Adabka Dunida iyo Diinta

Al-Mawardi d. 450 AH
68

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَهْلَكُ أُمَّتِي رَجُلَانِ: عَالِمٌ فَاجِرٌ وَجَاهِلٌ مُتَعَبِّدٌ. وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَرُّ؟ قَالَ: الْعُلَمَاءُ إذَا فَسَدُوا» . فَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ إذَا رَأَى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ طُلْبَتِهِ، وَيَصْرِفَهُ عَنْ بُغْيَتِهِ. فَلَا يُعِينُهُ عَلَى إمْضَاءِ مَكْرِهِ، وَإِعْمَالِ شَرِّهِ. فَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «وَاضِعُ الْعِلْمِ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ اللُّؤْلُؤَ وَالْجَوْهَرَ وَالذَّهَبَ» . وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا تُلْقُوا الْجَوْهَرَ لِلْخِنْزِيرِ فَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنْ اللُّؤْلُؤِ، وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ شَرٌّ مِنْ الْخِنْزِيرِ. وَحُكِيَ أَنَّ تِلْمِيذًا سَأَلَ عَالِمًا عَنْ بَعْضِ الْعُلُومِ فَلَمْ يُفِدْهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ مَنَعْته؟ فَقَالَ: لِكُلِّ تُرْبَةٍ غَرْسٌ، وَلِكُلِّ بِنَاءٍ أُسٌّ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لِكُلِّ ثَوْبٍ لَابِسٌ، وَلِكُلِّ عِلْمٍ قَابِسٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: إرْثِ لِرَوْضَةٍ تَوَسَّطَهَا خِنْزِيرٌ، وَابْكِ لِعِلْمٍ حَوَاهُ شِرِّيرٌ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْعَالِمِ فِرَاسَةٌ يَتَوَسَّمُ بِهَا الْمُتَعَلِّمَ لِيَعْرِفَ مَبْلَغَ طَاقَتِهِ، وَقَدْرَ اسْتِحْقَاقِهِ لِيُعْطِيَهُ مَا يَتَحَمَّلُهُ بِذَكَائِهِ، أَوْ يَضْعُفُ عَنْهُ بِبَلَادَتِهِ فَإِنَّهُ أَرْوَحُ لِلْعَالِمِ، وَأَنْجَحُ لِلْمُتَعَلِّمِ، وَقَدْ رَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: إذَا أَنَا لَمْ أَعْلَمْ مَا لَمْ أَرَ فَلَا عَلِمْت مَا رَأَيْت. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَا عَاشَ بِخَيْرٍ مَنْ لَمْ يَرَ بِرَأْيِهِ مَا لَمْ يَرَ بِعَيْنَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ: أَلْمَعِيٌّ يَرَى بِأَوَّلِ رَأْيٍ ... آخِرَ الْأَمْرِ مِنْ وَرَاءِ الْمَغِيبِ لَوْذَعِيٌّ لَهُ فُؤَادٌ ذَكِيٌّ ... مَا لَهُ فِي ذَكَائِهِ مِنْ ضَرِيبِ لَا يَرْوِي وَلَا يُقَلِّبُ طَرْفًا ... وَأَكُفُّ الرِّجَالِ فِي تَقْلِيبِ وَإِذْ كَانَ الْعَالِمُ فِي تَوَسُّمِ الْمُتَعَلِّمِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَكَانَ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ خَبِيرًا، لَمْ يَضِعْ لَهُ عَنَاءٌ وَلَمْ يَخِبْ عَلَى يَدَيْهِ صَاحِبٌ. وَإِنْ لَمْ

1 / 81