204

Adabka Dunida iyo Diinta

أدب الدنيا والدين

Daabacaha

دار مكتبة الحياة

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1407 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Suufinimo
وَالسَّبَبُ الثَّانِي: أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ وَيَلْتَمِسَ الْكَثْرَةَ لِيَصْرِفَهَا فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ، وَيَتَقَرَّبَ بِهَا فِي جِهَاتِ الْبِرِّ، وَيَصْطَنِعَ بِهَا الْمَعْرُوفَ، وَيُغِيثَ بِهَا الْمَلْهُوفَ. فَهَذَا أَعْذَرُ وَبِالْحَمْدِ أَحْرَى وَأَجْدَرُ، إذَا انْصَرَفَتْ عَنْهُ تَبِعَاتُ الْمَطَالِبِ، وَتَوَقَّى شُبُهَاتِ الْمَكَاسِبِ، وَأَحْسَنَ التَّقْدِيرَ فِي حَالَتَيْ فَائِدَتِهِ وَإِفَادَتِهِ عَلَى قَدْرِ الزَّمَانِ، وَبِقَدْرِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ آلَةٌ لِلْمَكَارِمِ وَعَوْنٌ عَلَى الدِّينِ وَمُتَأَلِّفٌ لِلْإِخْوَانِ، وَمَنْ فَقَدَهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا قَلَّتْ الرَّغْبَةُ فِيهِ وَالرَّهْبَةُ مِنْهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ بِمَوْضِعِ رَهْبَةٍ وَلَا رَغْبَةٍ اسْتَهَانُوا بِهِ.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ حِسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا هَذَا الْمَالُ» . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْخَيْرُ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ الْمَالُ: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٍ﴾ [العاديات: ٨] يَعْنِي الْمَالَ وَ: ﴿أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾ [ص: ٣٢] يَعْنِي الْمَالَ: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] يَعْنِي مَالًا.
وَقَالَ شُعَيْبٌ النَّبِيُّ ﵇: إنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ يَعْنِي الْمَالَ. وَإِنَّمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَالَ خَيْرًا إذَا كَانَ فِي الْخَيْرِ مَصْرُوفًا؛ لِأَنَّ مَا أَدَّى إلَى الْخَيْرِ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٠١]
فَقَالَ السُّدِّيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: الْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: فِي الدُّنْيَا الْعِلْمُ وَالْعِبَادَةُ وَفِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ خَوَاتِمُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لَا تُؤْكَلُ وَلَا تُشْرَبُ حَيْثُ قَصَدْتَ بِهَا قَضَيْتَ حَاجَتَك.
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي حَمْدًا وَمَجْدًا فَإِنَّهُ لَا حَمْدَ إلَّا بِفِعَالٍ وَلَا مَجْدَ إلَّا بِمَالٍ. وَقَدْ قِيلَ لِأَبِي الزِّنَادِ: لِمَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ تُدِينُك مِنْ الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: هِيَ وَإِنْ

1 / 219