فصل [فضيلة الداعين والذاكرين]
وأهل الدعاء والخير والذكر في الدنيا ألذ من أهل اللذة، قال مالك بن دينار: رأيت بالبحرين قصرا مشيدا طريا، وعلى بابه مكتوب:
طلبت العيش أسعد ناعميه ... وعشت من المعايش في نعيم
فلم ألبث ورب الناس طورا ... سلبت من الأقارب والحميم
فقلت: ما هذا القصر؟ فقالوا: هذا أنعم أهل البحرين، مات فأوصى أن يدفن في قصره، وأن يكتب على بابه هذا الكلام. قال مالك: فعجبت من معرفته، فهلا يستقبله الموت بتوبة، ثم بكى مالك؛ إذ غمس أنعم الناس كان في الدنيا في العذاب غمسة، قيل له: هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: [لا] يا رب!
ففي الحقيقة النعيم الذي لا ينفد هو طاعة الله وذكره ومحبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه؛ فإن هذا نعيم لأهله في الدنيا.
Bogga 117