كَانَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، وَجَّهَ الْقَاضِي إِلَى ذَلِكَ الْمَرِيضِ أَوْ الْمَرْأَةِ مَعَ الْمُدَّعِي أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ، وَبَعَثَ مَعَهُ شَاهِدَيْ عَدْلٍ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْمَرْأَةَ أَوْ الْمَرِيضَ، وَكَتَبَ لِلْأَمِينِ الْيَمِينَ الَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَتَاهُ الْأَمِينُ قَالَ لَهُ: إنَّ هَذَا أَتَى الْقَاضِي فَادَّعَى عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَكَ، وَأَمَرَنِي الْقَاضِي بِاسْتِحْلَافِكَ لَهُ، إِنْ كُنْتَ جَاحِدًا لِدَعْوَاهُ، وَالشَّاهِدَانِ حَاضِرَانِ لِذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ الْأَمِينُ: وَكِّلْ وَكِيلًا يَحْضُرُ مَعَ خَصْمِكَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ. فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ حَضَرَ الشَّاهِدَانِ فَشَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا أَقَرَّ بِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ وَكِيلِهِ، وَإِنْ جَحَدَ الدَّعْوَى فَاسْتَحْلَفَهُ الْأَمِينُ عَلَيْهَا أَمَرَهُ أيضًا أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا يَحْضُرُ مَعَ خَصْمِهِ لِيُثْبِتَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً إِنْ كَانَتْ لَهُ، وَإِنْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، يَعْرِضُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ، أَمَرَهُ أيضًا أَنْ يُوكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرُ مَعَ خَصْمِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيَحْضُرُ الشَّاهِدَانِ فَيَشْهَدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَحْضَرٍ مِنْ وَكِيلِهِ بِنُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ، فَإِذَا شَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْوَكِيلِ، حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالدَّعْوَى، بِنُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ، وَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ.

وَإِذَا تَقَدَّمَ الرَّجُلُ إِلَى الْقَاضِي فَادَّعَى حَقًّا عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِحَاضِرٍ مَعَهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنَ الْحُضُورِ مَعَهُ، أَعْطَاهُ الْقَاضِي خَاتَمًا وَقَالَ: أَرِهِ الْخَاتَمَ وَادْعُهُ إِلَيَّ وَأَشْهِدْ عَلَيْهِ. فَإِنْ أُرِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخَاتَمُ وَقَالَ لَهُ: هَذَا خَاتَمُ الْقَاضِي فَاحْضُرْ مَعِي إِلَيْهِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. وَأَشْهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَحْضُرُ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي شَاهِدَانِ مَشْهُورَانِ إِذْ لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُمَا وَكَتَبَ إِلَى الْوَالِي فِي إِحْضَارِ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ بِرَدِّ الْخَاتَمِ وَامْتِنَاعِهِ مِنَ الْحُضُورِ، حَبَسَهُ الْقَاضِي لِذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى تَأْدِيبًا لَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَرَاهُ الْخَاتَمَ وَأَشْهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْعُوهُ إِلَى الْقَاضِي فِي وَقْتِ كَذَا فَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ