ما ترى ما بهؤلاء الأطفال من الجوع؟، ولا يحل لك أن تحمل عليهم ما لا طاقة لهم به، قال: فتوضأت، وكان لي صديق لا يزال يقسم على الله إن تكن لي حاجة أن أعلمه بها، ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد فذكرت ما روي عن أبي جعفر، قال: من عرضت له حاجة إلى مخلوق فليبدأ فيها بالله -عز وجل-، فدخلت المسجد وصليت ركعتين، فلما كنت في التشهد أفرغ علي النوم، فرأيت في منامي أنه قيل: يا شقيق! أتدل العباد على الله، ثم تنساه!، فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني به ربي فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة، ثم انصرفت إلى المنزل فوجدت الذي أردت أن أقصده قد حركه الله، وأجرى لأهلي على يديه ما أغناهم.
وعن إبراهيم بن أدهم: أنه خرج إلى الغزو مع أصحابه، وأنهم تناهدوا، فوضع كل واحد منهم دينارا، ففكر فيمن يقصد من إخوانه ويستقرض منه، ثم استفاق فبكى، وقال: واسوأتاه! أطلب من العبيد وأترك مولاهم؟!، فيقول لي: من كان أحق أن يطلب منه؛ أنا أو عبيدي؟! ثم توضأ وصلى وخر ساجدا، وقال: يا رب! قد علمت ما كان مني، وذلك بخطأي وجهلي؛ فإن عاقبتني عليه فأنا أهل لذلك، وإن عفوت عني فأنت أهل لذلك، وقد عرفت حاجتي، فاقضها برحمتك، ثم رفع رأسه، فإذا هو بنحو أربع مئة دينار، فتناول منها دينارا واحدا وذهب.
Bogga 109