Adabka Xasan Al-Basri
آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه
Noocyada
وكان ابن هبيرة لا يستشفي دون أن يسمع قول الحسن، فقال: قل ما عندك يا أبا سعيد، فقال الحسن: أوليس قد قال الشعبي؟ فقال ابن هبيرة: ما تقول أنت؟ فقال: أقول -والله- يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله، فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره، فيخرجك من سعة قصرك، إلى ضيق قبرك، فلا يغني عنك ابن عبد الملك شيئا، فبكى عمر بن هبيرة بكاء شديدا، وأجزل جائزة الحسن، وقصر في جائزة الشعبي.
ثم خرج الشعبي إلى المسجد، فلما اجتمع أهل مجلسه، قال: أيها الناس! من استطاع منكم أن يؤثر الله -عز وجل- على خلقه، فليفعل؛ إن الأمير ابن هبيرة أرسل إلي وإلى الحسن، فوالذي نفسي بيده! ما علم الحسن شيئا جهلته، ولكن راعيت ابن هبيرة، وأردت رضاه، وقصرت في قولي له، فأقصاني الله وأبعدني، وكان الحسن مع الله -عز وجل- فقربه وأدناه، وسخر ابن هبيرة، فآثره وحباه.
وقيل: خرج الحسن يوما من عبد ابن هبيرة، فإذا هو بالقراء على بابه، فقال: ما جاء بكم هاهنا؟ لا كثر الله جمعكم، تريدون الدخول على هؤلاء الجربى! فوالله ما مخالطتهم مخالطة الأبرار، ولا مجالسهم مجالس الأخيار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، ولا كثر الله في المسلمين مثلكم، حذوتم نعالكم، وشمرتم ثيابكم، وجزرتم رؤوسكم، وكحلتم أعينكم، فكنتم شر عصابة، حلقوا الشوارب للطمع، فضحتم القراء، لا جمع الله شملكم.
أما -والله- لو زهدتم فيما عندهم، لرغبوا فيما عندكم، فأبعد الله من أبعد، وما أحسبه غيركم، ثم انصرف مغضبا.
Bogga 108