Adabka Caruurta: Hordhac Gaaban
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
تستجيب القصص العائلية دائما للنظريات المتغيرة حول الأطفال والطفولة، إلى جانب أنها تتشكل بفعل العوامل العامة مثل التوجهات الاقتصادية والدينية. بعدما أصبح علم نفس الأطفال فرعا علميا معترفا به، فإن رؤاه العميقة - على سبيل المثال - بشأن العوالم الداخلية للأطفال وتطورهم الإدراكي واحتياجاتهم العاطفية، غزت أدب الأطفال بشكل عام وأثرت بقوة على القصة العائلية بشكل خاص. ويمكن رؤية ذلك بوضوح في فيض القصص العائلية للأطفال الصغار، والتي - بعيدا عن تسليط الضوء على غياب الأبوين والعائلات التي تجتث من أصولها أو تبتلى بأزمات - تؤكد على الاستقرار والروتين المنزلي. وتتمثل الأمثلة النموذجية على هذه الرؤية في قصص دوروثي إدواردز «أختي الصغيرة الشقية» (1952-1974) وروايات بيفرلي كليري التي تدور حول بيزوس كويمبي وشقيقتها الصغرى رامونا (1968-1999). وعلى الرغم من اسمي الأختين كويمبي الغريبين وصفة «الشقية» التي تصف بها الأخت الكبرى - وهي الراوية - أختها الصغيرة في قصص إدواردز، فليس هناك شيء غير معتاد يقع في أي من هذه القصص. وإنما تظهر العوالم الداخلية للأطفال ودراما الحياة اليومية في إطار العائلة. وفي حين أن أبطال هذه القصص مألوفون من واقع القصص العائلية التقليدية، فإن البناء السردي التقليدي الذي يعكس الاضطراب - حيث تبتلى العائلات بمحن ثم تنتصر - غائب إلى حد بعيد عن هذه القصص. وهذه القصص تستهدف قراء أصغر سنا إلى حد كبير من هؤلاء الذين استهدفتهم القصص العائلية السابقة، كما أنها - في السياق نفسه - تتكون من سلسلة من الحلقات المنفصلة بدلا من تطوير بناء سردي مطول.
شكل 4-2: رسم شيرلي هيوز لقصة «في الحفل»، إحدى قصص مجموعة «أختي الصغيرة الشقية» (1952)؛ حيث يصور الأخت الصغيرة الشقية وهاري السيئ وهما يأكلان خفية كل الحلوى في حفل عيد الميلاد لينتهي بهما الحال بألم في معدتيهما.
2
يمكن الزعم بأن معظم القصص العائلية اليوم موجهة للقراء الأصغر سنا. وتتشابه قصص فرانشيسكا سايمون العديدة بعنوان «هنري المروع» (1994- ) - والتي دائما ما تأتي في مجموعات قصصية متنوعة - في طبيعتها مع كتب إدواردز وكليري، بيد أن الجمهور يمكنه متابعة حظ هنري المروع في صيغ عدة. أما التغيير الأكثر جذرية الذي طرأ على الشكل، فهو فكرة القصة العائلية ككتاب مصور. من الصعب على الكتاب المصور بصورة فردية أن يخلق الإحساس بحميمية الأسرة الذي كان يميز القصص العائلية التقليدية. ومع ذلك، فإن القصص المترابطة مثل كتب شيرلي هيوز التي تدور حول لوسي وتوم (1960- ) أو ألفي وآني روز (1981- ) تتعقب أحداث حياة العائلة على مدار الزمن وعبر مجموعة متنوعة من الأحداث اليومية والدراما العائلية البسيطة. وربما تكون لورين تشايلد أول مؤيدي فكرة القصة العائلية ككتاب مصور، وتوضح أعمالها كيف تغيرت العائلات، وكذا طريقة تمثيلها في كتب الأطفال بمرور الوقت. فعلى سبيل المثال، مقارنة بالروتين الهادئ الذي يسهل توقعه والذي يميز قصص لوسي وتوم، يبدو منزل كلاريس بين فوضويا. ومن بين الجوانب المهمة كذلك، أن لورين تشايلد تجعل كلاريس تروي قصصها بنفسها (1999- )، وهكذا يختبر القارئ اضطرابات حياتها العائلية من منظورها الزاخر بالمشاعر؛ ومن ثم تختلف عن الوصف الدقيق الذي يأتينا بضمير الغائب، والذي يوضح كيف يقضي لوسي وتوم يومهما مع أمهما. ويعد تفضيل صوت الطفل ومنظوره تطورا منطقيا للاهتمام بشأن العالم الداخلي للطفل الذي طرح في القرن الماضي، ويظهر كيف أن السياسات العائلية قد تغيرت بعمق بمرور الوقت. ويمكن رؤية ذلك بوضوح شديد في الطريقة التي تعالج بها المشادات بين الإخوة في القصص العائلية.
فحين يتشاجر أطفال فيرتشايلد على دمية في رواية ماري مارثا شيروود «تاريخ عائلة فيرتشايلد» (1818)، يضربون بالعصا على أيديهم ويعاقبون بالوقوف في أحد الأركان طوال الصباح بدون تناول الإفطار، وفي المساء يصحبون لرؤية المشنقة التي تتدلى منها جثة رجل قتل أخيه فحكم عليه بالإعدام. ويوضح النص أن الأبوين فيرتشايلد يفعلان ما بوسعهما لأنهما يحبان أبناءهما، ويؤمنان أنه من واجبهما معاقبتهم أملا في منعهم من أن يلقوا مصير الإخوة الذين لم يعاقبوا على شجارهم معا. أما العقاب الذي يتبع الشجار الذي نشب بين جو وآمي مارش بعدما حرقت آمي بدافع من الحقد النسخة الوحيدة من الكتاب الذي كانت تكتبه جو، فهو عقاب ذو طبيعة أخرى، ولكنه صادم بالقدر نفسه، ويعتبر كذلك أن التنافس بين الإخوة أمر آثم ومهلك. ولشدة غضبها، لم تحذر جو أختها آمي من أن الجليد في المنطقة التي تتزلج بها ليس آمنا، فكادت آمي أن تغرق. ويتضح شعور جو بالندم حين تقر بأفعالها ومشاعرها لمارمي؛ ومن ثم لم تكن هناك حاجة لعقاب آخر. وتظهر شجارات الإخوة بصفة منتظمة في روايات «كلاريس بين» لحياتها العائلية. فكلاريس دائما ما تتشاجر مع أخيها الأصغر مينال - ولكن بعيدا عن الإشارة إلى أي نزعة شريرة فطرية أو الانزلاق إلى منحدر الهلاك - فإن سلوكهما يعتبر جزءا طبيعيا من الطفولة والحياة العائلية المعاصرة. وفي رواية «كلاريس بين، هذه أنا» (1999)، عوقبت كلاريس على قيامها بقلب طبق من المكرونة الإسباجيتي على رأس مينال أثناء مشاجرة لهما، ولكن بدلا من التأكيد على أهمية الإجراء التأديبي، أفسدت لورين تشايلد العقاب. وعلى مدار الكتاب، كانت كلاريس تتوق للحصول على بعض الهدوء والسكينة بعيدا عن عائلتها؛ ومن ثم فإنها تستمتع تماما بالثلاث ساعات الهادئة التي تقضيها في حجرتها كعقاب. كل من الكتب الثلاثة السابقة يشيد بحب الأسرة، ولكن سلوك كل منها تجاه المشاجرات التي تنشب بين الأطفال وأشكال العقاب تظهر بوضوح الطرق التي تغير بها التفكير على مدار القرون.
شكل 4-3: من رواية لورين تشايلد «كلاريس بين، هذه أنا» (1999). غرفة نوم كلاريس، توضح الطريقة التي تحاول بها كلاريس الفصل بين الجزء الخاص بها وذلك الخاص بأخيها من غرفة نومهما المشتركة في محاولة منها للحصول على مساحة شخصية لها في حياتها العائلية الصاخبة.
3
وبينما قد تستخف كتب الأطفال بالخلافات بين أفراد العائلة، فبالنسبة للقراء الأكبر سنا، مثل هذه الخلافات لا تزال تظهر كشيء مضر. بدأت القصص العائلية للقراء الأكبر سنا تعكس الوعي بالنظريات الجديدة التي تنسج حول العائلة مثل تلك المرتبطة بالطبيب النفسي آر دي لينج [أحد نشطاء حركة مكافحة الطب النفسي]. لقد كان لينج ناقدا قويا للمؤسسة الأسرية، حيث كان يتهمها بأنها كيان قمعي يمنع الأفراد من استخدام مواهبهم، وبأنها أصل كل الأمراض العقلية. ومنذ ستينيات القرن العشرين، أصبحت روايات صغار الشباب تتضمن قصصا عائلية مثل رواية إس إي هينتون «السمكة رامبل» (1975)، ورواية روبرت كورماير «إننا جميعنا نسقط» (1991)، حيث تصور العائلة على أنها تهمل أفرادها وتستغلهم وتسيء معاملتهم وتخذلهم؛ ومن ثم تخذل المجتمع بشكل عام، وليست كيانا لتقديم التوجيه والحماية والمساعدة على النمو.
العائلات والأصدقاء
بدأت هذه النظرة الشاملة بالإشارة إلى صمود القصة العائلية، رغم العديد من الضغوط التي مورست عليها مع اختلاف شكل العائلة على مدار الوقت. يتضح هذا الصمود في عدد من الروايات التي تبدو ظاهريا أنها حادت عن تقاليد القصة العائلية. على سبيل المثال، تحكي رواية جاكلين ويلسون «فتيات عائلة دايموند» (2004) قصة عن عائلة مكونة من أم عزباء وخمس بنات كل منهن من أب مختلف. وشخصية سو دايموند نموذج مختلف تماما عن شخصية مارمي التي تتميز بالحكمة والتحكم في النفس: فسو تعيش على الإعانات التي تمنحها لها الدولة، ولا يبدو أنها قادرة على رعاية شئون المنزل، ولا تهتم بإطعام أطفالها على نحو صحي أو التأكد من ذهابهم إلى المدرسة. وعلى الرغم من إخفاقاتها وحقيقة أن بناتها بدأن يكررن نفس أخطائها (حيث حملت إحداهن بنهاية الرواية)، فإن بناتها يحببنها ويحببن بعضهن بعضا، ووفقا لمعايير هذه الرواية العائلية، فإن هذا يجعلها أما صالحة، ويجعل عائلة دايموند عائلة ناجحة. ورغم أن هذه الرواية مبهمة وترسل رسائل مختلطة حول سمات العائلة الصالحة في القرن الحادي والعشرين، فإنها تلتزم بالعديد من تقاليد القصة العائلية، وربما يكون ذلك في أوضح صوره في الطريقة التي تنتهي بجمع شمل أفراد الأسرة معا والتأكيد على أن علاقتهم قد توطدت بفضل المشكلات التي واجهوها.
Bog aan la aqoon