. أحق ما رد ما خالف شهادة العقل.
الدنيا والآخرة ضرتان؛ إن أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى. الدنيا والآخرة ككفتي الميزان؛ إن رجحت إحداهما خفت الأخرى. الناس في الدنيا بالأحوال، وفي الآخرة بالأعمال.
الأمور بعواقبها؛ والأعمال بخواتمها. الحر إذا جرح آسى؛ وإذا خرق رفا؛ وإذا أضر من جانب نفع من جانب. إفراط التغافل تسافل. إفراط الدماثة غثاثة. الحق حق وإن جهله الورى؛ والنهار نهار وإن لم يره الأعمى. النفس مائلة إلى شكلها؛ والطير واقعة على مثلها. الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود. الله يمهل ولا يهمل. إنما يعجل من يخاف الفوت. الأدب بين أهله نسب. الأدب من الأب والصلاح من الله.
السماع إدام المدام. الدنيا معشوقة وريقها الراح. الشرب على غير الدسم سم؛ وعلى غير النغم غم. الساجور خير من الكلب. الكريم يظلم من فوقه واللئيم يظلم من تحته. الحاسد يرى زوال النعمة نعمة عليه. الغربة كربة والنقلة مثلة، أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب.
النحو في الكلام كالملح في الطعام. اللحن في المنطق كالجدري في الوجه. الشجاع موقى والجبان ملقى. الأنام فرائس الأيام. البحر لا يخاض والليث لا يراض. الوسن يرى الحلم الحسن. أمور تمور وأحوال تحول. السنون تغير السنن. اللسان صغير الجرم؛ عظيم الجرم. استراح اللاغب وزهد الراغب. المقادير تجري بخلاف التقدير. أثقل من غريم على عديم. السفر يسفر عن أخلاق الرجال. التخفيف في العبادة خير عادة. اللهب لا ينقص من الذهب.
القلم أحد اللسانين. العم أحد الوالدين. العجيزة أحد الوجهين. رأس المال أحد الربحين. الخضاب أحد الشبابين. سامع الغيبة أحد المغتابين. بذل الجاه أحد الرفدين.
فصل الأخبار بسائر الحروف
كل الصيد في جوف الفرا. علم لا ينفع ككنز لا ينتفع به. نعم الختن القبر. جدع الحلال أنف الغيرة. حبك للشيء يعمي ويصم. شر الناس من اتقاه الناس لشره. جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها. خير شبابكم من تشبه بالشيوخ، وشر شيوخكم من تشبه بالشباب. من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. سيد القوم خادمهم. شر العمى عمى القلب. مطل الغني ظلم. خير الأمور أوساطها. خير ما جربت ما وعظك. خير المقال ما صدقه الفعال. لكل مقبل إدبار. لكل أمر عاقبة. ظلم الضعيف أفحش ظلم. رأي الشيخ خير من مشهد الغلام.
لقاء أهل الخير عمارة القلوب الواهية. من التوفيق الوقوف عند الحيرة. رضي بالذل من كشف ضره. خاطر بنفسه من استبد برأيه. رسولك ترجمان عقلك. قيمة كل امرئ ما يحسن. قطيعة الجهل تعدل صلة العاقل. صاحب المعروف لا يقع وإن وقع يجد متكأ. خير من الخير مسديه، وشر من الشر من يأتيه. حسن الأخلاق أنفس الأعلاق. من تمام الصدق الأخبار بما تحتمله العقول. من مأمنه يؤتى الحذر. من صلاح نفسك معرفتك بفسادها. من أشرف الكرم غفلتك عما تعلم.
1 / 20