Adabka Dunida iyo Diinta
أدب الدنيا والدين
Daabacaha
دار مكتبة الحياة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1407 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Suufinimo
اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ فَضِيلَةٍ أُسًّا وَلِكُلِّ أَدَبٍ يَنْبُوعًا، وَأُسُّ الْفَضَائِلِ وَيَنْبُوعُ الْآدَابِ هُوَ الْعَقْلُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلدِّينِ أَصْلًا وَلِلدُّنْيَا عِمَادًا، فَأَوْجَبَ الدِّينَ بِكَمَالِهِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا مُدَبَّرَةً بِأَحْكَامِهِ، وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَ خَلْقِهِ مَعَ اخْتِلَافِ هِمَمِهِمْ وَمَآرِبِهِمْ، وَتَبَايُنِ أَغْرَاضِهِمْ وَمَقَاصِدِهِمْ، وَجَعَلَ مَا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ قِسْمَيْنِ: قِسْمًا وَجَبَ بِالْعَقْلِ فَوَكَّدَهُ الشَّرْعُ، وَقِسْمًا جَازَ فِي الْعَقْلِ فَأَوْجَبَهُ الشَّرْعُ فَكَانَ الْعَقْلُ لَهُمَا عِمَادًا.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَا اكْتَسَبَ الْمَرْءُ مِثْلَ عَقْلٍ يَهْدِي صَاحِبَهُ إلَى هُدًى، أَوْ يَرُدُّهُ عَنْ رَدًى» . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ عُمِلَ دِعَامَةٌ وَدِعَامَةُ عَمَلِ الْمَرْءِ عَقْلُهُ فَبِقَدْرِ عَقْلِهِ تَكُونُ عِبَادَتُهُ لِرَبِّهِ أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الْفُجَّارِ ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠]» .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: أَصْلُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ، وَحَسَبُهُ دِينُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ أَحَدًا عَقْلًا إلَّا اسْتَنْقَذَهُ بِهِ يَوْمًا مَا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعَقْلُ أَفْضَلُ مَرْجُوٍّ، وَالْجَهْلُ أَنْكَى عَدُوٍّ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: خَيْرُ الْمَوَاهِبِ الْعَقْلُ، وَشَرُّ الْمَصَائِبِ الْجَهْلُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ، وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَّانَ:
يَزِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ صِحَّةُ عَقْلِهِ ... وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ مَكَاسِبُهْ
يَشِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ قِلَّةُ عَقْلِهِ ... وَإِنْ كَرُمَتْ أَعْرَاقُهُ وَمَنَاسِبُهْ
1 / 17