Adabka Dunida iyo Diinta
أدب الدنيا والدين
Daabacaha
دار مكتبة الحياة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1407 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Suufinimo
ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَرَى أَنَّ فِيهِ خَيْرًا وَلَا خَيْرَ فِيهِ» . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَا تَعْمَلْ شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ رِيَاءً وَلَا تَتْرُكْهُ حَيَاءً. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ حَسَنَةٍ لَمْ يُرَدْ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى فِعْلَتُهَا قُبْحُ الرِّيَاءِ، وَثَمَرَتُهَا سُوءُ الْجَزَاءِ. وَقَدْ يُفْضِي الرِّيَاءُ بِصَاحِبِهِ إلَى اسْتِهْزَاءِ النَّاسِ بِهِ كَمَا حُكِيَ أَنَّ طَاهِرَ بْنَ الْحُسَيْنِ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيِّ: مُنْذُ كَمْ صِرْت إلَى الْعِرَاقِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: دَخَلْت الْعِرَاقَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً صَائِمٌ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، سَأَلْتُك عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَبْت عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ.
وَحَكَى الْأَصْمَعِيُّ ﵀ أَنَّ أَعْرَابِيًّا صَلَّى فَأَطَالَ وَإِلَى جَانِبِهِ قَوْمٌ فَقَالُوا: مَا أَحْسَنَ صَلَاتَك، فَقَالَ: وَأَنَا مَعَ ذَلِكَ صَائِمٌ:
صَلَّى فَأَعْجَبَنِي وَصَامَ فَرَابَنِي ... نَحِّ الْقَلُوصَ عَنْ الْمُصَلِّي الصَّائِمِ
فَانْظُرْ إلَى هَذَا الرِّيَاءِ، مَعَ قُبْحِهِ، مَا أَدَلَّهُ عَلَى سُخْفِ عَقْلِ صَاحِبِهِ. وَرُبَّمَا سَاعَدَ النَّاسَ مَعَ ظُهُورِ رِيَائِهِ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِنَفْسِهِ، كَاَلَّذِي حُكِيَ أَنَّ زَاهِدًا نَظَرَ إلَى رَجُلٍ فِي وَجْهِهِ سَجَّادَةٌ كَبِيرَةٌ وَاقِفًا عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ فَقَالَ: مِثْلُ هَذَا الدِّرْهَمِ بَيْنَ عَيْنَيْك وَأَنْتَ وَاقِفٌ هَهُنَا؟ فَقَالَ: إنَّهُ ضُرِبَ عَلَى غَيْرِ السِّكَّةِ. وَهَذَا مِنْ أَجْوِبَةِ الْخَلَاعَةِ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا تَهْجِينَ الْمَذَمَّةَ. وَلَقَدْ اسْتَحْسَنَ النَّاسُ مِنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَوْلَهُ، وَقَدْ خَفَّفَ صَلَاتَهُ مَرَّةً، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ: خَفَّفْت صَلَاتَك جِدًّا. فَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يُخَالِطْهَا رِيَاءٌ. فَتَخَلَّصَ مِنْ تَنْقِيصِهِمْ بِنَفْيِ الرِّيَاءِ عَنْ نَفْسِهِ، وَرَفْعِ التَّصَنُّعِ فِي صَلَاتِهِ. وَقَدْ كَانَ النِّكَارُ لَوْلَا ذَلِكَ مُتَوَجِّهًا عَلَيْهِ وَاللُّوَّمُ لَاحِقًا بِهِ.
وَمَرَّ أَبُو أُمَامَةَ بِبَعْضِ الْمَسَاجِدِ فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَنْتَ لَوْ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِك. فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مِنْهُ حَسَنًا؛ لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ بِالرِّيَاءِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ بَرِيئًا مِنْهُ، فَكَيْفَ بِمَنْ صَارَ الرِّيَاءُ أَغْلَبَ صِفَاتِهِ، وَأَشْهَرَ سِمَاتِهِ، مَعَ أَنَّهُ آثِمٌ فِيمَا
1 / 105