Adab Carab
أدب العرب: مختصر تاريخ نشأته وتطوره وسير مشاهير رجاله وخطوط أولى من صورهم
Noocyada
الشعر السياسي:
وظهر إذ ذاك الشعر السياسي: جماعة يدافعون عن النبي محمد ودينه، وجماعة يناضلون عن دينهم القديم ويعادون النبي.
فهذا الشعر السياسي كان جاهليا لفظا ومعنى، أسلوبا وغرضا، إلا أنه تناول شيئا لم يتناوله الشعر القديم، وهو المعاني الدينية، وكثرت فيه ألفاظ لم يذكرها من سبقهم من الشعراء. وهذه الألفاظ وردت في القرآن الكريم ، كالألفاظ الدينية؛ فمنهم من يكثر من ذكرها؛ كعبد الله بن رواحة من شعراء الأنصار، ومنهم من كان حينا يذكر وحينا لا يذكر؛ كحسان بن ثابت. أما شعراء قريش المعارضون للنبي ودينه الجديد فكانوا يلمون بها إلماما.
الهجرة:
معارضة قريش للنبي دعته للهجرة كما تقدم، وحدثت حروب كثيرة. كل ذلك فتح مجالا للشعر والإكثار منه؛ كالفخر والهجاء والرثاء، فكان عصر النبي عصرا نهض فيه الشعر نهضة لم تحدث في الجاهلية، حتى إن قريشا عرفت به وكان قليلا فيها، لأن القرشيين شعب منصرف للتجارة وله السيادة على الكعبة.
وبعد موت النبي وحدوث حروب الردة وظفر الإسلام، انقطعت المعارضة واشتد الميل للفتح، وزالت الخصومة الدينية في الحجاز، وكان عمر ينال ممن يذكر تلك الأيام وأشعارها حتى نهى حسانا عن إنشاد شعره في مسجد النبي، فضعفت العناية بالشعر وانصرفوا إلى الحروب والفتوح وتأسيس الدولة وتمصير الأمصار.
قل الاعتناء بالشعر، ولكن لم ينصرف عنه العرب كل انصراف، بل بقي منهم من يقوله مدحا وهجاء وفخرا.
ومنهم الحطيئة، وكعب، والشماخ بن ضرار، والنابغة الجعدي، فهؤلاء ظلوا يقولونه كأنهم في الجاهلية. كما أن البعض منهم انصرفوا عنه أو كادوا بعد وفاة النبي؛ مثل حسان بن ثابت، ولبيد.
أما الحطيئة فلم يتأثر بشيء من حيث المبدأ، بل ظل هجاء حتى حبسه عمر. وهناك شاعر آخر اسمه ضابئ البرجمي، أقذع في هجوه حتى حبسه عثمان، ومات في السجن.
هذان الشاعران وأمثالهما لم يتركوا جاهليتهم وتفكيرهم، ولكنهم تأثروا بالتعبير القرآني وبعض معانيه والحياة الإسلامية الجديدة، فظهر شيء في شعرهم لم يكن مألوفا من ذي قبل، كقول الحطيئة:
Bog aan la aqoon